صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


حكايات الحوادث| ذئبا التوكتوك.. والمغلوبة على أمرها‎

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 27 نوفمبر 2020 - 10:35 ص

جريمة تبكي لها الفضيلة، وتنعاها المروءة، وتأباها الشهامة، لحظات مريرة، ومحزنة، عاشتها الأم المريضة، بالسرطان، حيث وقعت فريسة بين براثن ذئبين، لم يرحما، عجزها، وضعفها، ولم تشفع لها دموعها التي انسابت على وجهها وكأنها حمم تحرق وجهها، وتلهبه، ترسل نظراتها إلى طفلتها الصغيرة، التي علا وجهها الهلع، والرعب، بعدما قام أحد الذئبين، بوضع نصل المطواة على رقبتها، ويطلب منها أن تمتثل لأوامره، لإشباع رغبته الحيوانية، بصوت يشوبه حدة، وعيناه ينطلق منهما الشرر.

وشعرت بأنها نهاية طفلتها، ولم تستطيع حتى أن تصرخ، أو تستغيث، وأصبحت قاب قوسين أو أدنى، تبكي وأجهشت في البكاء بصمت، والحزن يمتص قلبها امتصاصا، ويسلبها قوتها شيئا فشيئ، وتخرج كلمات الاستعطاف من بين ثنايا فمها، والحيرة تنخر عظامها، وينطلق بريق الخوف، والذعر من عينيها الذابلتين، تتساءل في استفهام، ودهشة، وبدت مغلوبة على أمرها، تقاوم ثم تقبع كفأر مطارد التزم جحره، ولم يتركها الذئبين، وتناوبا الاعتداء عليها أمام طفلتها.

اقرأ أيضا| حكايات الحوادث| الخائنة.. وسوء الخاتمة‎

البداية كانت عندما اصطحبت الزوجة المريضة بالسرطان، طفلتها الصغيرة، وتوجهت إلى عيادة بمنطقة قليوب، لأخذ العلاج الكيماوي، وقادتها الصدفة بسائق توكتوك، وعرض عليها بأنه سيقوم بمساعدتها وتوصيلها دون مقابل، وتعاطفا معها، وسينتظرها بعد انتهائها من جلسة العلاج الكيماوي، انفرجت أساريرها، وبلسان حال تقول إن الدنيا لسه بخير، ولم تكن تعلم بأنها ستقع فريسة بين يدي ذئبين، تجردا من كل معاني الإنسانية، والرحمة، وانساقا وراء نزواتهما الحيوانية مستغلين ضعفها، وقلة حيلتها، وما إن عادت إليه، أشار عليها بأنه تربطه صداقة بأحد الأشخاص من فاعلي الخير، ويقوم بتوزيع الأموال على المرضى، وممن يعانون من ظروف مادية، وأنه سوف يقوم بالاتصال به، وبالفعل أمسك بهاتفه المحمول يخبره بظروف الزوجة المريضة، والمغلوبة على أمرها، وانطلق بالتوكتوك، وتوجه إلى أحد الأماكن الزراعية المتطرفة، مما أثار القلق بداخلها، وقبل أن تنطق بكلمة واحدة فوجئت بالصديق الذئب الثاني، ويطلبا منها ممارسة الرذيلة، بينما هرع الآخر، وأخرج من بين طيات ملابسه مطواة قرن غزال، كاد نصله أن يذبح طفلتها الصغيرة، وقاما بتهديدها إن لم ترضخ لرغبتهما، باءت كل محاولاتها معهما بالفشل، ولم يرحما دموعها، وتوسلاتها، فهي صاحبة مرض خبيث، ولم تحرك دموع، وهلع، ورعب الطفلة لهما ساكنا، وسيطرت عليهما غريزتيهما الحيوانية، وتناوبا اغتصابها، والاعتداء عليها، دون رحمة أو شفقة.

 

وتركاها، وطفلتها يلاقيان مصيرهما، وفرا هاربين، وبدموع منهمرة، وصوت يشوبه ألم وغصة، تروي لزوجها فجيعة اغتصابها، والذي اصطحبها، وتوجه إلى قسم شرطة مركز قليوب، وعلى الفور انتشر رجال المباحث، وتمكنوا من القبض على المتهم الأول بعدما أدلت الزوجة بأوصافه، والذي أنكر قيامه بالجريمة، وبمواجهته بالزوجة، وطفلتها، اعترف بجريمته، وأرشد عن صديقه الذئب الثاني، وأحيلا إلى النيابة التي تولت التحقيقات، وأحالتهما أيضا إلى محكمة جنايات شبرا الخيمة، برئاسة المستشار، سامح عبد الحكم، وعضوية المستشارين، عبد الرحمن صفوت البحيري، وحسن قنديل، وأمانة سر، أشرف حسن، وقضت بتجديد حبس الذئبين ٤٥ يوما، تبدأ من نهاية حبسهما، ومراعاة التجديد في الميعاد.

اقرأ أيضا| حكايات الحوادث| مأساة رحمة.. والزفاف إلى القبر

تلك كانت جريمة سطرها الذئبان، بعقل هائم، ومداد قاتم، وحيث شاءت إرادة المولى عز وجل أن يمتد الأجل بالزوجة المريضة، لتروي فجيعتها، ولتكون طفلتها شاهدة تنطق بالصدق على ارتكاب الذئبين الجريمة دون ريب أو ظن، وفي انتظار حكم من استخلفهم الله في الأرض ليكونوا جندا له، تخط أقلامهم الحق، وتنطق ألسنتهم بالعدل، ولتكون أحكامهم نورا يشق غياب الظلم، بعدما أشربا الزوجة المريضة، والمغلوبة على أمرها، وطفلتها كأس الموت مرا، وليكونا الذئبين عبرة لكل آثم.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة