طارق عبيد
طارق عبيد


أردوغان قراءه في كف الخائن

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020 - 08:35 ص

في معرض رؤيته عن صراع الحضارات كانت نصيحة صامويل هنتنجتون لتركيا ان تبحث عن ذاتها في محيطها الثقافي ومناطق نفوذها القديم  يقول «إذا تخلّت تركيا عن العلمانية كشيء غريب عن وجودها، وتركت تسوّل عضوية الاتحاد الأوروبي، وظهرت كمتحدث باسم الإسلام ساعتها سترقى بنفسها وتقود الأمة الإسلامية‬»


يبدو أن النصيحة دي لاقت قبول عند النخبة السياسية التركية رغم وجود مقاومة من التيار القومي العلماني، الظهور ده بدأ بنجاح نجم الدين اربكان مؤسس حزب الرفاة الاسلامي واستاذ اردوغان في تحقيق نتائج ممتازة في انتخابات ١٩٩٥ بفوزه بخمس عدد اعضاء البرلمان لكن الحزب تعرض للحل بتهمة انتهاك علمانية الدستور.. تعلم اردوغان من رأس الذئب الطائر عندماً أسس حزب العدالة و التنمية فأعلن احترامه لعلمانية تركيا ودستورها و ابدى انفتاح مكنه من تحقيق نجاح منقطع النظير في الانتخابات البرلمانية و البلديات.. هنا بدأت نصيحة "هنتنجتون" تدخل حيز التطبيق من خلال تسويق اردوغان كنموذج للاسلامي المعتدل المنفتح المؤمن بقضايا عالمه الاسلامي و ظهر ده في دفاعه الدائم عن القضية الفلسطينية و هجومه الشكلي على اسرائيل و لما كانت القضية الفلسطينية هي محور وجدان العالم العربي تحول اردوغان إلى بطل اسلامي في عيون الشعوب الاسلامية يجمع ما بين نموذج اقتصادي ناجح بوجه اسلامي وبين الحكم الرشيد .. جرى تسويق النموذج التركي في المنطقة معتمدا على الصلات الايدولوجية بين اردوغان و جماعة الاخوان المسلمين المنتشرة في كل البلدان الاسلامية استعدادا للحظة التحولات الكبرى من خلال مشروع الشرق الاوسط الكبير  و اللي تم الاعداد ليه بالتزامن من بزوغ نجم اردوغان و اختيار تركيا اضافة الى ايران و اسرائيل كثلاث محاور للتسونامي القادم للمنطقة..
مع انطلاق الربيع العربي بدأت تركيا حصاد اولى ثمار نصيحة "هنتجتون"  بسيطرة الاخوان المسلمين -حلفاء اردوغان و نقاط ارتكازه في الاقليم- على كل بلدان الربيع العربي. ظن اردوغان انه قطع نصف طريقة نحو احياء امبروطورية تركيا العثمانية فتخلى عن حذره و اسقط عن وجهة قناع الاعتدال و التعايش و بدأ يمارس نفوذه السلطاني فبعد تولي الاخوان حكم مصر اصبح قرار القاهرة يصدر من اسطنبول بلا مواربة أو خجل و بدأ التخطيط الاستراتيجي في السيطرة على مقدرات المنطقة من الطاقة وطرق امدادها .. لكن تأتي الرياح بما لا تشنهي السفن .. يسقط مشروع اردوغان بضرب قلبه في القاهرة باسقاط حكم الاخوان في ٣٠ يونيو  و استبداله بمشروع اقليمي مصري سعودي اماراتي يعيد صياغة الاقليم و يلملم فوضى المشروع الغربي التركي..جن جنون اردوغان و قرر استخدام كل ادواته الناعمة و الخشنة في اسقاط المشروع الوليد تاره بالارهاب و تاره بحروب الجيل الرابع..

 

لكنه لم يحصد سوى فشل تلو فشل وتلقى ضربة قاسمة اخرى  بخسارته لغاز المتوسط اللي كان معتمد عليه في السيطرة على قرار اوروبا بعد ان يتحول لمصدر طاقة اساسي بالتوازي مع مشروع خط غاز السيل التركي مع روسيا ..تلقى اردوغان ضربته التانية على يد الامريكان اللي قرروا في اطار مشروعهم لتقسيم المنطقة دعم الحكم الذاتي للأكراد عدو تركيا اللدود، تم تسليح الاكراد ووضعهم تحت الحماية الامريكية المباشرة شعر اردوغان بالخديعة و الغدر  وانه اصبح الخاسر الاكبر من فوضى الربيع العربي فبدلا من تحول تركيا لامبراطورية ظهرت ملامح  دولة كردية وليدة على حدوده و هو مالم يكن يتوقعه اردوغان في اسوأ كوابيسه..

 

انتفض اردوغان و قرر عقاب الامريكان بالانضمام للمحور الروسي الايراني وكانت البداية بسحب القوات الموالية لتركيا من حلب و محيطها لتعود تحت سيطرة النظام ثم القبول بوجود بشار في الحكم و لاحقا شراء منظومة الدفاع الجوي S400 من روسيا في انتهاك صارخ لمواثيق حلف الناتو.. تحول اردوغان إلى فأر في مصيدة الروس و الامريكان لا يستطيع الفكاك و لم يحصد سوى الخسران المبين ..ردود افعاله حاليا هي مجرد رقصة الموت ومناورات سياسية لم تعد تنطلي على أحد في انتظار تقاعد يحاول  الغرب ان يجعله سلميا  يحفظ  له ما تبقى من عمالته و يصر هو على تقاعد يشبه مصير شاه ايران و ربما شاوشيسكو ... عرفت ليه اردوغان بيكره مصر؟
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة