جمـال حسـين
جمـال حسـين


من الأعماق

الأخبار.. ما أحلى الرجوع إليها

جمال حسين

الأربعاء، 04 نوفمبر 2020 - 06:35 م

على مدى ثلاثةِ عقودٍ أو يزيد، ارتبطتُ بشارع الصحافةِ، وكان فى قلبى ووجدانى المكانُ والمكانةُ، فهو شارعٌ اكتسب اسمه وشهرته من احتضانه لدار أخبار اليوم العريقة، أكبر مؤسسةٍ صحفيَّةٍ بالشرق الأوسط، أسسها العملاقان مصطفى وعلى أمين عام ١٩٤٤، ومنذ ذلك التاريخُ أصبح شارعُ الصحافةِ قِبلةَ الحَالمين بالعمل فى بلاط صاحبة الجلالةِ.
كان شارع الصحافةِ وجْهتى اليوميَّة إلى جريدة الأخبارِ، رائدة صحافة الملايين، التى كانت بالنسْبةِ لى غاية المرادِ من رب العبادِ، وبذلت قصارى جهدى؛ حتى أعيش فى رحابها.
على مدى سنواتٍ طويلةٍ كنتُ وزملائى حريصينَ على الحضور إلى مقر الجريدة مع دقات التاسعة صباحًا، ونستمرُ طوال ساعات النهارِ وثلثىِّ الليلِ حتى نُغادر إلى منازلنا مع تباشير الفجر، عقب انتهاء الطبعةِ الثالثةِ..
وأذكر أنه عندما كنتُ محررًا صغيرًا، رشَّحنى أستاذنا الكبير فاروق الشاذلى، مدير التحرير، رحمه الله، والذى كان صاحب أيادٍ بيضاء على الكثيرين من أبناء جيلى، للسفر إلى الخليجِ؛ لتولى منصب مدير تحرير مجلةٍ كويتيَّةٍ براتبٍ مغرٍ، كنتُ فى أمس الحاجةِ إليه فى ذلك الوقتِ، وحدَّد لى موعدًا للقاء رئيس مجلس إدارة المجلةِ بأحد الفنادقِ الكبرى.. توجهتُ للقاء الضيفِ برفقة صديق العمر الكاتب الصحفى ممدوح الصغير، رئيس تحرير أخبار الحوادث الأسبق، وأنهيتُ جميع الأمور المُتعلقةِ بالسفرِ، وعدتُ إلى الجريدةِ؛ للحصول على إجازةٍ دون مرتبٍ للسفر.. قدَّمتُ الطلبَ للأستاذ جلال دويدار، رئيس تحرير الأخبار فى ذلك الوقتِ، متَّعه اللهُ بالصحةِ والعافيةِ، وفوجئتُ به يثور ثورةً عارمةً، ويُمطرنى بكلماتِ توبيخٍ سريعةٍ يعرفها كل من تعامل مع الأستاذ جلال دويدار عن قربٍ.. قال لى منفعلاً: «هو احنا كل ما نعمل صحفى ويبقى كويس عاوز يسيب الجرنال ويسافر للعمل بالخليج.. مش دى الجريدة اللى لها الفضل عليك عاوز تسيبها؟!»، لم أستطع الردُ، وغادرتُ مكتبه قاصدَا الضيفَ الكويتىَّ، واعتذرتُ له عن عدم السفرِ، وضاعت فرصةٌ يحلم بها أى صحفىٍّ شابٍ مثلى يُريد بناءَ مستقبله. منذ هذا الوقت وأنا أعيش داخل ذلك المبنى الصحفى العريق، لم أبرحه إلَّا بعد صدور قرار تعيينى رئيسًا لتحرير «الأخبار المسائى» قبل اكثر من ٦ سنواتٍ، وكان علىَّ أن أشد الرحالَ إلى «مبنى الإصدارات»، الذى يبعدُ عن مبنى الأخبارِ أمتارًا قليلةً، وكانت تجربة صحفيَّة ثريَّة ومفيدة، رغم ما واجهتُ خلالها من مصاعب، كان أكثرها شراسةً معركة تكسير العظام مع المجلس الأعلى للصحافةِ، الذى كان يرفض بإصرارٍ غريبٍ تغيير اسم الجريدةِ من «المسائية» إلى «الأخبار المسائى»، لكننا كنا نُؤمن بعدالة مطلبنا، وناضلنا من أجل ذلك كثيرًا، وبفضل الله، وبجهود زملاءٍ بالأخبار المسائى على أعلى درجةٍ من الكفاءةِ والمهنيةِ، ودعم قيادات المؤسسة اللامحدود، عبرنا الأزمة، وتغلَّبنا على كل المصاعبِ، وحققت الجريدةُ باسمها الجديد، خلال سنواتٍ قليلةٍ، مكانًا ومكانةً بين الصحف الكبرى.
واليوم وبعد أن سلَّمت راية «الأخبار المسائى» عاليةً لرفيق العمر، الكاتب الصحفى جمال الشناوى، ليستكمل المسيرة، ويُواصل الانطلاقَ، أعودُ إلى محبوبتى جريدة الأخبار، التى تتربع على عرش الصحافةِ المصريَّةِ، وتضمُ نخبةً مميزةً من خيرةِ الصحفيين بمصر، بقيادة الأخ العزيز الكاتب الصحفى خالد ميرى..
اليوم استأنف كتابة مقالى «من الأعْماق»، الذى نذرته سنوات طويلة؛ للدفاع عن قضايا الوطنِ وهموم المواطنِ، وكشف الفاسدين والتصدِّى للإرهابيين تجار الدين، وكل مَنْ يُحاولون المساسَ بأمنِ وأمانِ واستقرار مصرنا الجديدةِ، التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى بخطى ثابتةٍ نحو التنميةِ الشاملةِ وحقق خلال ٦ سنواتٍ فقط إنجازات نُشاهدها بأم أعيننا ما كانت لتتحقق فى ٥٠ عامًا..
وتحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة