الإثنين، 09 نوفمبر 2020 - 11:40 م

ظهر أمس طباخ الرئيس علي ماهر (رئيس الديوان الملكي ثم رئيس الوزراء 1963) بعد أن ظل مختفيا طوال يومين كاملين، بحث البوليس عنه في كل مكان  بالقاهرة والجيزة أثناء هذه الفترة وبحثت جمعية الإسعاف عنه في جميع المستشفيات، ثم ظهر أخيرا " محمد عبد الله الطباخ"؛ حيث تبين أنه كان يقيم خلال اليومين في لوكاندة الشرق بشارع كلوت بك.

ذهب محمد عبدالله إلى بيت أخيه محمود عبدالله في المنيرة ظهر أمس بعد صلاة الجمعة ودق جرس الباب وكانت مفأجاة وظن الجميع أنه "شبح" ولكن طباخ علي ماهر قال لهم إنه كان معتكفا في إحدى اللوكاندات حتى تستريح أعصابه.

حينها، قال طباخ رئيس الوزراء علي ماهر محمد عبدالله لـ"أخبار اليوم" إنه بعد ركوبه ترم 33 أحس بثقل في رأسه، فعرف أن المرض العصبي الذي يعتر به من وقت لآخر قد أخذ يعاوده، فنزل من الترام وسار على قدميه حتى وصل إلى شارع كلوت بك، ثم جلس على أول قهوة قابلتة وظل هكذا حتى الظهر !

وحينما أحس بالنوبات العصبية تعاوده ذهب إلى لوكاندة الشرق وحجز غرفة فيها لمدة يومين حتى تنتهي النوبات العصبية وظل بلا طعام أو شراب طوال اليومين، وليست هذه أول مرة تعتر به فيها هذه النوبات وإنما يحس في بعض الأحيان أنه يريد أن يبتعد عن الناس، خصوصا بعد أن أصيب بالروماتيزم في ساقه وضغط الدم.

طباخ (الرئيس) أو رئيس الوزراء أضاف أنه لم يقع أي خلاف بينه وبين زوجته أو بينه وبين الرئيس علي ماهر ولكنه يريد أن يستريح ويعرض نفسه على أخصائي لمعالجته، لذلك فسوف يقيم عند أخيه "محمود عبدالله" الموظف بالمساحة يومين آخرين حتى تهدأ أعصابه، واعترف بأنه يفقد ذاكرته في بعض الأحيان حينما تجئ له هذه النوبات العصبية.

ماذا يقولون؟

محمد عبدالله قاعود مساعد الطباخ المختفي وآخر من شاهده من أهل البيت، تحدث بدوره، قائلا: "لقد جئت إلى هنا منذ ستة شهور فقط وكان محمد عبد الله يعطيني دائما ميعادا قبل أن يغادر البيت في الماء لكي أقابله في السوق في صباح اليوم التالي نشتري لوازم البيت".

ومضى في حديثه: "في يوم الأربعاء الماضي نفس اليوم الذي اختفى فيه قابلته في الساعة السادسة والنصف عند حارة باب المناصرة وذهبنا إلى سوق السمك واشترينا 3 أقات جمبري لأنه كانت هناك مأدبة غداء في نفس اليوم لبعض الضيوف".

وتابع: "قابلنا في السوق أحمد سليمان _ الطباخ _ الذي يشتغل عند الأستاذ محمد التابعي وابتعدت عنهما حينما رأيتهما يتحدثان باهتمام، ثم فجاة التفت لي محمد عبدالله وطلب من أن آخذ الخضار واللحمة من عند بائع السمك وأن أسبقه على البيت، وركب هو ترام 33 الذاهب إلى ميدان العتبة وقال لي ويصيح من الترام: لا تنتظروني ولكن حضروا كل شئ وسأذهب أنا لكي اشتري الفراخ من باب اللوق.. وكانت هذه آخر مرة أراه فيها".

أما محمد إدريس البحار – حارس عوامة علي ماهر في شارع الجبلاية – فذكر أن محمد عبد الله كان لا يأتي إلى العوامة إلا مع الرئيس السابق (علي ماهر) ولم يحضر إلى هنا منذ شهرين بعد أن أقام علي ماهر في بيته بالجيزة، ولكن في الساعة الواحدة والنصف ظهر الأربعاء الماضي كان جالسا على رصيف العوامة، وقلت في نفسي أنها لا بد مكالمة "ترنك" من خارج القاهرة وذهبت لأرفع السماعة .. وجاءني صوت ضعيف ملهوف في التليفون يقول:

- آلو .. أمين الفراش موجود .. أنا محمد عبد الله ..أنا .. ثم انقطع فجأة الخط التليفوني، وعرفت في الحال صوت محمد عبد الله ولكنه كان يتكلم بسرعة وفي خوف.. ودهشت من هذه المفاجأة واتصلت بالبيت الكبير فعرفت منهم أنهم يبحثون عنه لأن الضيوف قد جاءوا وعلي ماهر يسأل عنه.. وبعد ذلك علمت أنه اختفى وكانت آخر مرة أسمع صوته فيها!

باقي القصة العجيبة

وقال محمد عبد الله لـ"أخبار اليوم"، إنه حاول أن يتصل بالبيت عند الظهر حينما ذهب إلى اللوكاندة، لكي يطمئن زوجته وأولاده الثلاثة عليه، ولكن أعصابه تراخت ولم يستطع أن يكمل الحديث التليفوني مع حارس العوامة، وسقطت السماعه من يده.

ومحمد عبدالله كان طباخا في القصر الملكي منذ 1924، وأخذه الملك فؤاد معه في الرحلة التي قام بها إلى أوروبا وكان الطباخ الثاني في الحاشية الملكية، وعندما جاء علي ماهر رئيسا للديوان الملكي، ومن يومها لم يترك عبد الله الطباخ بيت علي إلا مرتين فقط، المرة الأولى حينما غضب من علي ماهر فترك له البيت وقال لزوجته إنه ذاهب إلى المنصورة للعمل هناك، ثم عاد إلى البيت بعد شهرين.

أما المرة الثانية حينما ذهب للعمل عند الأميرة السابقة فائزة، وظل عندها حوالي ثلاثة شهور حتى استطاع علي ماهر أن يعيده إلى خدمته مرة أخرى بعد سنة لازمه فيها في كل مكان حتى أثناء فترة اعتقالة في العياط، بحسب ما نشرته صحيفة أخبار اليوم في 5 مارس 1955.

اقرأ أيضًا: رئيس مجلس الأمة يتمرد على الكوسة في أول يوم دراسة