دونالد ترامب
دونالد ترامب


إستراتيجية صينية لمواجهة «الأسابيع الأخيرة» لترامب

بوابة أخبار اليوم

السبت، 21 نوفمبر 2020 - 06:48 م

تقرير: عامر تمام

لم تكد تنتهي الانتخابات الأمريكية، ولم يكد يتلاشى غبار المعركة من الأجواء السياسية، حتى تزايدت المخاوف من اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إجراءات  جنونية ومتطرفة بحق الصين خلال الأسابيع الأخيرة لفترته الرئاسية.

من المرجح أن تتخذ إدارة ترامب «عملا جنونيا أخيرا» أو ربما أعمال، قبيل انتهاء ولايته وتسليم السلطة للرئيس المنتخب جو بايدن، بهدف وضع عقبات أمام السياسة  الخارجية لغريمه الديمقراطي.

الملفات المرشحة للتصعيد كثيرة، وشائكة، منها بحر الصين الجنوبي، ومسألة تايوان، وقطاع التكنولوجيا، وملف حقوق الإنسان،  وغير ذلك من القضايا منها ما تستطيع بكين غض الطرف بشان التصعيد فيه، ومنها ما لا تستطع عليه صبرا.

مؤخرا، قررت واشنطن فرض قيود على الاستثمار الأمريكي في 31 شرطة صينية بحجة ارتباطها بالجيش الصيني، وإمعانا في زيادة التوتر، صرح وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو بأن تايوان ليست جزءا من الصين، في خطوة من شأنها أن تشكل استفزازا للصين، وأشارت تقارير إلى أن ترامب سوف يفرض سلسلة من العقوبات على الصين بسبب ما وصفه ملف " العمل الجبري" في شينجيانغ، بالإضافة إلى عقوبات جديدة على مسؤولين وشركات لها صلات بملف هونغ كونغ.

هذه الإجراءات التي اعتبرتها الصين فقاعات سياسية لم ترد عليها حتى الآن كما كانت تفعل دوما، تضاف إلى إرث ترامب من إجراءات سببت توترا كبيرا في العلاقات مع الصين،  بداية من الحرب التجارية التي لا تزال رحاها تدور حتى الآن، ووصولا إلى الحرب التكنولوجية، وقمع الشركات الصينية مثل هواوي التي اضطرت مؤخر إلى بيع علامتها التجارية للهواتف منخفضة التكلفة "أونر" بسبب عقوبات ترامب، وكذلك شركة بايت دانس مالكة تطبيق تيك توك التي اضطرت أيضا إلى الدخول في شراكة مع شركة أمريكية للهروب من الإغلاق في الولايات المتحدة، هذا إلى جانب حملة التشهير التي قادها ترامب ضد الصين بسبب فيروس كورونا ووصفه للفيروس بأن " الفيروس الصيني"، ما سبق تسبب في وصول العلاقات بين البلدين إلى مرحلة هي الأسوأ.

الشارع الأمريكي

لاقت إجراءات ترامب تجاه الصين قبولا لدى الشارع الأمريكي، رغم تأثيرها سلبا على الاقتصاد الأمريكي بل والعالمي، وينظر إلى تعامل ترامب الصارم مع الصين على أنه انجاز دبلوماسي، ما سيضيف عبئا كبيرا على إدارة بايدن التي ستتعامل مع الأمور بشكل أكثر عقلانية، وسينظر إلى أي تراجع من جانب بايدن على أنه خضوع للصين.

السبب الآخر في جنوح ترامب للمزيد من التشدد، هو أن هذه الاستراتيجية تلقى استحسانا لدى ناخبيه، الذين يتظاهرون في الشوراع تنديدا بما يرونه تزويرا في الانتخابات الأمريكية، وهو ما يمنح هذه التظاهرات زخما كبيرا، ويضفي على خروجه من البيت الأبيض المزيد من التعاطف من جانب ناخبيه.

ويرى العديد من الخبراء الصينيين أن الإجراءات الأمريكية الجديدة، من المتوقع أن تشمل إجراءات لإثارة الصراعات في بحر الصين الجنوبي، جزيرة تايوان، كما أنها قد تشن حملة ضد المزيد من الباحثين الصينيين في الولايات المتحدة، كما أنه من المحتمل أن تغلق الولايات المتحدة جميع معاهد كونفوشيوس في أمريكا، مما يلقي بظلاله على التبادلات الثقافية بين الصين والولايات المتحدة.

من خلال هذه الإجراءات ينصب ترامب فخا لبايدن، فهو يضعه أمام خيار استمرار التوتر مع الصين، والمزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، أو التراجع، وبالتالي يؤكد مقولته التي كان يرددها دوما " وهي أن بايدن سيكون رئيسا ضعيفا أمام الصين".
 
الرد الصيني

تدرك الصين جيدا ما يجول في عقل ترامب وإدارته، وتتوقعه، لذا تأنت كثيرا في إرسال تهنئة للرئيس المنتخب بايدن، وحثت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان الولايات المتحدة على إدارة الخلافات على أساس الاحترام المتبادل والبحث عن نقاط الالتقاء والتعاون، في المقابل، أعلن أن بكين ستدافع بقوة عن مصالحها الخاصة في السيادة والأمن والتنمية، وكذلك استهداف الشركات الصينية وقضايا حقوق الإنسان.

تستعد بكين لهذه الألغام، وتتوخى الحذر في التعامل مع إدارة ترامب خلال الفترة المقبلة، وبحسب خبراء صينيين فإنه لن تكون هناك مفاجآت طالما كانت الصين مستعدة لخوض معركة طويلة مع الولايات المتحدة، سواء كان ترامب أو بايدن هو الرئيس.

تعتمد الصين في استراتيجتها للتعامل مع الأيام الأخيرة للإدارة الجمهورية، على الانتقام بشكل دقيق من إدارة ترامب، وتشكيل ضررا كبيرا لها، حال أضرت بالمصالح الرئيسية للصين أو تجاوزت الخطوط الحمراء، أما إذا كانت الاستفزازات مجرد فقاعات بدون أضرار ملموسة فستعمل على تجاهلها والتركيز على التواصل مع فريق بايدن لتقليل الأضرار.

على الجانب الآخر، ترى بكين أنه من غير المرجح أن  يدعم الجيش الأمريكي "جنون ترامب" لأنه يعرف مخاطر مواجهة عسكرية مع الصين، لكن في مجالات التجارة والاستثمار، من المرجح أن يترك ترامب إرثا ثقيلا، كما أن إدارة بايدن من المحتمل أن ترث هذه الإرث وتستخدمه كوسيلة ضغط للمساومة مع الصين.

بحسب خبراء، فإنه من غير المتوقع أن يلغي بايدن جميع السياسات التي اتخذتها إدارة ترامب. وإلا سيكون ذلك ساذجًا. ستلجأ إدارة بايدن لإصلاح سياسات ترامب فقط إذا وجدتها تضر بمصالح الولايات المتحدة، ولذلك فإن والاستعداد لخوض معركة طويلة هو الخيار الحكيم للصين.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة