خسرو باشا يهرب من القاهرة بعد احتراق منزله
خسرو باشا يهرب من القاهرة بعد احتراق منزله


ثورة على الوالي العثماني.. خسرو باشا هرب مع الحريم ومحمد علي يراقب من بعيد

إيهاب الحضري

الإثنين، 23 نوفمبر 2020 - 04:36 ص

 

بعد رحيل الحملة الفرنسية رجع العثمانيون لحكم مصر، وعيّنوا محمد خسرو باشا واليا عليها. عادت الأمور إلى طبيعتها، فاستأنف أمراء المماليك تمردهم عبر معارك دامية، كلّفت العثمانيين الكثير من الخسائر فى الصعيد والبحيرة تحديدا.

لكن أطرافا جديدة ظهرت فى المشهد هذه المرة، ومن بينهم طائفة الشيوخ الذين بدأوا يستشعرون قوتهم، منذ تنامى دورهم فى مقاومة الفرنسيين، بالإضافة إلى محمد على الذى حافظ على بقائه فى الظل، وحرص على تحريك الخيوط من وراء ستار، ليكسب دعما أكبر، يساعده بعد سنوات على تنفيذ خطته. وفى ظل هذه الأجواء تفجّرت أزمة كبرى.

لتبسيط القصة نُشير إلى أن الوالى كان محاطا بطائفة من الجنود اسمها «الإنكشارية»، وفى الطرف المقابل وقفت طائفة أخرى مضطهدة تُدعى «الأرناؤوط»، راقب أفرادها الصراع الدائر بين خسرو باشا وأمراء المماليك، ومعارك الطرفين خارج القاهرة، وترقبوا الفرصة المناسبة لهم.

كان الجنود الأرناؤوط يطلبون رواتبهم من الوالى فيُماطلهم، ويعايرهم بأنهم لم يستطيعوا أن يتصدوا للمماليك، وأكد أنه ليس فى حاجة إليهم، وطالبهم بالخروج من البلاد إذا أرادوا، لأنه لا يرى منهم إلا: «الرزية والفنطزية».

وبعد كل تأخير فى الرواتب كان هؤلاء يهاجمون الأهالى ويستولون على ممتلكاتهم، كأنهم سبب أزمتهم. وفى إبريل 1803 تصاعدت الأمور بمعدلات متسارعة، حيث ذهب عدد من الأرناؤوط إلى بيت مسئول كبير يطالبونه بمتأخراتهم، وأخبرهم بأن المبلغ الموجود عنده ستين ألف قرش فقط، وطلب منهم أخذها على أن يستكمل مستحقاتهم بعد أيام. رفضوا وطلبوا منه رفع مطالبهم إلى الباشا فأرسل إليه عريضة بذلك، غير أن رد الوالى جاء مستفزا، حيث رفض الاستجابة لهم. لم يكتف بذلك بل أمر بتوجيه المدافع إلى البيت وقصفه بمن فيه حتى الموالين له، كما طلب من المواطنين الذهاب لمنزله بأسلحتهم ليساعدوه فى مواجهة الاعتداء عليه.

لم يكن الوالى مقيما بالقلعة، لكنه كان مطمئنا لأن كبار أعوانه موجودون بها، وخرج بجنوده لمواجهة الثورة عليه. انهزم الأرناؤوط أول الأمر، وعلى طريقة زعيم العصابة الخفى فى الأفلام البوليسية، كشف أحد كبار قادتهم واسمه طاهر باشا عن نفسه وخرج لدعمهم، بعد أن ظل يعمل فى الخفاء لفترة طويلة. اقتحم القلعة واستولى على مدافعها وبدأ قصف بيت الباشا. بمساعدة لوجستية من محمد على استمرت المعركة يومين، وبدأ خسرو باشا يستعد للفرار. كان قد قضى الليلة السابقة للهرب بمنزله، دون أن يجد طعاما للعشاء، فاضطر لأكل البقسماط فقط! وتعرض بيته للقصف المدفعى من جديد، واشتعلت به النيران ولم يجد ماء لإطفائه. هنا سارع بإنزال نسائه وعددهن سبع عشرة امرأة، وفرّ مع من تبقى من أتباعه إلى جزيرة بدران، وعلى الفور تعرض بيته الفخم للنهب.

قضى خسرو باشا فى ولاية مصر سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما، ووصفه الجبرتى بأنه كان سيئ التدبير، يحبّ سفك الدماء. اشتهر بظلمه للأهالى، حتى إنه خلال رحلة هروبه إلى دمياط لم يتعلم الدرس، واستمر فى تحصيل الضرائب من المدن التى يمر بها. وتولّى طاهر باشا الحكم حتى يتم تعيين حاكم جديد، غير أنه تعامل مع «الإنكشارية» باستعلاء شديد، وفى أحد اجتماعاته بهم استفزهم، فسارع أحدهم بقطع رأسه وإلقائها من الشباك، وبدأت عملية نهب مضادة. لم يقض فى الحكم سوى ستة وعشرين يوما، حاول خلالها إعطاء انطباع جيد عنه، لكن الجبرتى يؤكد أنه لو بقى فترة أطول، لأهلك الحرث والنسل!

اقرأ أيضًا | 

حكايات| عمر مكرم.. أسقط الأتراك في «شر أعمالهم» بضربة صعيدية

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة