هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

هالة فؤاد والفولكلور الفلسطينى

هالة العيسوي

الخميس، 12 نوفمبر 2020 - 07:26 م

لا يفوتكم هذا الكتاب "الفولكلور الفلسطينى بين السرقات الإسرائيلية وتحديات طمس الهوية".
بمبضع جراح ماهر غاصت الكاتبة الصحفية هالة فؤاد فى النسيج الفلسطيني، وببراعة شديدة قامت بتشريح تركيبة الثقافة الشعبية الفلسطينية، وفضحت محاولات الاحتلال الإسرائيلى طمس الهوية الفلسطينية والاستيلاء على مكوناتها الحضارية ونسبتها إليه. وبروح المناضل العربى الذى يأخذ على عاتقه مهمة مقاومة الاحتلال ولو بالقوة الناعمة بالحفاظ على التراث تقدم الكاتبة دورًا تثقيفيا مهما فى كتابها الصادر حديثًا.
أبحرت هالة فى أعماق كنوز التراث الفلسطيني، ورصدت جهودًا حثيثة لكنها مذبذبة القوة فى الحفاظ على هذا التراث الثمين وجالت فى شهادات الباحثين الأجانب الذين كشفوا بدلائل علمية محايدة جرائم التزوير الصهيونى وسرقة التراث الشعبى الفلسطيني. سرقات الاحتلال الصهيونى لم تقف عند حدود اغتصاب الأرض؛ بل تمادى ووصل به الحال إلى سرقة الطوب وأطلال المنازل الفلسطينية القديمة التى قام بهدمها وتشريد أهلها واستخدمها فى بناء كنيس يهودى ليعطى الانطباع بقِدم هذا الكنيس ويدعى لنفسه حقًا تاريخيًا فى المكان. وفى محاولته لطمس الهوية الفلسطينية قام بتغيير أسماء المدن والبلدات العربية وأعطاها أسماء عبرية مثل عسقلان التى حولها إلى إشكالون ونابلس التى حولها إلى شيخم.
فى كتابها الشيق تناولت المؤلفة بالتفصيل الزى الشعبى الفلسطينى المميز بدقة الصنع ورقى الذوق وأوضحت كيف يبوح هذا الزى بأسرار الطبقات الاجتماعية التى ترتديه، وكيف تكشف تفاصيل تطريزاته الدقيقة عن حقيقة الطبقة ومكونات المجتمع الذى يستخدمه فيما يطلق عليه اللغة الصامتة. ولم تكن الأغنيىة الشعبية أقل اهتمامًا عند هالة فؤاد من الأزياء الشعبية، وحظيت المواويل الفلسطينية وأغانى الأعراس والأناشيد الوطنية الشعبية بقسط كبير من ملاحة المؤلفة فى التراث الشعبى الفلسطيني، وفيه رصدت جرائم الاحتلال فى السطو على الأغانى الشعبية الفلسطينية والعربية وتحويلها إلى أغانٍ يدعى أنها إسرائيلية.
تنتقل المؤلفة إلى الرقصات الشعبية الفلسطينية وأهمها على الإطلاق الدبكة، وذلك فضلًا عن رقصات الجلوة والسحجة والخيول والسامر. إلا أن الدبكة على تفردها وتميزها تعرضت بدورها للسرقة من قبل الاحتلال، فقد قامت إسرائيل بتكوين فرق شعبية تجوب العالم وتشارك فى المهرجانات الدولية تقدم فيها الدبكة على انها من الفولكلور الإسرائيلي. لم تقتصر السرقات الإسرائيلية على الرقصات الشهيرة بل امتدت إلى الرقصات المغمورة التى أهملها الفلسطينيون مثل رقصة الدحية. وتداول نشطاء الفيسبوكفيديو يظهر احتفالًا إسرائيليًا قاموا فيه بغناء الدحية باللغة العبرية بينما انبرى المشاركون بتقليد حركات الرقصة فلسطينية الأصل.
كان المطبخ الفلسطينى من أكثر مظاهر الهويةالفلسطينية عرضة للسرقة، وقدم طبق الفلافل والجمص للرئيس الأمريكى أوباما على انه من الأكلات الشعبية الإسرائيلية، وجاء طبق الشكشوكة إلى مائدة السكرتير العام للأمم المتحدة بان كى مون بادعاء أنه طبق إسرائيلي. أكثر من هذا خرج أفيخاى أدرعى المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى بمنتهى التبجح على صفحته بالفيسبوك بصورة بمناسبة اليوم العالمى للغذاء تضم عددًا من الأكلات الفلسطينية الشهيرة منها الشكشوكة والحمص والفلافل وعلق متسائلاً: "حابين نسألكم شو أكلتكم المفضلة من المطبخ الإسرائيلي".
لذا ينبغى توجيه التحية لكل المؤسسات الفلسطينية الساعية للحفاظ على التراث الشعبى من محاولات اقتلاع الجذور، لكن الاكتفاء بالمشاركة الوجدانية وحدها لا يؤدى الغرض، من هنا تبرز أهيمة هذا الكتاب للتوعية بضرورة القبض على مفاتح هذا الكنز الذى لا ينبغىى أن يندثر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة