الخميس، 12 نوفمبر 2020 - 07:33 م

"ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم" قالها  ذات يوم أشرف خلق الله  لأنصاره،  فرد قائلا "أنا لها، لينصب من بعدها قائدا للحروب اللسانية التي نشبت بين المسلمين والمشركين؛ يمدح فرسان الإسلام ويهجو أعدائهم، إنه شاعر النبي الذي عاش نصف حياته الأول -60 عام- في الجاهلية والنصف الأخر أفناه مدافعا عن الدين، الصحابي الجليل الذي دعا له رسول الله "اللهم أيده بروح القدس"، أبو الوليد حسان بن ثابت، الذي ولد قبل مولد الرسول بنحو ثمان سنين ورحل بعده بحوالي 24 عام.


قرون مرت تغير خلالها الكثير لكن سيرة شاعر الرسول ظلت عطرة وطيبة واستمرت أشعاره وأعماله كما هما مصدرا للتفاخر حتى أن الكثير من المساجد والمقامات شيدت له بعد رحيله ومنهم الضريح الوهمي داخل مسجد يحمل اسمه  بحدائق القبة، والذي يصف الكثيرين من أبناء الحي بالمكان المبروك.

بمجرد أن تطأ قدميك المسجد ذات الثلاث أبواب متلئ قلبك بالسكينة ربما مصدرها تأملات هادئة للمسجد الواسع المزينة جدرانه بكلمات وأذكار الله التي تغوص في قراءتها حتى تتعلق عيناك بغرفة في منتصف الجانب الأيسر من المسجد  أعلاها لافتة تعريفية  "مقام سيدي حسان بن ثابت".

  تقترب من الغرفة بشغف المعرفة تدخلها ولست وحدك بالتأكيد من سلك المسار فسيطر عليك هيبة المكان، غرفة لا يتعدى طولها  ثلاثة أمتار وعرضها لا يتجاوز المترين تكتسي جدرانها بالبراويز الحاملة للآيات القرآنية  ويستحوذ على بلاطها مقام مغطى بالقماش الأخضر  في مقدمته رخامة محفور عليها جملة "سيدي حسان بن ثابت"، ومعلق على قبته سبحة كبيرة.

تتسلل الراحة إليك  كلما مر الوقت داخل غرفة المقام التي أصبحت مزار وقبلة للمسلمين خاصة يوم الجمعة، "الناس تتبارك بالمقام وتعتبره تميمة الحظ .. فالكثيرين يأتون إليها ا لقراءة  الفاتحة والدعاء، حسبما يؤكد  عامل المسجد قبل الشروع في تنظيف الغرفة التي تحتضن بين جدرانها الصغيرة مقام لشاعر الرسول المنتمي لبني النجار أخوال رسول الله.

وعلى الرغم من كون الضريح وهمي وأن الصحابي الجليل مدفون بالبقيع مع الرسول الكريم، إلا أن المقام يعد قبلة مبروكة للكثيرين.