صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


«القصر» مدينة استراتجية صٌممت بإلهام من الفقه الإسلامي

شيرين الكردي

الأحد، 08 نوفمبر 2020 - 03:31 ص

على بعد 35 كم من «موط» عاصمة الواحات الداخلة، تقع المدينة التراث الإسلامي التي جاءت كموضوع دراسة آثرية لباحثة برنامج علوم التراث بـ الجامعة المصرية اليابانية، دينا  سمير العزيري، التي اعتبرت مدينة القصر استراتجية في المقام الأول. 

وتقول إن مدينة القصر التى تقع في الشمال الغربي من  «موط» والوصول إليها من الطريق المتجه إلى الفرافرة، احتلت أهمية جغرافية وإستراتيجية كبيرة منذ القدم وقد كانت بلاد الواحات ممرًاً للقوافل التجارية، وقوافل الحجيج التي تأتي من بلاد المغرب والأندلس وكان العرب يمرون بها أثناء توجههم لفتح بلاد المغرب العربي، إضافة إلى ما بها من دروب صحراوية جعلت من هذه البلاد ممرًا عسكريًا وتجاريًا هامًا إلى السودان جنوبًا و منها إلى أواسط أفريقيا.

وتضيف  العزيري أن مدينة القصر بنيت فوق مدينة قديمة، بدليل وجود الكثير من الأحجار المدون عليها كتابات باللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" في أبنية المدينة الإسلامية التي شيدت مبانيها بالطوب اللبن. 

وتوضح أن وجود هذه الأحجار في أعمدة وبوابات البيوت يعتبر دليلا على أن من بنوها كانوا يأتون بالأحجار من مكان قريب لتقوية بنايانها وشملت مبانيها منشآت دفاعية مثل البوابات، والدروب.

ويوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية وبوزارة السياحة والآثار أن المدينة تضم منشآت دينية تعليمية ومنها المسجد الجامع، وبما يحويه من عناصر معمارية وفنية بالغة الجمال كالمئذنة والمحراب والمنبر و من أشهر معالم مدينة القصر. 

ويشير الدكتور ريحان إلى سمات تخطيط مدينة القصر الإسلامية من خلال الدراسة والتي صممت شبكة الشوارع من الحارات والدروب والأزقة سواءً كانت نافذة أو غير نافذة بنظام متفق عليه من منطلق الأحكام الفقهية التي استمدت من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ووجود مدخلين للدار الواحدة وذلك للفصل بين قسم الضيافة والقسم الثاني الخاص بأهل الدار، للحفاظ والتأكيد على الخصوصية وإنطلاقًا من تأثير الدين الإسلامي، فقد وضعت نصوص إنشائية أعلى فتحة باب المدخل الرئيسي للدار بما تضمنته من البسملة ونص قرآني وعبارات الترحيب والمودة بالجار والمار والزائر.

وتتميز المدينة بعدم مواجهة فتحات الأبواب الخاصة بالدور لبعضها، وهو ما يحترم  خصوصية من بداخل المنزل أثناء فتح وغلق مثل هذه الأبواب.

وينوه الدكتور ريحان إلى أن العادات أيضًا اسهمت فى توجيه وحدات الدار إلى الداخل والإستفادة من الفناء الداخلي في إمداد أقسام المنزل بالإضاءة والتهوية، وذلك من منطلق الحفاظ على الخصوصية وتعددت الحجرات داخل الدار بل وتم فصل بعض الوحدات وتخصيص درج صاعد ببعضها، وذلك لتأكيد الفصل بين الأبناء من البنين والبنات حين بلوغهم الحلم والعمل بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية في هذا الصدد والمشاركة والترابط بين الجيران وحسن المعاملة عملاً بما أشارت إليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الصدد.

وبالتالى فالتكوين المعماري لمدينة القصر الإسلامية قد عكس لنا الخلفية البيئية للمنطقة بأبعادها الإجتماعية والثقافية، متأثراً في ذلك بالقيم الإسلامية وما نبع عنها من عادات وتقاليد، ولذا جاءت عمارة المدينة متوافقة لكافة الأعراض والمتطلبات الإجتماعية، إلى جانب توفيرها للأمن والإستقرار النفسي الناجم عن مراعاة حق الجوار، مما كفل للجميع العيش فى أمان واستقرار، أبرزه لنا ما بقي من عمارة في تلك المدينة الأثرية الشديدة التميز والخصوصية.

اقرأ أيضا

قصة صورة| «أخناتوت» في برلين!!
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة