أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

أبطال «اللقطة» وأسراها!

د. أسامة السعيد

الإثنين، 23 نوفمبر 2020 - 07:51 م

«اللقطة» كلمة فرضت نفسها على قاموس حياتنا اليومية، فرغم أنها تعبير دارج عن تلك الصورة أو الموقف الذى يجتذب اهتمام الناس، إلا أنها تحولت فى زمن السوشيال ميديا والبطولات الزائفة إلى «أسلوب حياة» يعيش به ومن أجله الكثيرون.. فهناك من يهتمون بسرقة «اللقطة» دون أن يبذلوا من الجهد ما يجعلهم جديرين بتصدر المشهد، وهناك من يحشدون حملة المباخر والدفوف لصناعة تلك «اللقطة»، وهناك البعض الآخر - وهم كُثر - على استعداد لفعل أى شيء وكل شيء من أجل اختطاف «اللقطة»، حتى ولو أهانوا أنفسهم وامتهنوا كرامتهم!
وهناك من تصنع «اللقطة» شهرتهم، وتدفعهم إلى تصدر «الترند» فتنهال عليهم الأموال، مثل محمد رمضان «نمبر 1» فى صناعة اللقطات الغريبة والشاذة، الذى صنع شهرته عبر سيل من «اللقطات» حتى ولو كانت مستفزة أو مثيرة للاستهجان، لكن يبدو أن «لقطته» الأخيرة مع المطرب الإسرائيلى قد جاءت وبالا عليه، فتحول جمهور المعجبين إلى نار تحرق ما تصور أنه إنجاز، ففى النهاية ما يأتى سريعا يذهب سريعا.
فى المقابل هناك من تُغير «اللقطة» حياتهم، وتنصفهم بعد طول انتظار، ولعل الكثير من القصص التى صنعتها اللقطات طوال الفترة الماضية خير مثال على ذلك من «فتاة العربة» إلى بائع «الفريسكا» وبائع «التين الشوكي»، مرورا بـ»سيدة القطار»، ووصولا إلى «سيدة المطر»، كل هذه النماذج موجودة فى حياتنا ونراها ونعرفها ونتعامل معها كل يوم، لكن للأسف الشديد تحولنا جميعا إلى أسرى للقطة، التى تدفع بهؤلاء إلى دائرة الضوء فنتصور أن تلك النماذج لم تكن موجودة قبل أن تكتشفهم «اللقطة».
حتى أجهزة الدولة نفسها بات بعضها يتعامل بأسلوب «اللقطة» فلا يتحرك إلا عندما تنتشر «اللقطة» وتمثل ضغطا عليهم، وبعض المسئولين لا يؤدى دوره إلا أمام الكاميرات طمعا فى سرقة «اللقطة».
«اللقطة» سحر.. لكنها أيضا سريعة البطلان.. سلاح ذو حدين، قد يرفعك سريعا، وقد يهوى بك أسرع، فلن يبقى إلا ما ينفع الناس، مثلما قال الحق تبارك وتعالى: «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة