صورة أرشيفية
«الوكالة الأدبية».. تهذيب وإصلاح وتسويق!
الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020 - 08:46 م
بقلم: أسامة فاروق
محير سوق النشر في مصر، وعبثي أحيانا لكنه مرن ومفتوح وقابل للتطور، يبتكر آلياته الخاصة، ويلتقط من النماذج العالمية الناجحة ما يساعده على النمو والتوسع، لا يطبق ما يلتقطه تطبيقا حرفيا، والنجاح قد لا يكون حليفه في كل مرة، فيتخبط إلى أن يصل في النهاية إلى المعادلة المناسبة والخلطة اللائقة به .
تحولت الندوات العادية مثلا لحفلات توقيع، ووجدت فكرة كالأعلى مبيعا طريقها، دون إعلان واضح عن عدد النسخ المطبوعة ولا المباعة، لكن تم تكييف المصطلح وتمصيره وأصبح رائجا بغض النظر عن حقيقته الفعلية وطريقه تطبيقه، بعكس فكرة الوكالات الأدبية التي ظهرت في مصر منذ فترة، ولم يكتب لها النجاح، ولم تحقق ما يضمن لها البقاء والاستمرار، ربما أعاقها التنفيذ الخاطئ، وربما لأن السوق نفسه لم يكن مستعدا بعد لاستقبال هذه النوعية من الأفكار.
مؤخرًا ظهرت في القاهرة وكالة أدبية جديدة، تظهر من البداية محاولات تكييفها على الواقع المصري، بالنظر إلى الخدمات التي تقدمها والتي تختلف عن النماذج الغربية المعروفة، فإذا كانت غالبية الوكالات الغربية تبدأ العمل بعد انتهاء النص، فإن الوكالة فى نسختها المصرية تبدأ مع مراحل الكتابة الأولى لتهذيب النصوص وإصلاح عيوبها، الوكالة توفر لروادها حسب التعريف الرسمى خدمات التحرير، والتصحيح اللغوى، والتنسيق والإخراج الداخلى الفنى للكتاب، وتصميم الأغلفة. بالإضافة للخدمات التسويقية والترويجية للكتّاب ودور النشر، وعمل حَفلات تَوقيع ومُناقشات للأعمال الأدبية، والتقديم فى الجوائز والمُسابقات المصرية والعربية، وخدمات الترجمة للنصوص الأدبية من العربية إلى اللُغات الأُخرى، وتحويل الكتب الورقية إلى نسخ صوتية وإلكترونية، وخدمات السينما والدراما من خلال التواصل مع شركات الإنتاج المُختلفة لعرض أعمالها عليهم لبحث صلاحيتها للدراما التليفزيونية أو السينمائية.
الكاتب عماد العادلى صاحب الفكرة قال لأخبار الأدب أنه حاول استغلال خبرته الكبيرة فى الوسط الثقافى المصرى، والتى كونها عبر أكثر من 25 عاما فى مجال الكتب والثقافة فى مصر لتقديم خدمة يحتاجها الوسط منذ مدة. انتهت علاقة العادلى كمستشار ثقافى لمكتبات أ منذ سنة ونصف تقريبا، وأتيحت له أخيرا فرصة الانفراد بنفسه والتفكير، فبدأ فى تنفيذ الفكرة التى كانت تراوده منذ سنوات، لكنها لم تكن قد تبلورت بعد.
كان العادلى يفكر فى كيان للتحرير الأدبى فقط، فعبر السنوات التى قضاها فى أ ناقش الكثير من الأعمال الجيدة، لكنه فى بعض الأحيان كان يجد نفسه أمام أعمال الا تستحق الحبر المطبوعة بهب لكتاب يتوهمون أنهم يستطيعون الكتابة، أو أوهمهم الناشرون بذلك، فى عمليه يحكمها البعد التجارى البحت، وجد نفسه أمام أشخاص لا تعنيهم الكتابة بقدر ما يعنيهم التواجد وطرح أنفسهم ككتاب فى سوق قد لا يراهم أو يهتم بهم من الأساس.
وجد العادلى أيضا أن كثير من دور النشر لا تهتم بفكرة التحرير الأدبى، وأن القلة فقط من يعنيهم خروج الكتاب بشكل احترافى مقبول، كما لاحظ أن الكتاب غارقون فى تفاصيل كثيرة تلهيهم ومراحل كثيرة تشغلهم حتى يخرج كتابهم إلى النور، فتبلورت فكرته فى إنشاء كيان واحد يتولى هذه المسؤوليات مجتمعة، كيان واحد يضم محررين ومدققين لغويين وفنانين لصناعة أغلفة مختلفة، أطلق على تلك المرحلة اخدمات ما قبل النشرب تتبعها مرحلة أخرى لما بعد النشر تضم التسويق والترجمة والتواصل مع الكيانات المعنية بتقديم الأعمال فى الدراما، إضافة إلى التقديم فى الجوائز المحلية والخارجية.
الوكالة التى افتتحت مؤخرا لا تقبل كل الأعمال المعروضة عليها ذيقول العادلى- ضمانا لسمعتها وسمعة العاملين فيها، يمر العمل المقدم لها بـ3 مراحل، الأولى هى القراءة الانطباعية للحكم عليه، هل يستحق النشر أم لا؟ وتحدد الوكالة بناء على هذه القراءة الأولية إن كانت ستتولى العمل أم ستعتذر لصاحبه اوإذا لم نقبله لا نترك الكاتب وحيدا بل نقدم له نصائح مجانية يستفيد منها فى عملية الكتابة مستقبلا". فى حالة كان العمل جيدا لكن به امشاكل فى السرد، أو الشخصيات، الحبكة.. إلخب يقبل لكن تبدأ المرحلة الثانية وهى التحرير، حيث تقدم الوكالة لكاتب العمل مجموعة من النصائح التحريرية فى تقرير واضح بالمشكلات ايقوم بالعمل عليها بنفسه، أو توكل المهمة إلينا بحيث يخرج العمل فى النهاية بشكل يرضى جميع الأطرافب المرحلة النهائية هى البحث عن ناشر للعمل، حيث تقوم الوكالة بترشيح الكتب لدور النشر والعكس أيضا انعرف مواصفات الناشرين والكتب التى قد تنال إعجابهم وبالتالى سيكون من السهل علينا ترشيح النصوص لهم والعكسب وبالطبع ستختلف عمليه التفاوض تبعا لاسم الكاتب والدار المختارة.
يعرف العادلى أن محاولته لإنشاء وكالة أدبية ليست الأولى فى مصر أو المنطقة، يقول إنه درس المحاولات السابقة لتحديد أسباب النجاح والإخفاق، لذا يرى أن محاولته تحظى بميزة نسبية وهى أن السوق اختلف قليلا الآن عن السنوات الماضية، أصبح أكثر نضوجا، ورغم ذلك سيظل الأمر مفتوحا على كل الاحتمالات اسنخوض التجربة ولا نعرف كيف سيتم استقبالها، نعرف أننا سنتعرض للهجوم من البعض وربما الترصد وهذا طبيعى لأى تجرية جديدة، ولأننا نعرف ذلك ونتوقعه فلن نتوقف حتى نحقق ما نرجوه.. كيان متماسك يبحث عن القيمة. ربما لا تكون لدينا الآن وصفه جاهزة أو نمط معين يناسب الجميع، لكن بعد فترة ستتضح الأمور، لأن ما نقدمه جديد وغير معروف، يعتمد جزء منه على التقليد وجزء آخر اجتهاد شخصى، ونحتاج الوقت لتقييم هذه الخلطة ربما تنجح وربما تفشل أيضاب.
ماذا عن الربح؟ أسأله ويقول: حتى الآن نصرف على الوكالة من جيوبنا الخاصة، وهو وضع طبيعى لأى كيان جديد يبدأ خطواته الأولى، ستأتى مرحلة البحث عن الربح، لكن ليس الآن، وستكون من الخدمات المقدمة للمتعاملين معنا، سنقدم نفس الخدمات التى يقدمها الناشر لكن بجودة أفضل، كما سنقدم ورشا إبداعية لمن تتوافر فيهم الموهبة، ومحاضرات مجانية لمن يبدأون الطريق وحتى لمن رفضنا أعمالهم، سنقدم النصائح لدعم هذه المواهب، وتقديم أساسيات الكتابة الإبداعية لمن لديهم الموهبة وتنقصهم خبرة الأداء الإبداعى، لكن البعد القيمى سيظل حاضرا دائما وبقوة وفى المقام الأول. لك أن تعرف مثلا أننا رفضنا 60% من الأعمال التى قدمت مع الأيام الأولى، وهذا يعطى مؤشرا على أننا لن نقبل أى شىء لمجرد العمل، أنا أعمل فى الوسط الثقافى منذ 25 سنة ويجب أن أحافظ على سمعتى وسمعه من يعملون معى، لن أقبل أى شىء ينتقص من القيمة. فالناشر قد يقبل بعض الأعمال لاعتبارات تجارية، وهو ما لن نفعله، سنقدم كل الخدمات سواء ما قبل النشر أو بعده فى هذا الإطار، حتى النصوص التى سنعمل عليها بعد نشرها كالتسويق وخلافه، لابد من موافقة هيئة التحرير الخاصة بنا عليها أولا.. علينا دور يجب أن نؤديه ولا مانع من تأديته بشكل أخلاقى.
الوكالة تبحث عن الكاتب أم يبحث عنها؟
فى هذه المرحلة الكتاب هم من يبحثون عنا، بدأنا منذ شهرين فقط، ومع الأيام الأولى تلقينا بالفعل عشرات الأعمال، وكنا نظن أننا سنظل عدة شهور بلا عمل، هذا مؤشر على تعطش السوق لكيان مثل هذا، ولمعاناة الكتاب مع الناشرين، ومؤشر لثقة الناس الكبيرة وهو ما يحملنا مسؤولية أكبر، والأهم أنه يعطى مؤشرا على وفرة الكتابة فى مصر وهو أمر إيجابى جدا من وجة نظرى.
التمصير هو الحل
اختلاف السوق نقطة يؤكدها الناشر شريف بكر أيضا. يقول إن السوق الآن وقبل كورونا بالتحديد كان قد وصل لمعدلات جديدة، يتحمل معها تجارب مختلفة فى النشر والتوزيع، وظهور أشكال جديدة للتعامل كالوكالات الأدبية، وهى الأشكال التى تظهر بوضوح فى االأسواق الناضجةب التى تشهد مستويات عالية من الأرباح، وظهورها الآن فى مصر تأكيد على أن السوق يكبر وينضج احتى وقت قريب لم يكن هناك اهتمام بنوع الورق وشكل الغلاف، كان المهم أن يصدر الكتاب فقط، الآن الأمور مختلفة أصبح هناك سلعة لابد من تسويقها ومتابعة عملية إنتاجهاب والوكالات الأدبية جزء أساسى من مراحل النمو اوإن عانت فى البداية من الرفض والتعثر فمع الوقت ستنضبط الأمور وتأخذ مكانتهاب.
لكن لكى تنجح هذه التجارب لابد من تمصيرها كما يؤمن شريف بكر، يقول إن نقلها الحرفى سيجعلها تواجه عقبات كثيرة، كما أن نجاحها يتوقف على بعض التغييرات فى المفاهيم، كأن تصبح معارض الكتب لشراء الحقوق وليس لبيع الكتب، وأن تكون الأولوية للاتفاقات حول الحقوق والترجمات.
يقول بكر أن فكرة الوكالة بشكلها الغربى ليست جديدة وموجودة بقوة فى مصر لكن فى مجالات أخرى ليست الثقافة من بينها، بالتحديد فى الفن وكرة القدم، وهى إلى حد ما اأسواق ناضجةب أصبح الحديث فيها بالملايين الآن، فأغلب اللاعبين والفنانين لديهم وكالات تتحدث باسمهم، وتتفق على الأعمال والمشاركات فى البرامج والمؤتمرات والمعارض والمهرجانات والمقابلات وغيرها، وهى تعنى باختصار أن يقوم صاحب الموهبة بعرض موهبته فقط فى حين يتولى آخرون كل الأمور المادية المتعلقة بتقديم الموهبة والترويج لها.
وفى الكتابة الأمر نفسه، ليس على الكاتب إلا أن يكتب فقط، ويتولى آخرون عرض العمل على الناشرين ثم بيعه والترويج له بكل الأشكال الممكنة، وتمثيل الكاتب فى كل المراحل، لكنه يشير أيضا إلى نوع آخر من الوكالات الأدبية وهى التى تتعامل مع المغمورين بهدف تقديمهم، وإن كان الأقل ظهورا، كما أن هناك من يقوم بالدورين معا.
تعامل بكر مع كثير من الوكلاء فى الأسواق الخارجية الناضجة يقول إن التعامل معهم ليس سهلا على الناشر لكنه الأفضل بالنسبة للكاتب الذى تعرض عليه النتائج النهائية للتفاوض، افى بعض الأحيان كان المؤلف أكثر سهولة بكثير من الوكيل، فالمؤلف يرى أنه من مصلحته أن تتم قراءته فى بلد آخر لا يعرف لغته كمصر مثلا، ويقف كثيرا أمام كتابه الذى لا يستطيع هو نفسه قراءته متأملا شكل اسمه وطريقة كتابة الحروف، هذه الأشياء لا تهم الوكيل بالطبع الذى يهتم بالمادة فى المقام الأول، هنا يكون دخول الكاتب كطرف مفيد للناشر الذى يبحث عن حقوق ترجمة العملب.
هناك نماذج عالمية ناجحة جدا فى هذه المسألة ككارمن بالسيلز التى يقول بكر إنها كانت تتولى أعمال يوسا وماركيز وإيزابيل الليندى ايثقون فيها جدا إلى حد أنها تستطيع التدخل فى أعمالهم وطرح تعديلات عليها، وهى فى المقابل تحصل لهم على أفضل العقود وأعلاها سعرا ولا تقبل تخفيضها أبدا، وتنتصر فى النهايةب.
وكالة للإرشاد
وجود الوكالة يفترض وجود سوق بقواعد احترافية، يقول الكاتب شادى لويس ويضيف أن هذا غير موجود لدينا حتى الآن، وإن كانت هناك علامات إيجابية حتى ظهور الكورونا.
الوكالة الأدبية كما يراها فى الخارج تعمل لصالح الكاتب، بحيث تسوق له عمله مع الناشر لتصل لأفضل عرض. لكنها أيضا تعمل لصالح الناشر بشكل غير مباشر، لأنها تقوم بفلترة الأعمال نيابة عنه، لذلك هناك ناشرون لا يتعاملون مع أفراد لكن مع وكلاء فقط. والوكيل طبعا لن يمثل غير من يثق فى أعمالهم، أو يضمن أنه سيجد له العرض المناسب.
الوكالة الأدبية فى الخارج بحسب متابعته لا تقوم بتعديلات على النص الأصلى، لكنها يمكن أن تنصح الكاتب، وتطلب منه أن يقوم هو بتعديلات معينة، تنحصر فى الغالب فى طول النص أو أن النهاية محبطة أو العنوان غير جذاب.
يختتم صاحب طرق الرب: هذا كله غير متوفر فى مصر، أولا فى الأغلب الكاتب لا يتقاضى أموالا، وإن وجد فهى رمزية، ومعظم العقود نسخة واحدة، توجد استثناءات أحيانا لكنها تظل محدودة، من ناحية أخرى معظم الناشرين يختارون الأعمال عن طريق المعارف والعلاقات الشخصية! لذا أعتقد إن أى وكالة ستعمل على الكتاب الجدد ومن يبحث عن ناشر، أو مع كتاب لديهم طموح للترجمة مثلا. وسيكون دورها إرشادى فى أغلب الأحوال.
استثمار طويل الأجل
االتخوف الأساسى أن تكون مجرد استكمال شكلى لصناعة النشرب. يقول الروائى محمد عبد النبى، ففى رأيه أننا نتعامل واكأنب لدينا صناعة نشر بمعناها الحقيقى، لكن أى متابع للتفاصيل سيدرك بسهولة أن تلك الحالة ليست صحيحة على الإطلاق، لأن الأمور متداخله، والاختصاصات غير محددة، هذه السيولة تبرر التخوف الدائم من أن تكون تلك المشاريع مجرد جهات أخرى لاستنزاف الكتاب وأخذ الأموال منهم باعتبارهم ازبائنب. لديها، وسيكون ذلك بالتأكيد عبء جديد على الكتاب المثقلين بالأحمال بالفعل.
يوضح عبد النبى: أنا هنا لا أتحدث عن الوكالة الجديدة لأنى لم أطلع على تفاصيل المشروع حتى الآن، لكن دور الوكالة كما أفهمه أن تزيح عن كاهل الكاتب كل ما هو خارج عمله الأساسى وهو الكتابة، أن تتحدث باسمه وتبحث عن مصلحته مع الأطراف الأخرى، فغالبية الكتاب ليس لديهم خبره قانونية ويقعون أحيانا فى مشاكل كثيرة بسبب ذلك، لذا نحتاج لمثل تلك الكيانات لتمثيلنا، للبحث عن الناشرين والتفاوض معهم، وأن تتولى عمليه التسويق فالكاتب لا يجب أن يروج لنفسه، الكاتب فى النهاية فرد ويحتاج لمؤسسة تتولى عنه المسؤوليات الكبيرة التى يواجهها الآن وحده.
كثيرا ما يتلقى عبد النبى اتصالات من كتاب جدد يبحثون عن محرر لأعمالهم، تأكد بنفسه من أن هذا الدور أصبح مطلوبا الآن وبكثرة، لكنه يرى أن التحرير والتدقيق من مسؤوليات الناشر فى الأساس، لكن تداخل الاختصاصات حول المحرر لمجرد امخبرب لدى دار النشر، يبحث فى العمل عن الجنس أو السياسة أو الدين، يجنب الدار الوقوع فى المشكلات، رغم أن دوره الحقيقى هو البحث عن نقاط القوة فى الأعمال المقدمة، وتطوير الأفكار وتحريرها الذا لو استطاعت الوكالة فى البداية أن تقوم بهذا الدور فقط، عبر مجموعة جيدة من المحررين، ثم تتولى الوساطة مع دور النشر بعد ذلك فسيكون وجودها مهم جداب.
يرى عبد النبى أن هناك اتيار كتابى مخيفب يتحرك وكأنه تحت الأرض الآن.. كتاب وقراء وأعمال تسويق كبيرة، تدور ولا نعلم عنها شيئا، كتاب االأنواع الفرعيةب كما أسماهم، من بين هؤلاء قد تكون هناك مواهب حقيقية تحتاج التوجيه فقط، وهذا هو الدور الحقيقى للوكالة، أن تبحث عن هؤلاء وتتبناهم وتوجههم ابشكل عام أتمنى نجاح هذا النوع من المشاريع وأتمنى أن تظهر وكالات أخرى للتنافس على الكتاب وخطفهم، مع الوضع فى الاعتبار أنه استثمار طويل الأجل، ولكى يأتى بمردود جيد لابد من تبنى كتاب شباب وجادين، وأن تكون الوكالة سندا لكتابها، وسيصب هذا كله فى مصلحة الكتابة فى النهايةب.
التجربة الإماراتية
تحمس الروائى أشرف العشماوى لفكرة الوكيل الأدبى لاحتياج السوق لهذا النوع من التخصص، وأيضا لوجود عماد العادلى فى إدارة المشروع اوأنا أثق بهب. لكن الحماس لم يستمر طويلا، يقول: وجدتها تميل ناحية النشر أكثر من تخصصها كوكالة أدبية فاختلط على الأمر وشعرت ببعض الإحباط. يتخوف العشماوى من تشابه الوكالة مع مشاريع أخرى سبقتها فى السوق المصرى وتقوم بالدور نفسه افى تقديرى أن المحاولات التى جرت وربما بعضها لا يزال موجودا كانت بعيدة إلى حد كبير عن مفهوم الوكالة وتميل أكثر لفكرة الناشر السمسار مع التداخل فى اختصاصات المحرر الأدبى والمدقق اللغوى والناشر بمقابل مادى، وتخلط بين الاختصاصات فى مزيج يبعد بها عن فكرة الوكيل الأدبى فتمحو شخصيته ولا تصل إلى مبتغاها من النشر أو التحرير الأدبى أيضا، وهو ما يكشف عن خلل كبير فى المفاهيم، ويضر صناعة النشر ككلب الناشر فى نظره لا يجب أن يكون سمسارًا لغيره لأنها مهمة الوكيل الأدبى الذى يعرض إبداع مؤلفه على دور النشر لاختيار أفضل عرض أو ترجمة للغة أخرى أو التسويق الجيد أو العروض الدرامية والسينمائية لتحويل العمل الأدبى لبصرى أو مسموع، أيضا اختيار الصحف لإجراء المقابلات ووضعية الكاتب على الغلاف أو عدد الصفحات المخصصة له بالداخل... الخ، أما التحرير فهى مهنة أخرى تماما مغايرة لفكرة الوكيل الأدبى وكذلك النشر والتدقيق اللغوى كلها تختلف عن الوكالة الأدبية، وهذا الخلط المتعمد وربما عن جهل فى أحيان كثيرة من الجانبين، سيضر بصناعة النشر وسيقدم كتابا مشوهين بكتابات ضعيفة من أجل الربح وسيدفعون فى المقابل ما يطلب منهم من أجل الشهرة السريعة والوصول للقارئ ولن يصلوا، والنتيجة لن تكون فى صالح القارئ الذى سيتجاهلهم بعد الكتاب الأول.
الحل فى رأيه أن نتبع ما جرى بدولة الإمارات منذ ست سنوات بدلا من اختراع العجلة هنا، عن طريق تسجيل الوكيل الأدبى المعتمد ومنحه ترخيصا رسميا بالوكالة من خلال الدولة، وتكون له مهام محددة تتسق وتعريفه ليتعامل معه الناشرون العرب والمصريون ومن ثم الأجانب بثقة، مثلما يحدث فى إنجلترا وأمريكا وفرنسا اغير ذلك فإن الأمر سيبدو أقرب لمحاولات لا أظن أنها ستكلل بالنجاح وإن كنت أتمناه لهاب.
بشكل شخصى يتعامل العشماوى مع الدار المصرية اللبنانية منذ عشر سنوات باعتبارها ناشرا محترفا ينشر الأعمال ويسوقها، ويقوم بأعمال الوكالة فى الوقت نفسه اأتعامل مع أحمد رشاد المدير التنفيذى للدار كوكيل أدبى لأعمالى عبر توكيل خاص بهذا المفهوم يتولى جلب عقود الترجمات ذ ست لغات إلى الآن لبعض رواياتى ذ والأعمال الدرامية ذ بيعت أغلبها لتحويلها لأعمال فنية ذ والندوات خارج مصر مثل ما جرى فى العامين الماضيين على سبيل المثال فى دول السعودية والإمارات والمغرب والأردن ولندن، ومخاطبة الناشرين الأجانب ومتابعة وكلاء أدبيين أوربيين يسوقون أعمالى فى إنجلترا وإيطاليا وألمانيا على سبيل المثال. كل هذه الأمور بعيدة عن النشر، حيث تتولى نورا رشاد أعمال التحرير الأدبى لأعمال العشماوى منذ سنوات ثم اختيار الأغلفة ونشر العمل وإدارة ندوة إطلاقه، وهناك هيئة ثالثة بالدار للتدقيق اللغوى، بينما هناك آخرون يختصون بالتوزيع والتسويق االعمل يتسم باحترافية بالغة دون تداخل.