الناقد‭ ‬والمفكر‭ ‬الراحل‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد
الناقد‭ ‬والمفكر‭ ‬الراحل‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد


إدوارد سعيد.. ذاكرة ليست للنسيان

أخبار الأدب

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020 - 08:54 م

بقلم/ محمد‭ ‬شاهين

هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬تمر‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ‭ ‬85على‭ ‬ميلاد‭ ‬الناقد‭ ‬والمفكر‭ ‬الراحل‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد،‭ ‬وقد‭ ‬خص‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬شاهين‭ ‬صديق‭ ‬إدوارد‭ ‬وصاحب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬والترجمات‭ ‬عنه‭ ‬أخبار‭ ‬الأدب‭ ‬بهذا‭ ‬المقال‭.‬

عندما‭ ‬علمت‭ ‬من‭ ‬الدكتور‭ ‬حنانيا‭ ‬أن‭ ‬إداورد‭ ‬سعيد،‭ ‬صديقه‭ ‬الحميم،‭ ‬يقضى‭ ‬إجازة‭ ‬نقاهة‭ ‬فى‭ ‬العقبة،‭ ‬سارعت‭ ‬بالاتصال‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭: ‬أنت‭ ‬وأنا‭ ‬يا‭ ‬إدوارد‭ ‬فى‭ ‬موسم‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ (‬كنت‭ ‬آنذاك‭ ‬أعمل‭ ‬نائباً‭ ‬لرئيس‭ ‬جامعة‭ ‬مؤتة‭). ‬وكنت‭ ‬أطمح‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الإشارة‭ ‬أن‭ ‬أغريه‭ ‬بزيارة‭ ‬الكرك‭ ‬وآثارها‭. ‬تابعت‭ ‬حديثى‭: ‬وأى‭ ‬رياح‭ ‬حطت‭ ‬بك‭ ‬فى‭ ‬العقبة؟‭ ‬أجاب‭: ‬أتوق‭ ‬أن‭ ‬أملأ‭ ‬رئتى‭ ‬بهواء‭ ‬هذا‭ ‬الخليج‭ ‬الجميل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬امتلأت‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬بهواء‭ ‬بلدان‭ ‬المنفى‭ ‬التى‭ ‬عشت‭ ‬فيها‭. ‬علمت‭ ‬من‭ ‬مريم‭ ‬زوجته‭ ‬أنه‭ ‬فعلاً‭ ‬كان‭ ‬يتوق‭ ‬فى‭ ‬آخر‭ ‬أيامه‭ ‬أن‭ ‬يقضى‭ ‬وقتاً‭ ‬أطول‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قضى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قضى‭ ‬خارج‭ ‬العالم‭ ‬الذى‭ ‬يعتبره‭ ‬هويته‭ ‬أصلاً‭ ‬وفعل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬ابنه‭ ‬الوحيد‭ ‬وديع‭ ‬قرر‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مسيرته‭ ‬الأكاديمية‭ ‬فى‭ ‬رام‭ ‬الله،‭ ‬وبدأ‭ ‬فعلاً‭ ‬مشروعه‭ ‬وعاش‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬مدرساً‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬بيرزيت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬المغادرة‭ ‬للأسباب‭ ‬المعروفة‭!‬

قابلت‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬سمنار‭ ‬دعته‭ ‬إليه‭ ‬جامعة‭ ‬أكسفورد‭ ‬وكنت‭ ‬آنذاك‭ ‬أقضى‭ ‬إجازة‭ ‬تفرغ‭ ‬علمى‭ ‬فى‭ ‬حزيران‭ ‬1983‭. ‬عنوان‭ ‬السمنار‭ ‬الذى‭ ‬اشترك‭ ‬معه‭ ‬فيه‭ ‬يوسف‭ ‬الصايغ‭ ‬وإبراهيم‭ ‬أبو‭ ‬لغد‭ ‬وزوجته‭ ‬جانيت‭ ‬أبو‭ ‬لغد‭ ‬اجتياح‭ ‬إسرائيل‭ ‬للبنان‭. ‬بعد‭ ‬المحاضرة‭ ‬اصطف‭ ‬نفر‭ ‬من‭ ‬جمهور‭ ‬غفير‭ ‬حضر‭ ‬من‭ ‬أرجاء‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬معبرين‭ ‬عن‭ ‬تقديرهم‭. ‬وعندما‭ ‬أتيحت‭ ‬لى‭ ‬فرصة‭ ‬الحديث‭ ‬معه‭ ‬قال‭: ‬إنه‭ ‬غير‭ ‬مقتنع‭ ‬بالرضى‭ ‬الذى‭ ‬يلقاه‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬أينما‭ ‬ذهب‭ ‬وأن‭ ‬قناعته‭ ‬تتجلى‭ ‬فى‭ ‬حضوره‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تنقله‭ ‬محاضراً‭ ‬بين‭ ‬نيويورك‭ ‬وشيكاغو‭ ‬وكاليفورنيا‭. ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬استعاض‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬رغبته‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالإمكان‭ ‬تحقيقها‭ ‬باتصاله‭ ‬الحثيث‭ ‬مع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربى‭ ‬ومجلاته‭ ‬الثقافية‭ ‬أبرزها‭ ‬الأهرام‭ ‬الأسبوعى‭ ‬الذى‭ ‬دأب‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬كتاباته‭ ‬فيها‭ ‬باللغتين‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والعربية‭.‬
لقاء‭ ‬آخر‭ ‬حظيت‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬إدوارد‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬عمان‭ ‬وبعد‭ ‬مدة‭ ‬وجيزة‭ ‬من‭ ‬شيوع‭ ‬النبأ‭ ‬الفاجع‭: ‬إلمام‭ ‬المرض‭ ‬العضال‭ ‬به‭. ‬شعرت‭ ‬بحرج‭ ‬شديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬لسؤالى‭ ‬عن‭ ‬حالته‭ ‬الصحية‭. ‬لكنه‭ ‬كالعادة‭ ‬كان‭ ‬شجاعاً‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭: ‬اعلىّ‭ ‬أن‭ ‬أتعايش‭ ‬معهب،‭ ‬أتبع‭ ‬كلماته‭ ‬هذه‭ ‬بتنهيدة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬أعماقه‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬تبرّم‭.‬

عادت‭ ‬كما‭ ‬لاحظت‭ ‬بعض‭ ‬ملامح‭ ‬وجهه‭ ‬التى‭ ‬عهدتها‭ ‬فى‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬وأضحت‭ ‬تخفى‭ ‬تحتها‭ ‬صمتاً‭ ‬تعجز‭ ‬الكلمات‭ ‬عن‭ ‬تسجيل‭ ‬انطباعه‭! ‬وجهت‭ ‬له‭ ‬السؤال‭ ‬التالى‭ ‬ونحن‭ ‬نجلس‭ ‬فى‭ ‬بهو‭ ‬فندق‭ ‬الأردن‭: ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬فى‭ ‬جعبتك‭ ‬تود‭ ‬أن‭ ‬تقوله‭ ‬للقائد‭ ‬ورفاقه‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬العبور‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ليأخذوا‭ ‬موقعهم‭ ‬الجديد‭ ‬بعد‭ ‬أوسلو‭. ‬قاطعت‭ ‬صمته‭ ‬وأضفت‭: ‬هل‭ ‬ستبارك‭ ‬لهم‭ ‬بالهدية‭: ‬غزة‭ ‬وأريحا‭ ‬أولاً؟‭ ‬أجاب‭ ‬لن‭ ‬يظفروا‭ ‬لا‭ ‬بغزة‭ ‬ولا‭ ‬بأريحا‭: ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬تأخذ‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعطى‭. ‬إن‭ ‬استطاعوا‭ ‬أن‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يجدوه‭ ‬أمامهم‭ ‬مما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬فهذا‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفعلوه‭ ‬ولهم‭ ‬الشكر‭ ‬أجزله‭.‬

أستذكر‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سمعت‭ ‬صائب‭ ‬عريقات‭ (‬والجميع‭ ‬يدعو‭ ‬له‭ ‬بالشفاء‭ ‬وهو‭ ‬يرقد‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬المرض‭) ‬فى‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬هيئة‭ ‬التلفزيون‭ ‬البريطانى‭ ‬يقول‭ "‬إنهم‭ ‬أخطأوا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأوسلو‭. ‬هذا‭ ‬اعتراف‭ ‬جرىء‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬يأتى‭ ‬متأخراً‭ ‬وبدون‭ ‬جدوى،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬الآخرون‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬وهم‭ ‬يهيلون‭ ‬اللعنات‭ ‬على‭ ‬أوسلو‭ ‬وكأنهم‭ ‬خارج‭ ‬اللعبة‭. ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬قامت‭ ‬نفس‭ ‬القناة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬فى‭ ‬برنامج‭ ‬اأنا‭ ‬الشاهدب‭ ‬بمقابلة‭ ‬مع‭ ‬نبيل‭ ‬عمرو‭ ‬وطرحت‭ ‬عليه‭ ‬سؤال‭ ‬أوسلو‭ ‬أجاب‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬حديثه‭ ‬أن‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬معارضاً‭ ‬للصفقة‭ ‬وأردف‭ ‬قائلاً‭ ‬والسبب‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الشاعر‭ ‬كان‭ ‬أعرف‭ ‬منا‭ ‬جميعاً‭ ‬بالطرف‭ ‬الآخر‭ ‬ربما‭ ‬لأنه‭ ‬عاش‭ ‬بينهم‭ ‬وعايشهم‭ ‬عن‭ ‬قرب‭. ‬هذا‭ ‬أيضاً‭ ‬اعتراف‭ ‬جرىء‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬أيضاً‭ ‬يأتى‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬لكنه‭ ‬أكثر‭ ‬إنصافاً‭ ‬لأنه‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يعترف‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬بحقوق‭ ‬الطبع‭ ‬والنشر‭ ‬إن‭ ‬صحت‭ ‬العبارة‭. ‬أليس‭ ‬من‭ ‬الدهشة‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الضجة‭ ‬حول‭ ‬استنكار‭ ‬أوسلو‭ ‬مؤخراً‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬لمن‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬عواقبها‭ ‬فى‭ ‬حينه‭. ‬وللتاريخ‭ ‬سجل‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد‭ ‬تحفظاته‭ ‬بأدق‭ ‬التفاصيل‭ ‬حول‭ ‬أوسلو‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬له‭ ‬نشر‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬وترجم‭ ‬لاحقاً‭ ‬بالعربية‭. ‬ذكر‭ ‬الصحفى‭ ‬هتشنسن‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬ادوارد‭ ‬سعيد‭. ‬وبالمثل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬عما‭ ‬يدور‭ ‬الآن‭ ‬فى‭ ‬فرنسا‭ ‬حول‭ ‬الإسلام‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬قبل‭ ‬عقود‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬تغطية‭ ‬الأسلام‭.‬

عليهم‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬تأخذ‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعطى‭. ‬إن‭ ‬استطاعوا‭ ‬أن‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يجدوه‭ ‬أمامهم‭ ‬مما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬فهذا‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفعلوه‭ ‬ولهم‭ ‬الشكر‭ ‬أجزله

فى‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬حضرت‭ ‬مريم‭ ‬سعيد،‭ ‬رفيقة‭ ‬درب‭ ‬الراحل‭ ‬فى‭ ‬مسيرته‭ ‬الطويلة‭ ‬والتى‭ ‬تقوم‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬تراث‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد‭ ‬بعزيمة‭ ‬قوية،‭ ‬إلى‭ ‬عمان‭ ‬تحمل‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬شخصية‭ ‬اعتبارية‭ ‬تقدم‭ ‬المحاضرة‭ ‬التذكارية‭ ‬السنوية‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا‭ -‬نيويورك‭ ‬والتى‭ ‬وقع‭ ‬اختيارها‭ ‬على‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭. ‬ذهبنا‭ ‬سوياً‭ ‬إلى‭ ‬مقابلة‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬فى‭ ‬شقته‭ ‬وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬الترتيبات‭ ‬والسفر‭ ‬إلى‭ ‬نيويورك‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬أكتوبر‭. ‬وقد‭ ‬نالنى‭ ‬شخصياً‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬الترتيب‭ ‬وهى‭ ‬أن‭ ‬أقرأ‭ ‬بعد‭ ‬المحاضرة‭ ‬قصيدة‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬بالإنجليزية‭ (‬إذ‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬ترجمتها‭ ‬ضمن‭ ‬مختارات‭ ‬للشاعر‭) ‬والتى‭ ‬رثى‭ ‬فيها‭ ‬صديقه‭ ‬إدوارد‭ ‬وعنوانها‭ ‬اطباقب‭. ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬القصيدة‭ ‬يقول‭ ‬الشاعر‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬صديقه‭: ‬إن‭ ‬متّ‭ ‬قبلك‭ ‬أوصيك‭ ‬بالمستحيل‭. ‬لكن‭ ‬الرياح‭ ‬جرت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬تشتهى‭ ‬السفن‭. ‬سافر‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬مقرراً‭ ‬للمحاضرت‭ ‬ليس‭ ‬ليلقى‭ ‬المحاضرة‭ ‬بل‭ ‬ليلقى‭ ‬ربه‭ ‬فى‭ ‬مستشفى‭ ‬هيوستن‭ ‬وأضحى‭ ‬الاثنان‭ ‬ذاكرة‭ ‬ليست‭ ‬للنسيان‭.‬

فالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قضية‭ ‬المستحيل‭ ‬الذى‭ ‬سيظل‭ ‬يبحث‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬مستوى‭‬‭ ‬المستحيل‭   ‬لينقذها‭ ‬من‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬ملاجئ‭ ‬العجزة‭ ‬ودور‭ ‬الأيتام‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬المفكر‭ ‬الكونى‭ ‬وشاعره‭ ‬الصديق‭ ‬اللذين‭ ‬استشرفا‭ ‬مستقبل‭ ‬المستحيل‭ ‬قبل‭ ‬الأوان‭ ‬وقبل‭ ‬دخوله‭ ‬فى‭ ‬قلب‭ ‬الظلام‭. ‬وإن‭ ‬جازت‭ ‬الرحمة‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬أوسلو‭  ‬ومهندسيها‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة