مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية


مفتي الجمهورية: لبينا دعوة الرئيس للتجديد ولم نحكتر فهم الواقع

إسراء كارم

الجمعة، 13 نوفمبر 2020 - 09:58 م

أكد فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، فيما يخص الدعوة الرئاسية لتجديد الخطاب الديني، أن المؤسسات الدينية لبت دعوة رئيس الجمهورية، ولم تحتكر فهم الواقع وتقصره عليها فقط.

وأشار فضيلة مفتي الجمهورية خلال لقائه في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، إلى أن المؤسسات الدينية توسعت في الاستعانة بالعديد من الاختصاصات الطبية والاقتصادية وغيرها للحفاظ على الثوابت، وهو ما تفعله دار الإفتاء المصرية عند إصدار الفتاوى.

وقال " فهمنا دعوة رئيس الجمهورية لتجديد الخطاب منذ 2014 أنها دعوة نحو معالجة قضايانا المعاصرة في ضوء فهم سديد للنصوص الشرعية، وهذا يعني بأنني أحافظ على الثوابت الدينية التي لا يمكن بحال من الأحوال أن نتجاوزها أو نعدل في مسارها، فطريقة عرضها هي الأهم".

وفي إجابته عن سؤال حول "إمكانية إهمال النص" أوضح: "نتعامل مع النصوص بضوابط كثيره في الفهم، ولا بد من توافر شروط لننزل بالنصوص على أرض الواقع، مثل توافر الشروط والأسباب وانتفاء الموانع، ويمكن أن يظهر في بعض الحالات عدم تطبيق النص، لكن الواقع أنه طبِّق تطبيقًا صحيحًا".

واستكمل: "لذلك لما حل عام المجاعة في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كانت الناس في حاجة شديدة، وكانت هناك بلا شك أياد امتدت إلى ملك الآخرين، وانتشرت السرقة، لكنهم كانوا في حاجة وعوز، وفي هذا الحالة لا يصح تطبيق عقوبة السرقة؛ لأنه إن وجدت الضرورة مثل ما حدث في عهد عمر بن الخطاب من مجاعات وبحثنا عن توافر الشرط والأسباب وانتفاء الموانع، نجدها غير متوفرة، بينما يظن بعض الناس أن الفقيه أهمل النص".

وفي شأن آخر حول رؤية بعض التنويريين أن تكليف الرئيس سقط في منطقة لا يمكن فيها التجديد، وأن الأزهر المنوط به التجديد هو نفسه الذي يقوم بتدريس المناهج المراد تجديدها، أكد مفتي الجمهورية أن هناك قضية تعليمية، وهناك قضية إفتائية ونحن نعلم أبنائنا كيف يتعاملون مع المكتوب وأنه ينبغي عليهم هذا الفهم عند التعامل مع التراث في زمنه، وأن الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان والشخص، ونحن في زمن مختلف عن هذا الزمن، فلا ينبغي الاستدلال ولا استدعاء الفتاوى التي صدرت في هذا الزمن إلى زمننا هذا؛ لكونه يمثل خللًا وجرمًا أن نأتي بفتوى صادرة لزمن معين وفي سياق معين، واختلفت كل مقوماتها الآن لننزلها على وقتنا الحاضر ونقول: قالوا في الكتب كذا!

وتابع: لا شك أن هناك خللًا لا يتفق مع فهمنا للغة العربية ولا مسلك سيدنا رسول الله ولا الزمن الذي صدر فيه، ورسول الله لم يثبت أنه قتل أحدًا بسيفه الشريف، وهذا الخلل هو أن نخرج الفهم من سياقه الزمنى الذي حدث فيه، ومن المقومات التي دعت للكلام في هذا الوقت وتقول هذا هو الإسلام! لا، بل أنت لم تفهم الإسلام فهمًا سديدًا.

وأوضح فضيلة المفتي أن قضية التجديد تعني أننا نحافظ على الثوابت ونجعل النصوص القرآنية والنبوية نصًّا مقدسًا محميًّا مصونًا، ولا نقر بتقديس المفهوم أو التراث الذي هو نتاج العقل البشري، مشيرًا إلى أن هناك بالفعل دراسات أُجريت على كل نص حديث، وعندما أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونضع قوسًا فهذا نص.

وفى إطار متعلق قال فضيلة المفتي: إن العمل العلمي الذي قام به الإمام البخاري ومسلم وأحمد وابن مالك والنسائي وابن ماجه، كل هؤلاء الذين جمعوا سنة رسول الله كانت لديهم معايير علمية غربلت ما قيل بأن "رسول الله قال"، حيث إنك عندما تقرأ مناهج هؤلاء العلماء في قبولهم للرواية تجد أنهم درسوها سندًا ومتنًا؛ ولذلك لا بد أن نطمئن الى منهجية البخاري ومسلم، فلو أن إنسانًا تجرد دون هوًى ودرس المعايير التي انتهجها البخاري ومسلم وغيرهما في نقل حديث رسول الله لانتهى إلى أنه لا توجد معايير دقيقة أبدًا خلاف ما ذكره الإمامان، بل إنه سيكون في عجز تام عن الإتيان بمعايير مثلها.

وتابع: عندما نطمئن إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وننتهي إلى أنه قال بالفعل بحديث صحيح لا طعن فيه لأحد؛ فإننا في هذه الحالة نقف أمامه مقدسين لهذا النص الشريف، ومعولين عليه، ونعتبره مكملًا للنصوص؛ لكون السنة المطهرة نزلت من السماء بوحي، مشيًرا إلى أنه عندما اطمأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن السنة لن تختلط بالقرآن الكريم أمر بكتابة السنة، وعندما جاءه رجل من اليمن اسمه أبو شاه قال: "اكتبوا لأبي شاه"، وهناك صحف عديده كتبت في عهده؛ لذلك يطمئن لهذه الذاكرة القوية التي حفظت سنة رسول الله.

وأضاف أننا في إطار تعاملنا مع سنة رسول الله كنا أمام حركة علمية لغربلة ما ورد وما قيل إن رسول الله قاله، بحيث مُيز فيه بين الصحيح والضعيف والموضوع، وهناك سيل من الأحاديث المكذوب فيها على رسول الله، ويحسب للأئمة تنبيهنا إلى أن هذه الأحاديث موضوعة من خلال منهجيتهم التي اتبعوها.

وحول مراجعة بعض الأحاديث، قال: ما دام النقل كان صحيحًا فلا تعارض أبدًا بين الحديث الشريف والقرآن الكريم وبين العقل وما يقتضيه، وقد كتب العلماء كثيرًا في هذا الأمر وأثبتوا عدم وجود تعارض بين القرآن والسنة وحاجة العقل البشري، ولو أننا تعمقنا في القرآن والسنة ما وجدناهما إلا توءمين.

وبشأن الزعم بفشل دعوات تجديد الخطاب الديني، أكد أنه منذ أن دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي وذكر هذه المسألة وبدا مهمومًا بها ونحن نواصل العمل على إنتاج خطاب ديني رشيد، وكان أول إجراء اتخذناه بعد عام 2014 جمع المفتين على مستوى العالم على كلمة سواء حتى يجري بيننا نقاش علمي يصب في هذا الإطار، وعقدنا أول مؤتمر عام 2015 لإدراك هذا الشأن واقترحنا فيه تأسيس مظلة تستوعب كل المفتين على مستوى العالم، فأوصى المؤتمر بإنشاء أمانة عامة تضم دُور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم، وبالفعل فعَّلنا هذه التوصية وأنشأنا الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بحضور 23 مفتيًا ووزيرَ أوقاف على مستوى العالم، وبعد ذلك أعدنا النظر في الخطاب الإفتائي الإخواني الذي يعمل على زعزعة المجتمعات في ليبيا وسوريا وغيرهما، وعقدنا مؤتمرين؛ الأول: حول التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي، والثاني: حول الفتوى وأثرها في استقرار المجتمعات؛ للرد على تلك الفتاوى المضللة للجماعات الإرهابية.

اقرا ايضا : مفتي الجمهورية: «التجديد» قضية حياتية ضرورية.. ونريد فهما رشيدا للدين

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة