أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

توابع الزلزال الأمريكى

أسامة عجاج

السبت، 14 نوفمبر 2020 - 07:29 م

مع استبعاد سيناريو أن تشهد نتائج الانتخابات الأمريكية، تغييرات دراماتيكية، أو تتحول النتيجة لصالح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، دعونا نتعامل مع أن جون بايدن هو الرئيس القادم للولايات المتحدة،، وعلينا ألا ننساق أمام احتمالات حتى لو كانت بسيطة، للخروج عن المسار المتعارف عليه منذ إعلان الاستقلال فى الثانى من يوليو ١٧٧٦، وسيدخل الرجل المكتب البيضاوى فى يناير من العام القادم وفقا للأعراف والسوابق أو بغيرها.
ولعل الانتخابات وطول فترة الحملات الانتخابية، كانت فرصة للدراسة والمراجعة والتحليل، فى دوائر صنع القرار والأجهزة المختصة، فى العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، لعالم مابعد ترامب، وظنى ان هناك سهولة فى الأمر، والتوصل إلى آليات وأدوات وأساليب التعامل مع المرحلة القادمة، لمن يريد، خاصة أن بايدن عمل نائبًا لآخر رئيس ديمقراطى باراك أوباما، كما ان تصريحاته طوال فترة الإعداد للانتخابات، والبرنامج التفصيلى للحزب الديمقراطي، يمكن من خلاله التوصل إلى ملامح سياسته تجاه المنطقة.
وأظن ان الرؤية الشاملة لسياسات أمريكا فى المنطقة ذات ابعاد رباعية، الأول الدول العربية بتنويعاتها، ودول الجوار الثلاث، إسرائيل وإيران وتركيا، خاصة فى ظل التشابك والتعقيد فى العلاقات البينية العربية من جهة، وحجم تأثير التدخلات المضرة فى غالب الأحيان من الدول الثلاث، وتوابع ذلك عليها، من خلال منظور علاقات كل منها بواشنطن، ورؤية الإدارة الجديدة لاستراتيجيتها الكونية، وحماية مصالحها فى المنطقة، ولنبدأ بالقضية الفلسطينية، نحن أمام «تاريخ» يقول أن دعم إسرائيل يمثل إحدى القضايا الرئيسية التى تمثل بندًا أساسيًا لكل حكام البيت الأبيض، منذ أربعينيات القرن الماضي، سواء كان الساكن جمهوريا أو ديمقراطيا، ونحن أيضا أمام «وقائع» تكشف عن ان ترامب قد يكون الأكثر انحيازا، ودعمًا لسياسات نتنياهو طوال الأربع سنوات الماضية، والنماذج لذلك عديدة، لا داعى لتكرارها، ولكن وجود بايدن سيؤثر على صعيدين، «الأول» اختفاء وتراجع الضغوط الذى مارسها ترامب،على عواصم عربية لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل،وسيصبح قرار أقامة علاقات مع تل أبيب من الأساس، أو تطويرها فى المرحلة القادمة، خاصا بكل دولة، وفقا لظروفها، فلن نسمع بعد يناير القادم، عن وجود قائمة لدول عربية، يلوح بها بايدن، للحاق بمسيرة التطبيع، أما «الثانى»  فوجوده أعطى «قبلة الحياة» للمشروع، التى تعمل عليه السلطة الفلسطينية، مدعومة من روسيا والاتحاد الأوربى والأمم المتحدة، لعقد مؤتمر دولى شامل، للبحث فى حل نهائى وعادل، يضمن أمن إسرائيل ويفتح الطريق أمام حل الدولتين.
الأمر يبدو مختلفا بالنسبة لتركيا وإيران فى ظل رئاسة بايدن طهران قد تكون أكثر المستفيدين من غياب ترامب عن المشهد ووجود رئيس ديمقراطى فى البيت الأبيض ساهم عندما كان نائبًا للرئيس أوباما فى التوصل إلى الاتفاق النووى مع إيران فى عام ٢٠١٥، والذى يتم التعامل معه على انه إنجازات ولايته الثانية بينما ترامب قام بإلغاء العمل به بعد ثلاث سنوات من هذا التاريخ ومارس سياسة حافة الهاوية مع طهران وفرض عليها حصارا وعقوبات غير مسبوقة مما عرقل إلى حد ما تداخلاتها الإقليمية فى العديد من الساحات العربية، وتأمل طهران فى العودة بعلاقاتها مع واشنطن إلى زمن أوباما وإن كان بايدين سيستفيد من ممارسات ترامب فى تحسين شروط الصفقة الجديدة، التى يأمل فى التوصل إليها مع طهران، والخوف خليجيا على الأقل، ألا تتضمن الصفقة أى أشارة إلى مخاوف دول الخليج من دور إيران التقليدى.
ومن المفارقات ان تركيا قد تكون أكثر الخاسرين من وصول بايدن للرئاسة، بعد أن لعبت دورا مساعدا لواشنطن فى زمن ترامب لمحاصرة تمدد النفوذ الروسى فى ساحات عربية أهمها سوريا وليبيا، على العكس من بايدين الذى وصف اردوغان بالمستبد مع وعد بدعم أحزاب المعارضة التركية لمواجهة أردوغان ليس عن طريق انقلاب، ولكن عبر عملية ديمقراطية، مما يؤشر بنهاية «شهر العسل المر» بين واشنطن وأنقرة، ولعلنا نعود للقضية برمتها، فى مرات قادمة فهى تستحق المزيد.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة