صورة موضوعية
صورة موضوعية


«فتاوى القوارير» | «الضرر يُزال».. شروط تغيير شكل الحاجب وعمليات التجميل

إسراء كارم

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020 - 03:18 م

 

جاء استفسار إلى دار الإفتاء المصرية، على الموقع الإلكتروني، حول حكم إجراء عملية تجميل لتغيير شكل الحاجب.


وجاء في نص السؤال: « تتوجه بعض النساء إلى تغيير شكل الحاجين بعدة طرق منها ما هو جراحي ومنها ما هو بغير الجراحة، وأكثر ما يكون رفع الحاجبين عن طريق العمليات الجراحية وذلك بشد جلد الجبهة أو الجبين ليرتفع الحاجب من المنتصف أو من الطرف، وربما يكون ذلك لإصلاح عيب خلقي أو إعادة التجميل إثر حادث أو نحوه، وربما يكون لمجرد الزينة والتجمل بغير حاجة أو ضرورة، فما الحكم؟».


وأجاب فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، أن الشرع الشريف طلب العلاج والتداوي، بل ندب إليه وحثَّ عليه.


واستشهد بما رواه أبو داود والترمذي عن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ» (والهَرَمُ: الكِبَر)، وهذا الحديث جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة أن المطلق يجري على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده.


وأوضح مفتي الجمهورية، أنه من المقرر شرعًا أنه لا يجوز للشخص تغيير شيء في خلقته التي خلقه الله عليها بصورة تنبئ عن الاعتراض على قضائه وقدره؛ فهذا من فعل الشيطان، قال تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 119].


 وروى الإمام البخاري في «صحيحه» عن علقمة قال: لَعَنَ عَبْدُ اللهِ بن عمر رضى الله عنهما الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَمَا لِيَ لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَفِى كِتَابِ اللهِ. قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ. قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قَرَأتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر: 7].


وأشار إلى أنه يُستَثْنَى مِن ذلك ما يكون لسبب علاجي؛ كإزالة العيوب الخِلقية، وإزالة ما يحصل به الضرر والأذى سواء أكان ضررًا ماديًّا كالألم والإعاقة وإعادة وظائف أعضاء الجسم لحالتها المعهودة وإصلاح العيوب الخِلْقية والطارئة، أم معنويًّا كإزالة ما يكون من دمامة قد تسبب للشخص أذًى نفسيًّا أو عضويًّا، والرجل كالمرأة في ذلك؛ فمن القواعد المقررة في الشرع الشريف أن: «الضرر يزال»؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم وحسنه الإمام النووي.


ولفت إلى أن الشرع الشريف حث المسلم على تحسين الخُلُق لصاحبه والرفق به واحتمال أذاه، وحثَّ كذلك على تحسين الخَلْق بالتجمُّل والتزيُّن ويدخل في ذلك إزالة التجاعيد والتشوهات وتحسين المظهر أو إزالة ما يؤذي العين ويُنفِّرها، فقد سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلم تنظيف بدنه وتجميله بإزالة جميع ما هو مظنة لأَذَى البدن وقد ينفر منه الآخرون؛ كتقليم الأظفار ونتف الإبط والاستحداد وغيرها؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».


وأوضح أن مشروعية إصلاح العيوب الخِلقية بالجراحات والإجراءات التجميلية لأجل تحسين الشكل والمنظر وإزالة التشوهات وعلاج الأضرار النفسية والحسية، تتأكد بما رواه أبو داود في سننه عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ: «أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ».


ولفت إلى أنه من المعلوم أن الشرع الشريف راعى حاجيات النساء في التجمل والزينة فرخص للزوجة الكحل والخضاب وأخذ الزائد من شعر الحاجبين بالحف أو الحلق إذا كان خارجًا عن الحد المألوف، أو مما يؤذي العين أو مما يُنفِّر الزوج عن زوجته إذا لم تُهذبه؛ لأنه ينبغي على المرأة أن تزيل ما في إزالته جمال لها، فقد أجاز متأخرو الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في قولٍ لها أن تفعل ذلك بإذن الزوج؛ لأنه من باب المعاشرة بالمعروف.


وأجاز الفقهاء للمرأة أن تختار أنواعًا مخصوصة من الأكل أو التداوي؛ قصدًا إلى التجمل والحسن خاصة إذا كان للزوج.

- الحالات والضوابط:
وبيَّن الحالات المشروعة وغير المشروعة وضوابط ذلك مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قرار عام 2007، بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها، حيث جاء نصه كالتالي:


 (1) يجوز شرعًا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها:


أ- إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها؛ لقوله سبحانه: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [العلق: 4].


ب- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.


ج- إصلاح العيوب الخلقية مثل: الشفة المشقوقة -الأرنبية– واعوجاج الأنف الشديد والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر.


د- إصلاح العيوب الطارئة -المكتسبة– من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليًّا حالة استئصاله، أو جزئيًّا إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة.


هـ- إزالة دمامة تُسبب للشخص أذى نفسيًّا أو عضويًّا.


(2) لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعًا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين أو بقصد التدليس وتضليل العدالة وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات.


(3) يجوز تقليل الوزن -التنحيف– بالوسائل العلمية المعتمدة ومنها الجراحة -شفط الدهون– إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية، ولم تكن هناك وسيلة غير الجراحة بشرط أمن الضرر.


(4) لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مَرَضِية شريطة أمن الضرر.


وانتهى فضيلة المفتي إلى أنه يجوز للمرأة رفع الحاجبين عن طريق العمليات الجراحية أو غيرها إذا كان للتداوي وإصلاح العيب، ولم يكن فيه غرر أو تدليس أو قصد لتغيير خلق الله.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة