إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

«سويت» نوفمبر!

إبراهيم عبدالمجيد

السبت، 14 نوفمبر 2020 - 07:29 م

كثيرا ما رأيت هذه الصفة لشهر نوفمبر تتردد فى كل عام. نوفمبر الحلو. وحتى إذا كان من يرددونها من الشباب بسبب انفراجة فى عملهم، أو حياتهم، أو لقاءات كانت منتظرة مع الحبيب، أو توفيق من أى نوع، فلقد كان نوفمبر فى مصر على مرّ الزمان شهرا حلواً. إنه الشهر الثانى فى الخريف، وفيه يكون الطقس رائعا، واحتمالات المطر كبيرة، سابقة النوات التقليدية التى تبدأ فى العشرة أيام الأخيرة منه، بنوة المكنسة فى الإسكندرية، التى كما هو واضح من اسمها، نوة شديدة المطر تكنس أمطارها الشوارع، وهى تجرى إلى البالوعات التى تنتظرها فى شغف طول العام. طبعا هذا يحدث فى الإسكندرية وعلى السواحل، ويكون نصيب القاهرة ذات الطقس الصحراوى أقل منها فى المطر. فى نوفمبر تكون الشمس حانية على الدنيا تحتها، ويكون مرور السحب السوداء مثيرا، وتجعل النهار مثل خيمة من الود. هكذا كان نوفمبر الذى يؤكد أن مصر بلد الخريف، وليس الربيع الذى ينفتح فيه الفضاء لرياح الخماسين المتربة، رغم تفتح الزهور وعودة أوراق الشجر التى سقطت من قبل فى الخريف السابق. سويت نوفمبر تعيدنى إلى الوراء كثيرا، لأن ما أراه حولى أن الأمطار لم تعد تنتظرها البالوعات فى شغف. ورغم أن الأمطار فى الساحل لم تشتد بعد، إلا أن الصورعن الشوارع التى ترتفع فيها المياه، وعن السيارات المتوقفة وسط المياه، أمر يتكرر كل عام. وللأسف يقع فى الشوارع الكبرى مثل الكورنيش أو شارع جمال عبد الناصر فى الإسكندرية، أو شوارع أخذت اسماءها من اتساعها مثل شارع العشرين وشارع التلاتين وغيرها. الأمر يتكرر كل عام ولا أحد يفكر فى حل هذه المشكلة، باعتبار أنها تحدث لساعات وتنتهى الأزمة. لكن حتى هذه الساعات تكلف أصحابها، وتكلف الأعمال والمصالح الكثير، لأن من يتعطل ليس شخصا واحدا بل جيوش من البشر. هى فرصة حقا لسيارات المحافظة التى تشفط المياه أن تعمل، وينبسط الناس أن المحافظة أو غيرها تقوم بعملها، لكن ألا تفكر الحكومة فى حل هذه المشكلة حلا نهائيا. قديما كان للصرف الصحى مواسير او مجارٍ خاصة، ولصرف الأمطار مجارٍ أو مواسير خاصة، وتم فى الثمانينيات جمع الإثنين فى طريق واحد، فى الوقت الذى قامت فيه مخالفات كبيرة فى المبانى واستمرت ولا تزال، مما يجعل ضغط الصرف الصحى زائدا إلى درجة كبيرة، ومن ثم ما إن تأتى الأمطار حتى تتوقف البالوعات عن استقبال المياه، بل تُخرِج ما فيها أيضا ليختلط بمياه المطر فوق الأرض. مشكلة المجارى فى مصر ليست من المشاكل الثانوية، إنها تستفحل كل عام ولا أعرف سر إهمالها. أتذكر أن هذه المشكلة كانت كبيرة فى القاهرة فى السبعينيات فى حى شبرا، وأذكر أن المرحوم الكاتب الكبير يوسف إدريس، كتب فى الأهرام مقالا قويا فى مفكرته التى كانت أجمل النوافذ على الدنيا، دعا فيه نساء شبرا للخروج ومعاقبة المحافظ بأيديهن، فشبرا وتاريخها لا يتحملان طفرة المجارى على أرضها. أتذكر أن الأمرتغير بعد ذلك، وتم تحديث المجارى وانتهت المشكلة. أنا لا أدعو للهجوم على أحد. فقط أدعو الحكومة أن تضع فى اعتبارها هذه المشكلة التى تزيد عاما بعد عام. نريد أمطار نوفمبر تغسل الأرض لترى فيها السماء وجهها، ونريد أن نستأنس بالسحب السوداء تمر فوقنا، فإذا أمطرت اسعدتنا، لأن المجارى فى انتظارها بشغف بعد أن تغسل شوارعنا. أتمنى أن يكون موضوع الصرف الصحى رئيسيا فى خطة الحكومة فى الأيام القادمة. حين يكون هناك سويت نوفمبر سيكون هناك سويت ديسمبر وسويت كل الشهور. والكلمة بالسين وليست بالصاد ولا أتمنى أن تكون كذلك.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة