غسان محمد عسيلان
غسان محمد عسيلان


نقطة ارتكاز

العرب والعالم.. والانتخابات الأمريكية

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 09 نوفمبر 2020 - 07:50 م

 

غسان محمد عسيلان

على مدى الأيام القليلة الماضية تابع الناس حول العالم الانتخابات الأمريكية، وظلت أنظارهم معلَّقة على السباق بين المرشَّحَيْن للوصول إلى البيت الأبيض، وهذا أمرٌ متقبَّل ومفهوم؛ فلا شك أن الانتخابات الأمريكية تعد الأشهر والأهم بين الانتخابات التى تشهدها مختلف دول العالم؛ وذلك لأسباب تتعلق بحجم ونفوذ وقوة تأثير الولايات المتحدة الأمريكية، وثقلها الدولى على المستويات كافة: السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والتكنولوجية، ودورها المحورى على طول العالم وعرضه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، كما أن نتائج هذه الانتخابات لا تهم الداخل الأمريكى والسياسة الأمريكية وحسب، بل تنعكس على مجمل السياسة الدولية، ومصالح العالم بشكل أو بآخر.
واللافت فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة أنها استرعت انتباه ملايين الناس حول العالم كانوا يتابعونها لحظة بلحظة، وسادت حالة من الترقب مختلف أوساط المتابعين، وانبرى الناس يحللون الأفعال وردود الأفعال، واكتظت وسائل التواصل الاجتماعى بتعليقات الشباب من مختلف الأعمار والجنسيات، وانقسموا بين مؤيد لترمب، ومناصر لبايدن، وساد إحساس بأن الجميع معنيون بهذه الانتخابات، مع العلم بأن الأمريكيين وحدهم هم من لهم حق التصويت فيها!!
فما الذى جعل الناس فى عالمنا العربى وشعوبنا العربية وخصوصًا الأجيال الشابة تهتم بالانتخابات الأمريكية الأخيرة بهذا الشكل، بل جعلها تُغرق فضاء الإنترنت بالتأييد لهذا أو الرفض لذاك!! إنه فى رأيى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على فعل أى شيء، ولعل ما يفسر اهتمام العرب بالانتخابات الأمريكية ما يتعلق بقضية العرب الأولى القضية الفلسطينية، فمن الملاحظ أن إدارة الرئيس ترامب قدَّمت لدولة إسرائيل من الدعم والمساندة ما لم تقدِّمه إدارة أخرى فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث قام ترامب بنقل سفارة أمريكا إلى مدينة القدس، واعترف بها عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى تأييده عمليات ضم إسرائيل للأراضى العربية المحتلة!!
ومن النقاط المهمة الأخرى التى قد توضح سبب اهتمام الناس بالانتخابات الأمريكية الأخيرة ما كرره الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته (ترامب) فى أكثر من مناسبة من أنه يفضل التركيز على أمريكا أولًا وثانيًا وثالثًا، حيث لم يرَ (ترامب) العالمَ إلا من منظوره هو فقط، واستبدَّت به الشوفينية الأمريكية إلى حد الإدلاء بتصريحات صاخبة أشعرت الجميع وكأن الولايات المتحدة الأمريكية فى جانب والعالم فى جانب آخر!!
لقد تعاملت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها مع ملفات السياسة الدولية بمنطق رجل الأعمال الذى لا يهمه سوى أن يراكم أرقام أرباحه فى البنوك، ولم تُعِرْ هذه الإدارة الأمم المتحدة ولا العمل الدولى المشترك الاهتمام الكافى، ولم تتعامل كذلك مع المؤسسات الدولية بالقدر الكافى من الاحترام المتوقع والمطلوب منها باعتبارها قوة عظمى-إن لم تكن بالفعل القوة الأعظم فى العالم الآن-بل كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة فى العالم تنسحب رسميًّا من اتفاقية باريس للمناخ، كما انسحبت رسميًّا من منظمة الصحة العالمية بسبب أزمة كورونا، وفى خريف عام 2017م انسحبت من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» دون النظر إلى أن ذلك يضر بالتعاون الإنسانى المشترك فى كل هذه المجالات.
ختامًا يمكننا القول إن الانتخابات الأمريكية الأخيرة لم تكن أمريكية فقط، فقد لقيت اهتمامًا عربيًّا ودوليًّا كبيرًا، وكثيرون كانوا يراقبون الموقف عن كثب لكى يروا الفائز الذى يأتى فى توقيت صعب مازالت البشرية تعانى فيه من جائحة كورونا، ومن المثير أن ردود أفعال المتابعين للانتخابات الأمريكية قد انقسمت عربيًّا كما هى دوليًّا فالبعض كان يؤيد دونالد ترامب لكن البعض الآخر أيَّد بايدن رغبةً فى أن يساعد على ترميم العلاقات الأمريكية بالعالم الخارجى، وظنًّا منهم أن ذلك سيكون فى صالح العمل الدولى المشترك، وأملًا فى المحافظة على استقرار العالم وسلامة شعوبه!!

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة