عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

حكاية حلم!

عمرو الديب

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020 - 06:55 م

 

لم تعهد ساحاتنا تلك القفزات الهائلة فى ميادين شتى من قبل، ربما منذ زمن الاستيقاظ فى عهد باعث النهضة الحديثة محمد على الكبير، الذى وضع أسس دولة تتطلع إلى أن تجد مكانا تحت شمس المدنية الحديثة، وعلى منجزاته المرموقة مضت بلادنا على طريق الصعود، دون إضافات حضارية بارزة، حتى جاءت ثورة يوليو 1952، التى حاولت أن تصنع نقلة نوعية على طريق المدنية، وقد حققت نجاحات ملموسة، وحفرت بصماتها ولاشك على وجه الحياة ليس فى مصرنا العزيزة فحسب، وإنما فى المنطقة بأسرها، ولكن الإدارة التى تمخضت عنها الثورة انشغلت طويلا وعميقا بالصراع العربى الإسرائيلى، مما أثر ولاشك على الجهد المبذول فى ميادين ارتقاء سلم المدنية، وظلت الإدارات المتعاقبة أسيرة نفس التحديات، وعرفنا من بعد إدارات تسيير الأعمال التى لا ترنو إلى صياغة مستقبل، ولا تطمح إلى تحسين الواقع المكبل بالأزمات، ولا تنظر إلا تحت أقدامها، وقد تجرعت ساحاتنا مرارة صنيع إدارات تسيير الأعمال هذه، حتى بزغ فجر ثورة يونيو التى لم تكتف فقط باقتحام أزمات الواقع، ومعالجة الجراح المتقيحة بصديد العقود المتراكمة، وإنما مدت الأبصار نحو مستقبل الأجيال الصاعدة، وربما يجسد حلم إصدار دائرة معارف شاملة تستوعب المعرفة الإنسانية فى شتى الميادين الأطوار التى مرت بها بلادنا منذ بواكير النهضة الحديثة فى عصر محمد على الكبير إلى مشروع ثورة يونيو الشاهق، فقد مهد مؤسس الأسرة العلوية لبزوغ «الحلم بإرسال البعثات إلى أوروبا، وإنشاء المدارس الحديثة، ومن إلهام تلك الفترة عرف المثقفون معنى دائرة المعارف، وبدأ الحلم يتوغل فى الأذهان والصدور، وحاول أن يجد متنفسا له على يد علامة الشام بطرس البستانى الذى تصدى هو وأبناؤه لتحقيق الحلم، ولم يجد عونا له وراعيا لمشروعه إلا الخديو إسماعيل حاكم مصر آنذاك، وطبعا لأن الحلم يتطلب جهود مؤسسات عملاقة، لم يستطع البستانى وفريقة إتمام دائرته، ولكن الحلم ظل ماثلا للضمير الثقافى العربى، حتى محاولة محمد فريد وجدى الجريئة، وتمضى السنون، ويبلغ مشروع دائرة المعارف محطة الموسوعة العربية الميسرة الذى رعاه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ويخبو الحلم حينا، ويستيقظ آخر، ولكنه لا يجد متنفسا ولا ترحيبا فى عهود إدارات تسيير الأعمال، ولكن الحلم سيلقى أفقه حتما فى عصر القفزات الشاهقة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة