جمـال حسـين
جمـال حسـين


من الأعماق

عائشة القذافى جعلتنى مليونيرًا !!

جمال حسين

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020 - 07:10 م

بينما كنتُ أتصفَّح صفحتى عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، فوجئْت بدخول سيدةٍ تتحدَّث معى على الخاص عن طريق «الشات»، حيث بادرت بكتابة «salam aleko»بالإنجليزيَّة، أى السلام عليكم.. نظرتُ إلى بيانات الحساب الذى تتصل من خلاله هذه السيدة، فوجدتُ صورة سيدة حسناء تحمل اسم «عائشة القذافى»، فأجبتُ بالعربيَّةِ قائلًا «وعليكم السلام»، فأخبرتنى بأنها «عائشة»؛ ابنة الزعيم الليبى الراحل معمَّر القذافى، واستطردت: أنا حاليًا لاجئةٌ سياسيةٌ، أُقيم مع والدتى وطفلى فى العاصمة العمانيَّة مسقط، بعد أن نجونا بأعجوبةٍ من القتل خلال الثورة الأهليَّة الليبيَّة التى أطاحت بوالدى من الحكم، وهربنا إلى بوركينا فاسو، ومنها إلى مسقط.. بدايةً، راودنى الشككُ أننى أمام عمليَّة نصبٍ إلكترونىّ، ودفعنى فضولى الصحفى إلى مجاراتها، فأوهمتها بأننى متعاطفٌ معها، وطلبت منها أن تقصَّ لى بعض الأسرارِ والكواليسِ لما حدث مع والدها معمَّر القذافى، خلال فترة الثورة، ومكان اختبائه حتى الظَّفر به من قِبل الثوار وقتله والتمثيل بجثَّته، وأيضًا كواليس هروب أشقائها.. المثير أنها أجابتنى بتفاصيل مثيرةٍ كما لو كانت فعلًا ابنة القذافى، وعاشت تلك الأحداث.. أوهمتها بأننى ابتلعتُ الطعمَ، وأننى مقتنعٌ بحديثها، فاطمأنَّت بعض الشىءِ، وبدأت تُلقى بشباكها حولى عن طريق توجيه عدة أسئلةٍ شخصيةٍ ذات مغزى عن اسمى وعمرى، وهل أنا متزوجٌ أم لا؟، ثم أخبرتنى أنها أرملةٌ عمرها 40 سنةً، وأنها تتمنى الزواجَ من مصرىٍّ !!
تأكدتُ أننى أمام عملية نصبٍ احترافيةٍ، وقررت خوض هذه المغامرة؛ لكشف هذه العصابة، أردتُ التعرٌّف عن قُربٍ على ألاعيب هذه العصابات، وكشف حيلهم للقُرَّاء الأعزاء، لعلَّها تكون طوق نجاةٍ للكثيرين ممن قد يتعرضون للنصبِ عبر الفضاء الإلكترونى.. استخدمتُ خبرات المباحثيَّة التى اكتسبتها خلال عملى محررًا أمنيًا فى حوار الشات مع مَنْ تُسمِّى نفسها عائشة القذافى.. وقبل أن أُجاريها فى الحديثِ، دخلتُ على صفحتها للتعرُّف على قائمة أصدقائها، وهالنى أن وجدتُ فى القائمةِ صورًا لعددٍ كبيرٍ من رجال السياسة والاقتصاد والأعمال ورؤساء التحرير وكبار الإعلاميين؛ ربما لتُوهم الضحايا بصدق كلامها.. طلبتُ منها أن تُرسل لى صورًا لها مع والدها القذافى وأسرتها، وعلى الفور أرسلت لى أكثر من 20 صورةً لابنة القذافى الحقيقيَّة مع والدها وأسرتها وطفليها، وكأنها كانت تتوقع منى هذا السؤال؟!
وهنا اطمأنت أكثر، وبدأت فى تنفيذ خطَّتها.. قالت إنها تستغيثُ بى لإنقاذ ثروتها التى تُقدَّر بعشرة ملايين دولار، والتى نجحت بأعجوبةٍ فى تهريبها إلى أحد بنوك دولة بوركينا فاسو، خلال الثورة الأهليَّة الليبيَّة.. أضافت أن الحكومة الليبيَّة قررت تجميد أموال وثروات جميع أفراد أسرة القذافى فى كل دول العالم، وأن ثروتها مهددةٌ بالتجميد إن لم تقم بتحويلها خلال أيامٍ قليلةٍ لاسم أحد الأشخاص، وأنها ترغب فى تحويل المبلغ إلى حسابى؛ مقابل منحى 25 % من إجمالى المبلغ، أى ما يُعادل 40 مليون جنيه مصرى، وأرسلت لى اسم البنك ورقم الحساب.
بعد ساعتين فوجئتُ باتصالٍ من شخصٍ أجنبىٍّ يتحدَّث العربية بصعوبةٍ، يُبلغنى أن المبلغ جاهزٌ، وأن تحويله إلى حسابى متوقفٌ على دفع 3 آلاف دولارٍ فقط !!
بالطبع رفضت.. فعاودت ابنة القذافى المزيفة الاتصال بى، ففاجأتها بأننى اكتشفتُ أمرها وسوف يتم القبض عليها، فأغلقت الحوارَ وذهبت للبحث عن ضحيةٍ جديدٍة، لعلَّها تنجح فى النصب على شخصٍ غيرى..
سألتُ صديقًا عزيزًا بمباحث الإنترنت عن هذه العصابة، فأكد لى أن هذه العصابة دوليةٌ، نفَّذت نفس السيناريو فى عددٍ كبيرٍ من الدول العربية، خاصة مصر وتونس والجزائر والدول الافريقية.. لذلك قررت أن أروى هذه الحكاية؛ لتكون بمثابة ناقوس الخطر للجميع، حتى لا يقعوا فريسةً للنصب.. وفى النهاية تبقى الحقيقة ساطعةً ولا تقبل الشك.. القانون لا يحمى المُغفلين... فانتبهو أيها السادة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة