أحمد حسنين باشا
أحمد حسنين باشا


131 شمعة لأسطورة القصر والسياسة.. الطيار المغامر مستكشف الصحراء الغربية

عاطف النمر

الخميس، 12 نوفمبر 2020 - 04:01 ص

مرت منذ أيام الذكرى 131 لميلاد رجل في هيئة أسطورة لم ولن تتكرر مرة أخرى، رجل كان له تأثير كبير جدا في حياة الملك فاروق وخريطة الدبلوماسية المصرية وإدارة الحكم في البلاد رجلا كتب عنه أمير الصحافة محمد التابعي، وتقرب إليه محمد حسنين هيكل ومصطفى أمين،  حصل على العديد من الألقاب والصفات وارتبط بصداقة مع نجوم عصره "أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وسليمان بك نجيب وآخرين"، ورويت عنه حكايات وحكايات مع اسمهان التى تم اغتيالها فى ظروف غامضة أنه أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي الذي تشكل حياته كتاب من الدراما التي كتبها القدر منذ ميلاده وحتى وفاته الغامضة فى حادث مرورى على كوبري قصر النيل، ولم يتوصل أحد حتى الان لمعرفة من وراء مصرعه: هل هى المخابرات البريطانية التى ارادت التخلص منه لكى تستفرد بالملك فاروق بعد غيابه عن مسرح الحياة ؟ أم ان هناك جهة اخرى دبرت لذلك؟

ولد أحمد حسنين باشا في حي "بولاق" بالقاهرة في ٣١ أكتوبر ١٨٨٩، ووالده هوعالم الأزهر محمد حسنين وجده أحمد حسنين الذي حمل لقب أمير التجار وكان والده أحد المقربين من الخديوى عباس ثم السلطان حسين كامل وعندما تولى الملك فؤاد الحكم تمكن والده من الحصول على توصية للورد ميلر لإلحاق نجله احمد بجامعة أكسفورد بعد أن قضى عامًا فى مدرسة الحقوق الخديوية وقد شغل عدة وظائف فعمل كمساعد مفتش بوزارة الداخلية ثم منتدباً لمفاوضة إيطاليا بشأن الحدود الغربية عام ١٩٢٤ ثم أميناً للملك فؤاد عام ١٩٢٤تم انتدابه لملازمة ولى العهد فاروق فى رحلته الدراسية بلندن أكتوبر ١٩٣٥، فأصبح رائدا للملك فاروق ومعلمه الأول ورئيس ديوانه الملكى فيما بعد، وكان له أثر كبير فى تفكيرالملك فاروق ومخطط لمسار فترة حكمه التى أمتدت خمسة عشر عاما  ظل خلالها رئيسا للديوان الملكي.

تزوج أحمد حسنين باشا من لطيفة هانم سرى ابنة شويكار خانم أفندى مطلقة الملك فؤاد وأنجب منها ولدين هما هشام والذى أصبح ضابطا بالجيش والثانى طارق الذى عمل بالتجارة وأنجب بنتين هما جيدة ونازلى وتزوجها عليها الملكة نازلى والدة الملك فاروق، وصفته جلالة الملكة فريدة: "بأنه دبلوماسيا رقيق الطبع ويبدو مهذبا ناعم الكلام  هاديء ورصين بما يفوق سنه وكان من اصحاب المدرسة الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) وكان فاروق في أول عهده يطيعه طاعة عمياء ويخافه وكان شديد التأثير عليه وعلى الدبلوماسية المصرية لكن الاحوال ساءت بينه والملك فاروق الذى لم يكن يطيق سماع اسم أحمد حسنين !! "هكذا تحدثت عنه الملكة فريدة دون ان تفصح على اسباب الكراهية الطارئة التى حدثت بين فاروق ورئيس ديوانه الملكى ورائده ومعلمه الأول.

اتسم أحمد حسنين باشا بروح المغامرة وحب الاستكشاف لمجاهل الصحراء ومغامراته مع الطيران فقد قام بعدة رحلات لاستكشاف الصحراء الغربية بمصر وليبيا كانت الأولى عام ١٩٢٠ برفقة الإنجليزية "روزيتا نوريس"، وتمكن من اكتشاف واحتي "العوينات وأركنو" ولم يكن قد تم اكتشافهما من قبل واكتشف "واحة الكفرة"، وتم منحه الميدالية الذهبية من الجمعية الجغرافية العالمية للاكتشافات ومنحته الجمعية البريطانية لقب "رحالة عظيم"، وأصدر أحمد حسنين باشا كتابه " الواحات المفقودة " باللغة الإنجليزية عام ١٩٢٥ وتم ترجمته إلى عدة لغات  ونظم أمير الشعراء أحمد شوقي بك قصيدة يصفه فيها بالمغامر والرحالة الجريء ووصفه ايضا بأنه طيار جريء قام بأكثر من محاولةٍ للطيران من مصر إلى أوروبا. وكانت هذه القصيدة تدرس للتلاميذ فى كتب المطالعة.

كما كان أحمد حسنين باشا بطلاً دولياً فى رياضة السيف "الشيش"، ومثل مصر والعرب في دورة استكهولم التى جرت عام ١٩١٢ وكان وقتها مازال طالباً فى إنجلترا، وحقق مكسبا فى التصفية الأولى فى فردى سيف المبارزة ما أثار فزع الأمير محمد على توفيق حينما تحداه ذات يومٍ للمبارزة وتم تعيينه سكرتيراً أول للمفوضية المصرية بواشنطن وترأس الفريق المصرى فى الألعاب الأوليمبية ببروكسل عام ١٩٢٠ كما تولى رئاسة النادى الاهلى ونادى السلاح الملكى ونقل من واشنطون كسكرتير أول للمفوضية المصرية إلى نفس المنصب فى السفارة المصرية بلندن. وعين عام ١٩٢٦ أميناً أول بقصر عابدين ولما سافر الملك فؤاد فى رحلته إلى أوروبا اصطحبه معه وعرف عنه هواية المغامرة التى جعلته يقلد الطيار محمد صدقى فى رحلته من أوروبا إلى مصر بالطائرة.. فطار بعدها بأسبوع واحد فقط إلا أن طائرته سقطت ونجا من الموت بأعجوبة! وقد نال الكثير من الاوسمة والنياشين من مختلف دول العالم وعرضت عليه الولايات المتحدة الامريكية ان يلقى محاضرات عن رحلاته الاستكشافية فى الصحراء على ان يلقيها بالزى البدوى مقابل 25 الف دولار لكنه رفض ان يكون "اراجوزا " ليرضى الامريكان.

رحل أحمد حسنين باشا في حادث مروري دراماتيكي يبدو وكأنه حادث قضاء وقدر ففى الساعة الثالثة ظهر يوم الثلاثاء ١٩ فبراير من عام ١٩٤٦ غادر أحمد حسنين باشا قصر عابدين بسيارته متجهاً إلى بيته فى الدقى واثناء عبورسيارته كوبرى قصر النيل صدمته سيارة لورى تابعة لجيش الاحتلال الإنجليزى صدمة كبيرة وارتطمت سيارته  بسيارة أخرى وبدأت الدماء تنزف من انفه بغزارة وتصادف وقتها مرورسيارة أحمد عبد الغفار باشا وزير الزراعة الذى شهد تفاصيل الحادث، فأسرع بنقله إلى مستشفى الأنجلو أمريكان لكنه توفى وخرجت صحف مصر والعالم اليوم التالى تتصدرها أخبار الحادث ولم تشر الصحف ووكالات الانباء بأصابع الاتهام تجاه أحد من اطراف اللعبة السياسية فى مصر   وبات الحادث كأنه قضاء وقدر إلا ان كتابات كثيرة تساءلت فيما بعد عن غموض الحادث، هل هو مدبر للتخلص من الرجل المسيطر على فكر الملك فاروق وصانع سياسات حكمه للاستفراد به بعد اختفاء احمد حسنين باشا عن مسرح الحياة والاحداث،  واستبعد اغلب من كتبوا عن أحمد حسنين باشا ان يكون حادث الوفاة بعلم من الملك فاروق الذى لم يكن فى وقت الحادث على وفاق مع زوج والدته الملكة نازلى ورئيس ديوانه الملكى وستظل حياة أحمد حسنين باشا مثار جدل وستظل وفاته غامضة ايضا!!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة