كرم جبر
كرم جبر


إنهــا مصـــــــر

لعن الله من أيقظها

كرم جبر

الجمعة، 27 نوفمبر 2020 - 08:32 م

مارس 1990 ذهبت إلى المنيا، كانت تحترق هى وأبو قرقاص بسبب شائعة عن علاقة نسائية بين شاب مسيحى وطالبة مسلمة، لا أساس لها من الصحة.
 قابلت التلميذة الصغيرة "3 إعدادي" وكانت مذعورة، وقالت لى "يا بيه عايزنى أقول إيه" وأضافت "ناس بيمسكونى ويقولوا قولى كذا إحنا جماعات"، و"بعد شوية ناس تانى غيرهم يقولوا قولى كذا".. انت عايزنى أقول إيه؟
 الحقيقة أن التلميذة الصغيرة يتيمة الأب والأم، كانت منبهرة بفوازير شريهان وفساتينها وحكاياتها فى فوازير رمضان، فقصت على زميلتها فى الفصل حكاية وهمية، عن الشاب المسيحى الذى يركب سيارة حمراء وأبوه يمتلك "مغلق" أخشاب.. وكانت زميلتها فى الفصل شقيقة أحد قادة الجماعة الإسلامية.
 وانتقلت الحكاية إلى أعضاء الجماعة، وصدقوا أن التلميذة الصغيرة تذهب إلى شقة سحرية يمتلكها صاحب السيارة الحمراء ويشربون المخدرات، وكانت كلها من محض الخيال، وجاءوا بطبيبة من الجماعة أكدت أن الفتاة عذراء.
 اشتعلت الحرائق فى أبو قرقاص، المحلات والأسواق وسيطرت الجماعة الإسلامية وامتدت النار إلى المنيا نفسها، وحدثت حالة احتقان عنيفة بسبب أكذوبة لا أساس لها تماماً من الصحة.
 فى مثل هذه الأحوال كان المتعارف عليه هو أن يظهر شيخ وقسيس فى مقر الحزب الوطني، فيتعانقا ويتصافحا أمام الكاميرات، دون النفاذ إلى الجذور الحقيقية للمشكلة، التى تحتاج لتعريتها والكشف عنها، فالأحداث صورة طبق الأصل تتكرر حتى اليوم.
 إذا أردت أن تثير فتنة أطلق شائعة، وأخطر الشائعات إما تتعلق بالعلاقات النسائية أو المساس بالعقيدة، والسخرية من أصحاب الديانة الأخرى، والمواجهة هنا تتطلب ثلاثة أشياء.. الأول هو ضرب الشائعات فوراً، والثانى تفعيل القانون، ثم تأتى بعد ذلك الجهود الشعبية والمصالحات الودية.
وكانت البوابة الجهنمية للفتن هى أسلمة المسيحيات وتنصير المسلمات، وهى من الأمور الحساسة جداً خصوصاً فى الصعيد، وتراجعت هذه الحالات كثيراً بعد زيادة الوعى وكشف المحاولات المدسوسة للوقيعة.
 والبوابة الواسعة للفتن أيضاً المساس بالاديان سواء فعل أو رد فعل، وتتسع رقعة النار لتهدد ببوادر مواجهة، تجد من يؤججها وينفخ فيها، وحاولت الجماعة الإرهابية فى عام حكمها الأسود، أن تفعِّل الفتن والصراعات، ولكن تصدى لها العقلاء من الجانبين.
 الحقيقة الراسخة هى أن أمن مصر وسلامتها فى العلاقات الطيبة بين عنصرى الأمة، على قاعدة المواطنة والمساواة والعدالة القانونية الحازمة، التى لا تفرق بين هذا وذاك.. العدالة معصوبة العينين.
 والواجب الذى يجب أن نؤديه جميعاً، هو أخذ مثل هذه الحوادث فى حجمها الطبيعى دون تهويل أو تهوين، فذراع الدولة القوية التى لا تنحاز لأحد، تستطيع أن تضرب بشدة من يحاول المساس بأمنها واستقرارها.
 أفضل شيء بعد أحداث السنوات الأخيرة، إيمان الطرفين بأن الاستقواء بمصر هو الحل، فهى الملاذ الآمن الذى يستطيع أن يحمى الجميع ويحقق العدالة المنشودة، ولا يفضل طرفا على آخر.
 ويذكر للرئيس عبد الفتاح السيسى أنه يرعى الكنيسة بنفس درجة رعايته للمسجد، ويحوز ثقة الجميع كرئيس لكل المصريين، يحتفل معهم جميعاً بأعيادهم، وكما يصلى العيد فى الفتاح العليم، يهنئ الأقباط فى الكاتدرائية.
 الدولة العادلة هى صمام الأمان، وعلاقة المسلمين والأقباط هى سر تميز هذا الوطن وسماحته وعلو شأنه.. وأدام الله الأمن والسلام للجميع.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة