الحضانات العشوائية
الحضانات العشوائية


الحضانات العشوائية.. «بيزنس بير السلم» يهدد أطفالنا

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 20 نوفمبر 2020 - 07:10 م

 

شيماء مصطفى كمال

◄ الرئيس يأمر بترخيص 10 آلاف دار بعد الغياب التام لشروط التضامن والإجراءات الوقائية 

 ◄شقق في بدروم.. ودادة واحدة لتنظيف عشرات الأطفال.. وأثاث متهالك وكمامات غائبة

◄أمهات: "ما باليد حيلة"

◄ مدرسة بحضانة: نقوم بـ«تنظيف المكان وغيار الأطفال» بـ500 جنيه

 

بات احتياج الأم العاملة، للحضانات لإلحاق أطفالها بها أثناء فترة تواجدها بعملها أمر يشبه المعضلة التي يصعب حلها وذلك في ظل توارد الأخبار حول بدء الموجة الثانية لجائحة كورونا، فبعد عودة معظم السيدات العاملات لأعمالهن ووظائفهن عقب الإجازات الاستثنائية للموجة الأولى للوباء، والتي فرضها مجلس الوزراء ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار العدوى. لجأت الكثيرات للحل المعتاد وهو حضانات الأطفال الخاصة وغير المرخصة، ورغم عدم التزام معظمها بالشروط والإجراءات المطلوبة في الفترة الحالية كـ«لبس الكمامة والتباعد بين الأطفال» إلا أنها تظل الحل الوحيد أمام معظم العاملات بكل قطاعات العمل بالدولة.

 كانت الدكتورة نيفين قباج وزيرة التضامن الاجتماعى استعرضت مؤخرا أمام الرئيس السيسي موقف منظومة الحضانات على مستوى الجمهورية، بما فيها نسب إلحاق الأطفال وأعداد الحضانات المرخصة، والتي بلغ عددها حوالي 14 ألف حضانة، إلى جانب عرض التحديات وجهود وزارة التضامن الاجتماعي لحلها، بما فيها الحضانات غير المرخصة والمقدرة بحوالي 10 آلاف حضانة، فضلاً عن خطة الوزارة لإنشاء قاعدة بيانات كاملة بشأن الحضانات بالتنسيق مع الجهات المعنية، وكذا جهود تطوير الحضانات القائمة، وإنشاء حضانات جديدة في القرى والمناطق العمرانية الجديدة، والتوسع في إنشاء الحضانات التي تعتني بالأطفال من ذوي الإعاقة، وقد وجه السيد الرئيس في هذا الإطار بإصدار تراخيص مؤقتة لكافة الحضانات غير المرخصة لحين تسوية أوضاعها، لتكون تحت رقابة الدولة نظرا لأهميتها في الطفولة المبكرة. 

اقرأ أيضا| استبدال الدروس الخصوصية بمجموعات التقوية.. توفير أم زيادة للمصروفات المدرسية؟

رصدت «الأخبار المسائى» عددا من الحضانات فى المناطق الشعبية، والتأكد من توافر أبسط الإجراءات الاحترازية منها التهوية والمساحة والأرضيات والأمان والنظافة، ووجدنا أن أغلبها مخالف للشروط والقواعد.

فى بداية الجولة، ذهبنا لحضانة بمنطقة روض الفرج «أكاديمية الحرية» عبارة عن شقة بالدور الأرضى، بالرغم أنها 3 غرف وصالة إلا أن الشقة لا تطل على الشارع ولا يوجد تهوية تماما، وتطل على (منور) المنزل، بمجرد دخولك لمقر الحضانة تشعر وكأنك فى بدروم، وجدنا الأطفال يجلسون بقرب بعضهم البعض دون الالتزام بالتباعد المفروض باشتراطات وضعتها وزارة التضامن، لم نجد سوى دادة واحدة فى المكان، والأرضية عبارة عن بلاط لا يغطي بأي سجاد أو عازل مطاطي مضاد للكدمات، أما مديرة الحضانة فهى صاحبة الشقة ولها شقة معيشية أخرى فى نفس المنزل واستغلت شقة الدور الأرضى فى عمل حضانة للاستفادة منها مادياً، وعند سؤالنا عن تراخيص الحضانة وهل هي تابعة للتضامن الاجتماعي، قالت لا يوجد .

أما الأسعار،  فقالت إن سعر الطفل الرضيع 250 شهريا إذا كان يرتدى بامبرز، والطفل الكبير 150 جنيها، مؤكدة أنها لا تستضيف أطفالا كثر حتى تستطيع متابعتهم، خاصة مع ظروف كورونا، وعن النظافة قالت: «كل يوم الصبح بنطهر المكان بالكلور والمنظفات، وفى وسط اليوم بنعيد التنظيف مرة تانية، والأطفال نحرص على نظافة الأيدى بشكل مستمر خاصة الرضع حتى لا ينتقل لهم أى ميكروب».

«أنا باخد 500 جنيه فى الشهر مقابل إنى بعمل كل حاجة فى الحضانة»، كانت تلك كلمات نهاد محمد، مدرسة بإحدي الحضانات غير المرخصة، مشيرة إلى أنها ترى الحضانة غير مؤهلة من الأساس لتكون مكانا يأوى الأطفال، لايوجد تهوية بالمكان، السرير مرتبته غير نظيفة والمخدات أيضا، وهذا مكان لا يليق سواء قبل كورونا أو بعدها.

ومع الرصد لأسعار الحضانات غير المرخصة  بكل منطقة وجدنا تفاوتا كبيرا بين الأسعار من المناطق الشعبية والراقية.. فقد تصل لـ 5 آلاف جنيه شهريا بالتجمع الخامس وأكتوبر في حين تتراواح بين 2000:300ج.شهريا للطفل الواحد في أحياء المعادي والهرم والمنيل.. وتقل من  500:1000 جنيه للحضانات متوسطة الخدمة في حين تظل الحضانات الشعبية هي الأرخص والأنسب لميزانية معظم الأسر.

«معنديش اختيار تانى غير أنى أودى أولادى حضانة لأنى أذهب يوميا إلى عملي  ومفيش حد يرعي أطفالي .. هوديهم فين؟» كلمات قالتها ميار أحمد، ولية أمر، مؤكدة أنها حاولت اختيار حضانة قريبة وفى نفس الوقت تكون نظيفة لتطمئن على أولادها فى ظل انتشار فيروس كورونا، وفى نفس الوقت يكون سعرها مناسبا للحالة الاقتصادية، وبالفعل ذهبت لحضانة تضع يافطة عليها اسم «سيتى سنتر» كانت حالتها متوسطة، ولكن المشكلة أن الدادة نفسها غير نظيفة، أما المكان تهويته جيدة لحد كبير، ويوجد جنينة فى المنزل يجلس بها الأطفال للعب بالمراجيح والزحليقة، حالتهم ليست جيدة، وعدد الدادات قليل وبالتالى لا يوجد متابعة جيدة لهم.

وأضافت أن عدد الأطفال كبير فى الحضانة، والصالة التى أدخل بها لإدخال ابنى لا يوجد بها فرش نظيف، وصاحبة الحضانة ترفض دخولى للغرف وحجتها أن هذا ممنوع، «معرفش شكل السرير اللى ابنى بينام عليه بس دى كانت أحسن الحضانات الموجودة بالقرب من سكني وما باليد حيلة».

وفى حضانة الزهور، لا يختلف الحال كثيرا، عما سبق، مجرد طلبنا للدخول بحجة التقديم لطفل يبلغ من العمر 4 سنوات، كان الجواب إذا كان طفلا يرتدى البامبرز يحتاج 300 جنيها شهريا لأنه يحتاج لعناية أكبر، وإذا تأخر ولى الأمر فى موعد استلامه يكون له حساب آخر ويسمى استضافة، والطفل الكبير 200 جنيها، بالطبع تستمتع إلى كلام ولا فى الأحلام، «متخافيش ابنك فى عنينا، النظافة هنا على أعلى مستوى، وبنطهر بالكلور والمنظفات، والمدرسات والدادات ترتدى الكمامة أثناء العمل».

ولكن لاحظنا أن الأرضية بدون سجاد، وهذا يخالف الشروط لأنه يعرض الطفل للاصطدام بالأرض فى حال وقوعه، ويظهر من خلال رصدنا للمكان أن الأثاث متهالك، وصاحب الحضانة اهتمامه الأول والأخير هو جمع المال فقط، التقينا بنشوى على، إحدي المدرسات التى كانت تعمل بإحدي الحضانات غير المرخصة بشبرا  سابقا، وأكدت أن الحضانة كان لا يوجد بها إلا دادة واحدة، وهذا لا يكفى لمتابعة جميع الأطفال فى المكان، خاصة الرضع، يحتاجوا لعناية كبيرة، وفى حالة تعب الدادة وعدم وجودها فى بعض الأيام يكون الضغط على المدرسات، وكان ذلك سبب تركى للمكان، ومرتبى كان لايتخطى الـ 500 جنيه، وهذا مبلغ قليل على المجهود المبذول، خاصة أن صاحب الحضانة يستنفذ قوتنا، كنت أنا وزميلتى نقوم  بالمسح وإطعام الأطفال ونزين المكان وندخلهم الحمام، فضلا عن أن المكان غير مهيأ من الأساس ليكون حضانة، السراير غير نظيفة وحتى «المخدات» لاتصلح تماما للنوم عليها، «أنا مشيت لأن أنا خوفت على نفسى من انتشار العدوى وحتى الفلوس اللى جاية منها مش مجزية».

وكشفت مها أحمد، موظفة، قائلة: «بعدما نزلت عملي عقب انتهاء الإجازة الاستثنائية لكورونا لجميع الأمهات، مكنتش عارفة أودى ولادى فين، فدورت على حضانة لهم، كنت بحاول أدور على حاجة نظيفة عشان كنت خايفة عليهم مع انتشار فيروس كورونا، ولم أجد سوى حضانة عبارة عن شقة فى الدور الأرضى، رفضت مديرتها دخولى لمعاينة المكان وعندما أذهب لآخذ أولادى يكون تسليمهم وراء الباب الحديدى الخارجى، قائلة: «أكيد فى حضانات أنظف من كده بس هعمل إيه سعرهم غالى عليا، أنا باخد ابنى 3 سنوات ريحته وحشة وبتكلم معاهم كتير، ويكون ردهم بنغيرله كل شوية بس هو بيلعب ويبهدل نفسه كل شوية».

من ناحية أخرى، قال مجدى مسئول عن إصدار تراخيص دور الحضانات بإدارة الأسرة والطفل بمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة، إنه فى ظل انتشار فيروس كورونا تم إغلاق دور الحضانات خوفا على انتشار الفيروس بين الأطفال، ولكن بعد فتح العمل بشكل تدريجى، تم فتح الحضانات منذ شهرين، وكانت تعليمات الوزارة اتخاذ الإجراءات الاحترازية فى ظل وجود فيروس كورونا، وكانت عبارة عن 15 إجراء احترازيا على مستوى الإدارات الاجتماعية على مستوى القاهرة، منها قياس الحرارة وارتداء الكمامة وتوافر المنظفات وتطهير المكان بشكل مستمر والتى تؤمن وجود الطفل فى الحضانة.

وأضاف مدير الشئون الاجتماعية الطاقة أن العمل بدأ بـ50 %، وبعد ذلك جاءت تعليمات أخرى من الوزارة وبدأ السماح بطاقة 80%، ولابد من الالتزام بالمساحة الآمنة لكل 2 متر طفل، مع الالتزام بالتعليمات الخاصة بالحضانات والبدء بتعميمها على مستوى الإدرات الاجتماعية والحضانات تقوم بتطبيق، وأكد وجود رقابة من جانب الأخصائيين والأخصائيات للتأكد من تطبيق التعليمات والقواعد، أما عن الحضانات غير المرخصة وتعمل دون الحصول على الترخيص اللازم لممارسة النشاط فيتم اتخاذ إجراء بالغلق تماما، تقوم الأخصائية بتوجيه خطاب لصاحب الحضانة، وضرورة التوجه لإنهاء إجراءات الترخيص، ويقوم بتقديم طلب يتم عمل معاينة المكان ومساحته وقدرته الاستيعابية للأطفال، لأن عدد الأطفال لابد أن يكون مناسبا للمساحة، بعدها يحصل على جواب للحى وآخر للحماية المدنية من أجل الحصول على موافقات بأن المكان مناسب لممارسة النشاط فيه، وبعد ذلك يتم إرسال الملف لمديرية القاهرة لإصدار الترخيص.

وأوضح أنه فى حالة عدم السير فى إجراءات الترخيص يتم إرسال 3 إنذارات، الفرق بين كل إنذار وآخر 15 يوما، بعدها يتم إبلاغ الحى لإغلاقه، وفى حالة عدم الاستجابة يتم عمل مذكرة للنيابة العامة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة