حكايات| كهف الجارة.. مشاهد «خرافية» في باطن صحراء أسيوط الغربية 
حكايات| كهف الجارة.. مشاهد «خرافية» في باطن صحراء أسيوط الغربية 


حكايات| كهف الجارة.. مشاهد «خرافية» في باطن صحراء أسيوط الغربية 

محمود مالك

الخميس، 05 نوفمبر 2020 - 02:39 م

 

حين تشد الرحال غربًا باتجاه الغرب تبدو صحراء أسيوط كجنة وسط الرمال، فمنها جمال الطبيعة السحرية، وتحديدًا على بعد ما يقرب من 100 كيلو وسط رمال الصحراء الغربية؛ حيث ستلهبك الطبيعة الربانية بجمالها الساحر.

هناك على أطراف أسيوط يبدو كهف الجارة، ذو أبعاد سحرية، رسمت لوحتها طبيعة الماء النقي ومناخ الصحراء الجاف على مدار ملايين السنوات، حسب تصنيف الجيولوجيين.

على طريق درب الأربعين الذي كان يوما من الأيام طريق السفر والتجارة من أفريقيا إلى آسيا والحج، يقع هذا الكهف الساحر والذي تعتقد حين تراه أنه لوحة فنية نادرة من صنع وإبداع رب العزة، لكنه يخالف كل كهوف المنطقة في تكويناته وشكل رسوبياته الرائعة.

تبدو الأشكال الرسوبية الهابطة والصاعدة أشبه ما تكون بشلالات مياه متجمدة، وهي نتيجة لملايين من الأمتار المكعبة من المياه الأرضية التي تسربت خلال رمال الصحراء منذ ملايين من السنين وخلقت هذا الكهف الأرضي ثم جرى ترسيبها وتكثيفها بفعل الحرارة الشديدة، وتصل ارتفاعات التكوينات الرسوبية حسب وصف رولفز إلى ثلاثة أو أربعة أقدام.

واكُتشف كهف الجارة فى الرابع والعشرين من شهر ديسمبر عام 1873 على يد المكتشف الألماني "جيرها رد رولفز" أثناء رحلته التي سجلها فى كتابه "ثلاثة أشهر فى الصحراء الليبية" والتي كان الهدف فيها هو الوصول إلى واحة "الكفرة الليبية"، الذي قاده الدليل في الطريق إلى مكان يدعى الجارة يبعد عن أسيوط 100 كم باتجاه صحراء الفرافرة. 

جازف المستكشف الألماني رولفز، ودخل الكهف دون خوف أو قلق مما سيواجهه بالداخل، ثم دون في مؤلفاته عن الصحراء الغربية، أنه شاهد العشرات من النقوش البشرية دخل هذا الكهف، تفيد أنه كان ملجأ للكثير من البشر الأوائل الذين سكنوا تلك المنطقة خلال ترحالهم وسفرهم خاصة أنه قريب من طريق درب الأربعين (طريق التجارة والسفر) لكل قارة أفريقيا.

حينها قرر المستكشف أن يستقر لبعض الوقت بجوار كهف الجارة للتعرف علي طبيعتها السحرية، والتي تعد مجهولة حتى اليوم، ولا تزال لغزاً محيرا لعلماء الجيولوجيا، ثم اختفى أي ذكر لذلك الكهف لأكثر من 115 عاما أخرى، حتى عثر عليه العالم "كارلو بيرجمان" في عام 1989.

كهف غريب في باطن الأرض به من المناظر الطبيعية والربانية الخلابة ما يبهر أي إنسان، كل ما عليك وقت الوصول إلى منطقة الجارة سوى أن تميل نفسك لتقترب من الأرض لتدخل بشكل شبه زاحف حتى تستطيع العبور من فتحة في الأرض ضيقة وتبدء تغوص حوالي 50 مترا في باطن الأرض حتى تقع عيناك على ما لا يصدقه عقل بشري.

ورغم أن الكهف يقع في منطقة صحراوية جافة غير مسكونة بالمرة لا زرع فيها ولا ماء يبدو أن منطقة هذا الكهف كانت في يوم من الأيام مأهولة بالسكان ومفعمة بالحياة، وذلك ما أوضحته بعض الرسوم التي وجدت على جدران الكهف والتي يعود عمرها إلى أكثر من 10 آلاف سنة أي قبل حضارة المصريين القدماء والتي تعود إلى عصر الهولوسين الرطب.

آنذاك سكن تلك المنطقة صيادون ومارسوا أيضا مرحلة جمع والتقاط الثمار، وتوحي الرسوم بأن منطقة الجارة بما هي عليه الآن من جدب وعدم استعداد للحياة قد كانت يوما مستعمرة بشرية.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة