عصام السباعى
عصام السباعى


أفــلام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان ‮«‬تفصيل‮».. ‬ وأخرى‭ ‬‮«حسب‭ ‬الطلب‮»‬

عصام السباعي

الإثنين، 23 نوفمبر 2020 - 02:59 ص

 

وقفت مجموعة من الأجانب تحت سفح الأهرام، وكان معهم ثلاثة من المصريين، أشار أحد المصريين إلى قمة الهرم الأكبر، وقال بنبرة توحى بأن هناك أمرا خطيرا قد حدث، هل ترى ياخواجة ذلك الرجل فوق قمة الهرم الأكبر خوفو سوف يقع⊇ وتتحطم عظامه، ويرد عليه الخواجة، ولكن كيف سمحت⊇له السلطات المختصة بتسلق الهرم؟، لا يجب أن يمر الأمر بسهولة،⊇ويتجاوب معه المصرى، ويقول: المشكلة الأكبر فى الحالة الصحية للرجل، هل تشاهد ياخواجة الإصبع الكبير فى قدم الساق اليسرى للرجل، لقد انكسر؟، وهو ما يعرِّضه للموت لو حاول النزول، ويستمر الحوار العبثى غير المنطقى بينهم، ويتم الاتفاق على اتخاذ مجموعة من الإجراءات للحفاظ على ⊇حقوق الرجل واختراع فيلم عنه، ثم ينصرف كل واحد منهم، وهو يضع يده فى جيبه، رغم أن الوضع غير قانونى للجميع، الرجل الذى تسلق، والرجل الذى كذب ورأى ما لا يمكن أن يراه أحد، ولا ذلك الأجنبى الذى صدق ما لا يصدق، وأخذ يروِّج لذلك الخبل!


ذلك المشهد العبثى التخيلى هو طبق الأصل لما شاهدته ورصدته خلال الأيام الماضية، وكالعادة خرج⊇التقرير الأمريكى عن ⊇حقوق الإنسان فى مصر لعام 2019، وهو تقرير مضحك، ولا يمكن أن يكون من كتبه واعيا، لأنه يقول الشيء وعكسه، وهل يمكن أن يقتنع أحد بتقرير تبدأ فقراته، بعبارات من قبيل ∩وردت تقارير عديدة .. وفقاً لتقارير صحفية.. وفقاً لوسائل الإعلام.. ذكرت جماعات دولية ومحلية.. وقد زعمت عدة منظمات محلية ودولية معنية∪، ولا أدرى أين إذن التقرير، وهو يعتمد على قال وقيل ومزاعم، أما الجديد فحدث عندما تدخل⊇الأجنبى فى شئوننا بطريقة كوميدية، وقام بالاعتراض والشجب والاستنكار لمجرد أن السلطات المصرية المختصة، قد ألقت القبض على 3 عاملين فيما يسمى بـ∩المبادرة المصرية للحقوق الشخصية∪، واعتبار ذلك نوعا من الانتقاص لمنظمات المجتمع المدنى، رغم أن الكل يعلم سواء فى مصر أو خارج مصر أنها لا تنتمى لذلك المجتمع ودخيلة عليه، وأنها ليست سوى شركة خاصة، تهدف إلى الربح، وتحصل على تمويلات، وأنها ليست فوق مستوى الشبهات، وليس من المستبعد أن من مولها، ورسم خطط تحركاتها، هو الذى يحاول حمايتهم، لأن ما تم إجراء قانونى ضد كيان غير شرعى يمارس العمل الأهلى، ويجب أن يكون الرد عليه هو القانون ولا شيء غير القانون، كما أن تلك التدخلات⊇تعتبر نوعا من التأثير فى التحقيقات الجارية بالنيابة العامة فى التهم المحددة الموجهة ضدهم!


المهم فى كل ذلك الموضوع⊇هو حقوق الإنسان، وكلنا معها، ولا أبالغ لو قلت إنها محل الاهتمام الأول فى مصر، بداية من أكبر مسئول فيها مرورا بكل مؤسسات الدولة، ولم تكن هناك شكوى إلا وتم التحقيق فيها، ولا يوجد ملف إلا وكان الحسم فيه للاعتبارات الحقوقية للمواطن وأمنه الشخصى والقومى، ولكن الجديد الذى ظهر بعد أن استعادت الدولة المصرية توازنها بعد 30 يونيو 2013، هو النشاط المتزايد لـ∀بوتيكات∀ حقوق الإنسان، وبعض المنظمات الدولية الممولة، التى اتخذت من تلك الحقوق بما فيها حق الشذوذ، واجهة ويافطة لخدمة أجندات معينة، وتقوم بعمل حقوق تفصيل، وأخرى تحت وحسب الطلب، وهو ما انتهى إلى تسييس حقوق الإنسان وتوظيفها لخدمة أهداف أخرى، وهو أمر يستدعى اختلاق الأزمات أو اصطناعها، وتمويل منظمات أهلية لتقوم بأدوار سياسية محددة بالوكالة عن جهات ⊇أخرى، وعلى رأس تلك المؤسسات المبادرة المصرية، فقضايا حقوق الإنسان بالنسبة لها ليست سوى ستار،⊇تزاول من خلفه دورها المشبوه هى وغيرها، فى ظل عجز مقصود من المظلة الكبرى، وهى ∩المجلس الدولى لحقوق الإنسان∪، الذى تحول إلى مجرد ∩مكلمة سياسية∪ أكثر منها حقوقية.


⊇وسمعة تلك الشركة التى تعمل فى تجارة الحقوق التى مارست عملها غير القانونى، ليست فوق الشبهات، منذ ظهرت عام 2002، وقبل وأثناء وبعد يناير 2011 وأحداث الفوضى التى شهدتها مصر، وما تم من اجتماعات خارجية، وما ظهر من تمويل أجنبى لبرامج ومؤتمرات وتحركات ونقل بيانات ومعلومات، حملت ظلما وعدوانا، شعاراً إنسانياً عظيماً وهو ∩حقوق الانسان∪، وركزت فى عملها على ما تم تكليفها به، وهو الحرية الشخصية الجنسية للمثليين الشواذ، والحرية الشخصية فى ازدراء الأديان ومهاجمة الإسلام والمسيحية، وعلى تلك الخلفية، دعونا نتساءل عن ذلك اللقاء المريب الذى تم بين موظفى الشركة مع سفراء من ألمانيا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وسويسرا وفرنسا وفنلندا وهولندا والقائمين بأعمال سفراء كندا والسويد والنرويج، ونائب سفير المملكة المتحدة، وممثلين عن المفوضية الأوروبية فى القاهرة، الهدف المعلن هو استعراض حقوق الإنسان فى مصر، ولو صح ذلك لكان من الأولى أن يتم الاجتماع مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، أو حتى تحت مظلته وفى داخل مقره، وبعد استئذان الحكومة المصرية، وهذه قضية مهمة أخرى.


ما أريد أن أقوله إن الرد المصرى منذ بداية حملة الابتزاز، كان حاسما وقاطعا، فقد رفضت الخارجية المصرية أى تدخل فرنسى فى شأن داخلى مصرى ومحاولة التأثير على التحقيقات التى تجريها النيابة العامة مع مواطنين مصريين، والأهم هو أسف مصر لعدم احترام فرنسا القوانين المصرية، ودفاعها عن كيان يعمل بشكل غير شرعى فى مجال العمل الأهلى، وضرورة احترام مبدأى السيادة الوطنية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، كما جددت مصر تأكيدها مرة أخرى ⊇للرد على ما يتم تناقله من ردود أفعال واستنتاجات مغلوطة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعى، التى تستبق نتائج التحقيقات، وجددت مصر رفضها أى محاولة للتأثير على التحقيقات، والأهم كان التأكيد على  أن الدولة المصرية تحترم مبدأى سيادة القانون والمساواة وأن حرية العمل الأهلى مكفولة فى مصر بموجب الدستور والقوانين المصرية، وأن العمل فى أىٍ من المجالات يجب أن يكون على النحو الذى تُنظمه القوانين المطبقة ذات الصلة ومُحاسبة من يخالفها، كما أكدت على عدم تمتع أى فئة من الأشخاص بحصانة لعملها فى مجال مُحدد.
والكلام فى محله، فلم يحدث أن تدخلت مصر فى شئون الدول الأخرى، باعتبار ذلك من ثوابت الخارجية المصرية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، مقتل جورج فلويد فى الولايات المتحدة ومن قبلها العراق وسجن أبو غريب ومعتقل جوانتانامو وصمة العار فى التاريخ الإنساني، وقمع السترات الصفراء، ومن قبلها جرائم الحرب فى ⊇الجزائر وعدد من دول أفريقيا، البقعة السوداء فى تاريخ فرنسا وتاريخ الإنسانية.

 


 

اقرأ أيضا حكاية صورة | أهرامات الجيزة من 100 عام

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة