صورة لعلاج المصريين من مرض الرمد الحبيبي عام 1924
صورة لعلاج المصريين من مرض الرمد الحبيبي عام 1924


الصحة في 100 عام.. طب الأوبئة والحروب ومحاولات أخيرة للإنقاذ

أحمد سعد

الخميس، 05 نوفمبر 2020 - 10:41 م

للحظات لك أن تتخيل كيف كان حال "الصحة" في مصر قبل أكثر من 100 عام مرورًا بالعقود السابقة إلى الآن، خاصة أن الاهتمام بالصحة أو إهمالها يؤثر على حياة أجيال متتالية، سواء إيجابًا أو سلبًا.

ترصد «بوابة أخبار اليوم» ثلاث مراحل عاشتها صحة المصريين من عام 1900م إلى الآن، تبدأ من 1900:1950م، والثانية من 1950: 2000م، والثالثة من بداية الألفية الجديدة إلى الآن، لتجد أن صحة المصريين ازدهرت في فترات وتدهورت في فترات أخرى وكانت حياة المواطن في النهاية هى الثمن.

1900: 1950 "طب الأوبئة"

رغم أن التقدم في مجال الطب لم يكن بنفس ما عليه في الفترات التابعة لهذه الفترة، إلا أن هذه السنوات شهدت تقدمًا في مجال الصحة، وحصول المواطنيين على رعاية صحية مرضية خاصة أن عدد السكان لم يكن يتجاوز 8 ملايين مواطن عام 1900، ووصل إلى 20 مليون بنهاية هذه الفترة، رغم ما شاع آنذاك من معتقدات منها عدم العلاج على يد الأطباء، وخاصة السيدات، والاعتماد على التداوي المنزلي وبالتالي حرمات البعض على الخدمات الصحية.

في تلك الفترة  كانت الخدمة الطبية جيدة والأطباء على أعلى مستوى، وكانت مدرسة طب قصر العيني تعلم أطباء أوروبا وشهادتها معترف بها هناك، لكنها انحدرت بعد ذلك، وأنشأت في هذه الفترة معاهد الرمد  بعد ملاحظة الحملة الفرنسية وبعدها الحملة الانجيلزية انتشار وباء الرمد الحبيبي "التراكوما" بشكل كبير بين المصريين (شخص من كل 5 أشخاص) فتم إنشاء معهد الرمد التذكاري بالجيزة – الأكبر على مستوى الشرق الأوسط-  عام 1914، على يد البروفسير ما كلان.

 

واستكمل هذا الطبيب الإيطالي إنشاء معاهد الرمد في محافظات أخرى مثل طنطا بالغربية وأسيوط وكانت تقدم خدمة طبية متميزة حمت أعين المصريين من الفقدان ، وتلاها إنشاء مستشفيات في تخصصات أخرى، وأطلق عليها "هوسبتال" وحرفت بعد ذلك إلى "الاسبتالية"، وتم إنشاء "الاجزاخانات" لصرف الدواء للمرضى، وساهمت هذه المنشآت في القضاء على العديد من الأوبئة المنتشرة في المجتمع في هذه الفترة مثل الكوليرا والملاريا.

1950:2000 "طب الحروب"

بداية هذه الفترة تعد نهاية عصر الملكية وبداية لعصر أخر هو الجمهورية، فتغيرت الظروف السياسية، وظهر عداء دول خارجية لمصر، فشهدت 3 حروب متتالية بدأت بحرب 1956، وما شهدته من عدوان ثلاثي، ثم حرب 1967 مع العدو الإسرائيلي، وأخيرًا بانتصار 1973، هذه الفترات ساد فيها طب الحروب واقتصاده أيضًا، فكانت هناك أزمة في تمويل الخدمات الصحية، وكانت الخدمات الصحية أقل من المطلوب لما تقتضيه المرحلة من توجيه الإمكانيات الاقتصاد للحرب، وكذلك المستشفيات والخدمات الطبية.

وتعد هذه الفترة أسوأ الفترات في تقديم الخدمات الصحية لظروف تخرج عن الإرادة وهي خوض الحروب، لكن تلتها فترة أخرى عقب1980، عانت فيه مصر أيضًا من سوء الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين لعدة أسباب هي الإنفاق المتدني على قطاع الصحة، ومركزية الخدمات الصحية في القاهرة والجيزة فقط، وعدم توافر الخدمات الصحية في كل المحافظات.

 

2000: 2020 "طب الإنقاذ"

في بداية الألفية الجديدة استمر سوء الأحوال الصحية وإن كان هناك إنشاء لبعض المستشفيات والوحدات والمراكز الصحية لكن الخدمة الصحية لم تكن تقدم بالمستوى المطلوب، بالإضافة إلى نقص الأطباء وهجرتهم إلى خارج مصر للعمل هناك بعد أن زادت متطلباتهم في ظل تدني رواتبهم.

خلال هذه الفترة فقدت مصر حوالي نصف الطاقة البشرية من أطباء وتمريض، منهم من هاجر للعمل أو التدريس أو ترك المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص، فهاجر 120 الف طبيب من أصل 220 ألف مسجل بالنقابة العامة للاطباء، فلم يحصل المواطن على الخدمة الصحية اللازمة، ورغم استخراج قرارات العلاج على نفقة الدولة للمواطنين إلا أنها كانت تسرق بواسطة السماسرة ولا يحصل المريض على خدمته الطبية.

زاد الأمر تعقيدًا ما شهدت مصر عقب ثورة 25 يناير، من عدم اهتمام بقطاع الصحة، ثم جاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية فزاد الأمر سوءً.

 

سرعان ما انقضى حكم "الإرهابية" لتبدأ مصر مرحلة جديدة تزيل عن كاهل المصريين ما لحق بهم من أمراض وأوبئة بأجسادهم منذ عقود وأثرت على المجتمع كله، فمنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم عام 2014، واعتباره الصصة ضمن أولويات الدولة، اطلق المبادرات الرئاسية للقضاء على هذه الأمراض وانقاذ حياة المصريين فاطلقت مبادرة الرئيس للقضاء على فيروس سي والكشف عن الأمراض غير السارية "100 مليون صحة" والتي استطاعت فحص 60 مليون مواطن، وعلاج 2.5 مليون مواطن من فيروس سي واصبحت مصر خالية من الفيروس الكبدي الوبائي.

500 ألف عملية

مظهر آخر شهده المصريون لم يكن موجودًا من قبل، هو وصول الخدمات الصحية إلى المواطن في الشارع وفي كل المحافظات دون استثناء، فحدث الفحص الشامل للمواطنين من أمراض السكري والضغط والسمنة وفيروس سي، وما تلاه من مبادرات أخرى تمثلت في القضاء على قوائم انتظار العمليات الجراحية التي وصلت إلى إجراء 500 ألف عملية تكدست في القوائم منذ سنوات، ثم مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن أمراض الانيميا والسمنة والتقزم، لطلاب المدارس الابتدائية، ومبادرة الكشف المبكر عن ضعف السمع لحديثي الولادة وما تلاها من مبادرة دعم صحة المرأة ثم مبادرة علاج الأمراض المزمنة ومبادرة الاعتلال الكلوي والتي قدمت جميعها الخدمات لـ100 مليون مصري في كل الفئات العمرية.

عقب ذلك بدأت الصحة تتخذ منحنى آخر بإطلاق المشروع القومي للتأمين الصحي الشامل، لتوفير خدمة طبية متكاملة لكل المواطنين، سواء في المستشفيات العام أو الخاصة، نظير اشتراكات شهرية لا تتجاوز 5% من الدخل، وتتحمل الدول اشتراكات غير القادرين، وبدأ التطبيق في محافظة بورسعيد منذ كثر من عام ويليها محافظتي الأقصر والإسماعلية وباقي المحافظات في غضون سنوات قليلة، وساعدت هذه الإجراءات السابقة ما نجحت فيه مصر من مواجهة فيروس كورونا المستجد خلال الفترة الماضية. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة