التعليم قديما
التعليم قديما


مدارس مصر «بتتغير».. كيف عادت الروح للتعليم في 4 سنوات

منةالله ممدوح

الجمعة، 06 نوفمبر 2020 - 10:00 م

على استحياء حاولت الحكومات المصرية الاقتراب من الملف الشائك «التعليم» والذي ظل بمثابة نار تحت الرماد يخشى الرؤساء قبل الوزراء الاقتراب منه، حتى عند التطوير كان يتم بقطاع دون الآخر لكن منذ سنوات قليلة صار التعليم على رأس الأولويات يولي قبلته تجاه "التكنولوجيا"  لنقل مصر إلى موقع مختلف.

وقبل أن يتوه المصريون في بحر التعليم بنسيان ماضي هذا القطاع، يمكن العودة إلى الوراء، وتحديد لنصف قرن تمتد من العام 1900 وحتى 1950؛ إذ تحقق كثير من التقدم التعليمي رغم محاربة الاحتلال الإنجليزي لهذا التوجه.

قبل دخول القرن العشرين كان التعليم المصري يعتمد على الكتاتيب التي تم ضمها بعد ذلك إلى وزارة المعارف -التربية والتعليم حاليا-، وبدأت الدولة المصرية في إنشاء المدارس المختلفة، وارتفعت ميزانية التعليم من 81 ألف جنيه عام 1890 إلى 305 آلاف عام 1906، وكان الهدف من الاهتمام به في عهد الاحتلال هو تخريج موظفين يصبحون تحت إمرة المستعمر البريطاني.

وفي عام 1907 شهد التعليم المصري حادثة فريدة من نوعها، وهو تقدم نبوية موسى بطلب لوزارة المعارف للسماح لها بدخول الامتحان والحصول على "شهادة البكالوريا" الثانوية العامة حاليا، وكان الحصول عليها في ذلك الوقت من نصيب الذكور فقط.

مرت السنوات، وحل عام 1916 تم إنشاء المدارس الأولية، والمدارس الأولية الراقية للبنين والبنات، وكذلك مدارس البنات الإعدادية والتي كانت تؤهلهن للعمل كمعلمات، وكانت المواد يتم تدريسها باللغة الإنجليزية أو الفرنسية ثم أصبح التدريس باللغة العربية.
 

أما المرحلة الثانوية فقد مرت بعدة مراحل خلال هذه الفترة ، فكانت 5 سنوات منذ بداية الاحتلال الإنجليزي، ثم تم إصدار قرار بجعلها 4 سنوات مقسمة على قسمين مدة كل قسم سنتين، ينتهي القسم الأول بامتحان يحصل الناجحون فيه على "شهادة الأهلية"، والقسم الثاني تتشعب فيه الدراسة إلى شعبتين (أدبية وعلوم).

وبحلول سنة 1928 زادت مدة الدراسة إلى خمس سنوات تنقسم إلى مرحلتين: الأولى مدتها 3 سنوات يحصل الناجحون في نهايتها على "شهادة الكفاءة"، والثانية مدتها سنتان يتخصص فيها الطالب في إحدى الشعبتين "العلمية أو الأدبية" ويحصل الناجحون في نهايتها على "شهادة البكالوريا".

وبقدوم عام 1933 صدر القانون رقم 46 "قانون التعليم الإلزامي" والذي بمقتضاه تحولت جميع المدارس الأولية التابعة لوزارة المعارف إلى نظام المدارس الإلزامية، وتم تحديد سن الإلزام للبنين والبنات في سن السابعة حتى الثانية عشرة، وحددت مدة الدراسة بخمس سنوات دراسية فيما تقررت مجانية التعليم الابتدائي في عام 1944.

وقد استمرت مدة الدراسة 5 سنوات حتى عام 1935 ولكن تحول تقسيمها إلى مرحلتين: الأولى مدتها 4 سنوات تنتهي بامتحان الثقافة العامة "القسم العام"، والثانية مدتها سنة دراسية واحدة "سنة التوجيه"، يحصل الطلاب في نهايتها على شهادة الدراسة الثانوية العامة "القسم الخاص"، وتتشعب فيها الدراسة إلى ثلاث شعب هي: العلوم، الآداب، الرياضيات، وتخضع لإشراف جامعي على امتحاناتها.

لكن في عام 1951 جرى توحيد المناهج ومدة الدراسة بين مدارس البنين والبنات الثانوية لتكون 5 سنوات وأعيد تقسيمها لتكون على ثلاث مراحل، الأولى مدتها سنتين يحصل الناجحون في نهايتها على شهادة الدراسة المتوسطة، والثانية مدتها سنتين ويحصل الناجحون في نهايتها على شهادة الثقافة العامة، والثالثة مدتها سنة وتنقسم فيها الدراسة إلى "علمي وأدبي"، ويحصل الناجحون في نهايتها على شهادة التوجيهية.

الأرقام تقفز

احتضنت محافظات مصر في عام 1953 أكثر من 5300 مدرسة، أما اليوم فهناك 56 ألف مدرسة، بينما كان عدد الطلاب في عام 1950 يبلغ 40 ألف طالب قبل أن تأتي ثورة يوليو ليتم التركيز على تعميم التعليم ونشره وإقرار مجانيته وذلك بإصدار القانون رقم 210 لسنة 1953.

وبالفعل في عام 1953 صدر القانون رقم 211 الذي ساوى بين جميع أنواع التعليم الثانوي حيث قسم الدراسة في المرحلة الثانوية إلى: عامة ونسوية وصناعية وزراعية وتجارية، وحدد مدة الدراسة بثلاث سنوات، وتكون الدراسة بالسنة الأولى عامة، تنقسم في السنة الثانية والثالثة إلى شعبتين هما "القسم الأدبي – القسم العلمي"، ويتم في نهاية السنة الثالثة عقد امتحان عام على مستوى الجمهورية يمنح فيه الناجحون "شهادة الدراسة الثانوية العامة".

تعرضت المدرسة الثانوية للتجديد والتجريب، فأنشأت الوزارة مدارس تجريبية ونموذجية بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، وذلك في عام 1956، وفي نفس العام أنشأت الوزارة مدرسة للمتفوقين بالقاهرة يلتحق بها الخمسة الأوائل في الشهادة الإعدادية (من البنين فقط)، كما أنشأت الوزارة مدارس ثانوية نسوية مشابهة للمدارس الفنية.

وبإصدار القانون رقم 213 لسنة 1956 رسخ استقرار السلم التعليمي على أساس (6 سنوات للمرحلة الابتدائية + 3 سنوات للمرحلة الإعدادية + 3 سنوات للمرحلة الثانوية)، ومن ثم أعيدت دراسة وضع المدرسة الابتدائية الراقية، وتم ضمها إلى التعليم الإعدادي باسم "المدرسة الإعدادية العملية" وكانت تجمع بين الإعداد الثقافي والإعداد المهني ووضعت تحت التجربة اعتباراً من عام 1957 وحتى ألغيت عام 1966.

نصت عدة قوانين على نوع التعليم الإعدادي الفني بأنواعه المختلفة حتى تبين عدم جدواها فتمت تصفيتها تدريجياً اعتبار من عام 1963.

عودة الروح للتعليم

فرضت ظروف الحروب منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر مرورا بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، نفسها على منظومة التعليم وبدأ الحال يسير نحو التدهور، وذلك بسبب الظروف التاريخية في حينها، خاصة قوانين الاستثمار، وما صاحبها من القوانين التي أدت إلى تشجيع الاستثمار في التعليم الخاص، وقلت الكفاءة في التعليم، لتنطلق ظاهرة الدروس الخصوصية من تلك الفترة.

وفي عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك بدأ تدهور التعليم فعليًا؛ حيث تم التوسع في إنشاء المدراس الخاصة والدولية في الوقت الذي عانى فيه التعليم الحكومي من قصور شديد، وخصوصا مع الزيادة السكانية التي حدثت وضعف تطوير المنشآت التعليمية وتراجع قدرات المعلمين التربوية والتعليمية وتدني مستوى المناهج الدراسية.

وعلى العكس، كانت المدارس الدولية تتميز بكفاءة المعلمين ومرونة الإدارة التعليمية والتطوير التكنولوجي المستمر واتباع أساليب تربوية حديثة ومراعاة الاحتياجات التعليمية والتربوية والترفيهية للتلاميذ.

ومع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الأمور بدأ التعليم المصري في النهوض مرة أخرى واستعرض الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، رحلة بناء التعليم المصري الجديد، بدءًا من رؤية الرئيس السيسي عندما أعلن تبنى مشروع التعليم الجديد والذي يهدف إلى بناء الإنسان تحت شعار نحو "مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر"، وتدشين بنك المعرفة المصري في عام 2016 والذي يجمع كل المعلومات على كافة التخصصات للمصريين.

وفي سبيل ذلك تم إطلاق بنك المعرفة، حيث قال وزير التعليم حينها إن أكثر من مليون ونصف شخص قاموا بزيارة موقع بنك المعرفة، وأشار أن هذا يعتبر بمثابة تقدم وإنجاز كبير، قائلا: "نعمل على هذا التطوير ليكون لدى أولادنا القدرة على مواكبة التعلم والثورة التعليمية الجديدة".

ووفرت وزارة التعليم مكتبة إلكترونية بجانب بنك المعرفة المصري "EKB"، لمساعدة الطلاب على المذاكرة تضم مختلف المناهج الدراسية الكاملة للصفوف بداية من رياض الأطفال (kg) وصولًا إلى المرحلة الثانوية باللغتين العربية والإنجليزية، متاح لجميع الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين الإطلاع عليها من خلال الرابط: https://study.ekb.eg

وبالتوزاي مع ذلك بدأ العمل في أكثر من محور لتطوير التعليم كإنشاء المدارس اليابانية والتي عددها يصل إلى ٤٠ مدرسة، ومدارس التكنولوجيا التطبيقية وعددها الآن ١١ مدرسة، وتوقيع اتفاقية مع ألمانيا بخصوص ضمان الجودة وإنشاء مركز لتدريب المعلمين، وفى عام ٢٠١٨ تم الإنتهاء من تدريب ٢٢ ألف معلم لذوي الاحتياجات الخاصة.

كما اهتم التعليم في نظامه الجديد بمرحلة رياض الأطفال، بإنشاء مناهج جديدة تماما، وطريقة تدريس مبتكرة، وتهدف هذه المناهج لأن يتعود الطفل منذ الصغر على أن يلغي من ذاكرته فلسفة الحفظ والتلقين، ويكون شخصية مبتكرة مفكرة طموحة، تستطيع حل المشكلات، والتفكير خارج الصندوق، وأن يكون الطفل أكثر انتماء لوطنه ويحترم الآخر ولديه روح التعاون مع الجميع، ويتمحور كل ذلك حول "بناء الشخصية المصرية".

و تم إلغاء الامتحانات في الصفين الأول والثاني الابتدائي، واستبدالها بتطبيقات تقيس قدرات الطلاب، بالإضافة إلى توفير مناهج رقمية للصفوف من الثاني الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي.

أما الصفوف من الرابع حتى السادس الابتدائي، فلن تؤثر الامتحانات في نجاح أو رسوب الطالب وإنما تهدف لقياس مستوى التحصيل الدراسي لكل طالب من دون درجات بل بتقديرات " (ممتاز – جيد جدا – جيد – مقبول – ضعيف) ، أما بالنسبة لطبيعة المواد التي يدرسها الطلاب في المرحلة الابتدائية وفق النظام الجديد، فهي تنقسم إلى شقين، الأول مواد متصلة ببعضها، فمثلا سوف تكون هناك مادة تجمع اللغة العربية بالمفاهيم العلمية والمفاهيم الرياضية والمفاهيم الحياتية والفنية والمهارية، و تكون دروسها وفق القدرات العقلية لطلاب كل مرحلة، أما الشق الثاني، فهي مواد منفصلة، مثل اللغة الإنجليزية والتربية الدينية والأنشطة بشتى أنواعها.

عملت وزارة التربية والتعليم، على تعديل نظام الثانوية العامة عام 2020 -2021، ابتداءً بالصف الأول الثانوي،. و مناهج الثانوية العامة كما هي ولا تغيير إلا في طريقة التقييم والامتحانات حيث سيؤدى الطالب 12 امتحانا في 3 سنوات، يختار منها أفضل 4 امتحانات من حيث الدرجات التي حصل عليها وهو ما يتيح أكثر من فرصة للتعويض، وتعتمد الامتحانات في النظام الجديد على الفكر والتحليل والإبداع لقياس المهارات الفكرية والمعرفية للطالب، ولن تكون الامتحانات قومية على مستوى الجمهورية ، بل لكل مدرسة أن تمتحن طلابها في التوقيت الذي يناسبها لمنع الغش والتسريب.

يحتل التعليم الفني والتدريب المهني في الاستراتيجية المستقبلية "رؤية مصر 2030"، مساحة كبيرة ضمن محور الأهداف الاجتماعية، منها تحديد الأهداف الإستراتيجية الخاصة بالتعليم الفنى والتدريب، وتستهدف هذه الإستراتيجية طالب التعليم الفنى، وأصحاب الأعمال ، وتحتل منظومة التعليم الفنى فى دول العالم المتقدم، وفى الاقتصاديات سريعة النمو مكانة كبيرة.

وترجع أهمية التعليم الفني إلى أنه أحد أهم آليات الدولة في مواجهة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد، وتم تغيير اسم مدارس التعليم الفنى الجديدة (نظام التعليم المزدوج) لتصبح مدارس التكنولوجيا التطبيقية يحصل فيها الطالب على شهادة التكنولوجيا التطبيقية نظام الثلاث سنوات .

وتعتمد مدارس التكنولوجيا التطبيقية، على اتفاق ثلاثى بين وزارة التربية والتعليم، والقطاع الخاص وشريك أجنبى لاعتماد وسائل تقييم الطلاب والشهادات من أجل بناء قدرات ومهارات الجيل الجديد من المبتكرين ، سعيا إلى تحقيق الاقتصاد القائم على المعرفة .

اقار ايضا : «تعليم الإسكندرية»: تعطيل الدراسة غدا لجميع الطلاب بسبب الطقس السيء

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة