إلهام أبوالفتح
إلهام أبوالفتح


لحظة صدق

سفاح الجيزة موديل 2020

الأخبار

السبت، 21 نوفمبر 2020 - 07:00 م

إلهام أبوالفتح

يبدو أن سنة ٢٠٢٠ تأبى أن تنتهى بما فيها من مفاجآت وكوارث وآخر مفاجآتها قبل أسبوع كانت قوية وغريبة جدا ومثيرة تلك التى كشفت عنها الأجهزة الأمنية منذ أيام عن سفاح الجيزة،.. تزوج 4 سيدات بأسماء غير حقيقية وأنجب أطفالا نسبوا لآباء لا يعرفون عنهم شيئا.. ودفن 4 جثث فى فناء منزله.. وما خفى كان أعظم!
فسفاح الجيزة أو الموديل المتطور من «ريا وسكينة»، فرض علينا الاحتفال بمرور 100 سنة على الحادثة المعروفة فى تاريخ حى الرمل بالإسكندرية والتى تحولت لفيلم سينمائى ومسرحية من علامات المسرح المصرى قدمها القدير عبد المنعم مدبولى والقديرة سهير البابلى والرائعة شادية، لكن يبدو أن تحويل الجريمة إلى إبداع وحده لا يكفى لعلاج أوجاع اجتماعية مستحكمة تحتاج لعلاج من الجذور، وأن زمن الغرائب والعجائب لم يول والبشر الذين يتحركون بقلوب من حديد فى الشوارع والأسواق، الذين ماتت ضمائرهم وماتت معها مشاعر الود والرحمة والإنسانية تجاه جيرانهم وأشقائهم وأولادهم وزوجاتهم.. لم ولن ينقرضوا !
فكما تحكى قصة الشقيقتين «ريا وسكينة على همام» التى وقعت أحداثها عام 1920 فى حيّ اللبان وهو أحد أفقر الأحياء فى الإسكندرية، حين كونا عصابة بمساعدة زوجيهما ومساعدين آخرين، باختطاف وقتل 17 امرأة ودفنهن فى منزلهم بعد الاستيلاء على أموالهن ومجوهراتهن بسبب الحياة العشوائية فى الأحياء الشعبية الفقيرة التى تشهد إقبالاً كثيفا مثل سوق «زنقة الستات» الواقع بالقرب من ميدان المنشية، والذى شهد عدداً من جرائم هذه العصابة، مستغلين حالات الفوضى والانتفاضات الشعبية والمظاهرات التى كانت تندلع فى الاسكندرية والقاهرة للمطالبة بالاستقلال وجلاء المستعمر!
وبنفس الأسلوب الذى اتبعوه وعلى نفس الدرب سار سفاح الجيزة ولكن بموديل 2020.
لكن الذى لفت انتباهى أن حكاية سفاح الجيزة بدأت عام 2002 كنتاج للمجتمعات العشوائية فى أحياء بولاق الدكرور، وزواجه أكثر من سيدة وتخلصه منهن وآخرهن «فاطمة» منذ عامين مستغلا حالة الفقر والعوز، كان يعمل فى توظيف الأموال بالمكتبات والعقارات بالجيزة، وعقب اندلاع فوضى يناير2011، وغياب الشرطة استطاع أن يحصل على أموال كثيرة بالنصب والاحتيال، وتحت ستار إبداء الرغبة فى الزواج وفى كل مرة يبدو أنيقا عصريا، يحمل فى إحدى يديه باقة من الورود وفى الأخرى علبة شيكولاتة فاخرة وأهلا بك يا ابنى وتأتى الخطيبة فى فستان الفرح ولا تدرى أنها تبدأ طريقا ينتهى بها إلى الضياع وغالبا القتل!
أما الآن فمن حسن الحظ أن الأمن عاد بقوة وانتشرت كاميرات المراقبة فى الشوارع كما أن دولتنا أولت اهتماما كبيرا بالقضاء على العشوائيات وتحسين أحوال ساكنيها وتوفير برامج الحماية الاجتماعية والإنسانية وتحولت العشوائيات فى الاسكندرية والقاهرة الجيزة وبولاق وساقية مكى وشق التعبان والدويقة إلى مراكز إشعاع حضارى وامتدت يد الدولة بمختلف مؤسساتها لرعاية الأسر وتوفير العمل الشريف للغارمات ودعم الأسر الأولى بالرعاية.
ورغم وقوع السفاح فى قبضة رجال الشرطة لكن القضية لن تنتهى بل بدأ عمل من نوع آخر أبطاله العلماء والخبراء فى التربية وعلم النفس والاجتماع ليدرسوا كيف عاش وكيف انتشر وكيف تحول إلى ظاهرة أفرزتها ظروف العشوائية والفقر والإهمال ؟

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة