محمد السيد عيد
محمد السيد عيد


الوصل والفصل

عدت يايوم مولدى

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 15 نوفمبر 2020 - 08:32 م

محمد السيد عيد

منذ أيام قلائل كان عيد ميلادى. احتفلت به مع أسرتى الصغيرة. رأيت البهجة فى عيونهم فأحسست بالسعادة، لكن بعد أن انصرفوا ودخلت سريرى للنوم، بدأت أفكر فى فكرة «عيد الميلاد». بعض الناس يرفضون تماماً الاحتفال بأعياد ميلادهم. قالت لى سيدة أربعينية ذات مرة، بحدة «بماذا أحتفل؟ بمرور سنة من عمرى؟ لن أحتفل». أنا أفهم طبعاً حساسية النساء تجاه الزمن، فهو عدوهن الأول. المرأة تريد أن تبقى شابة طوال الوقت. تكره التجاعيد والكرمشة. تكره أن يترهل جسدها، ويبيض شعرها، وتحاول التغلب على الشيب بالأصباغ، لكن كل الحيل تفشل أمام الزمن الذى لايرحم.
لايعنى هذا أن الرجال يفرحون بمضى العمر، ففيهم أيضاً من يكره مرور الزمن ومضى السنين، لكنه يعزى نفسه بأن «الشيبه هيبه»، وبأن الجميع يوقرونه لكبر سنه. ولعل الشاعر كامل الشناوى هو أقسى من شعر بالعداء نحو يوم ميلاده، ففى قصيدة شهيرة له، يغنيها فريد الأطرش، يقول: عدتَ يايومَ مولدى/ عدتَ ياأيها الشقي/ الصبا راح من يدى، وخطّ الشيبُ مفرِقي/ ليت يايومَ مولدى/ كنتَ يوماً بلاغدِ.
الشاعر هنا يرى أن عيد ميلاده يذكره بضياع الصبا، وغزو الشيب لرأسه، ويتمنى لو أنه لم يعش بعد ميلاده، وهذه وجهة نظر قاسية جداً، بل هى أقسى نظرة لعيد الميلاد ويوم الميلاد، وتذكرنى ببيت الشعر الذى طلب أبو العلاء المعرى أن يكتبوه على قبره: هذا جناهُ أبى عليّ/ وما جنيت على أحد. إلى هذا الحد كره بعض الناس اليوم الذى ولدوا فيه، وميلادهم نفسه.
ورغم أن المصريين يحتفلون بأعياد ميلاد الشخصيات المقدسة منذ آلاف السنين، مثل السيد المسيح، والنبى محمد، وأهل البيت، والأولياء، والقديسين، إلا أنهم لم يعرفوا الاحتفال بأعياد ميلاد الأفراد إلا منذ فترة قريبة جداً، بعد أن سافر الشباب إلى أوروبا لطلب العلم، وعاشروا الأوربيين، وتأثروا بعاداتهم.
لكن السؤال الذى شغلنى هو: لماذا يحتفل بعض الناس بأعياد ميلادهم؟ هل هى الرغبة فى البحث عن البهجة؟ عن السعادة؟ هل ينتهزون أى فرصة للاحتفال والغناء وتبادل الهدايا، على اعتبار أن «ساعة الحظ ماتتعوضش»؟. على أى حال، دعوت لله مخلصاً فى نهاية تأملى الليلى أن يرزق الناس البهجة والسعادة فى كل الأوقات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة