كاتب مصري شهير يواجه الموت بالانتحار
كاتب مصري شهير يواجه الموت بالانتحار


أحمد سالم.. هدده الموت مرات فقرر الانتصار عليه بالانتحار

نادية البنا

السبت، 28 نوفمبر 2020 - 03:41 م

 

مهما حاولنا مقاومة القدر ، أو محاولة تغييره ، لن نستطيع حتى وإن خيلت لنا الظروف أننا استطعنا أن نغير أقدارنا فنرى الكثيرين يتعرضون للموت.. أحيانا يقاومون وأحيانا يستسلمون ، ولكن لن تجدي أحوالهم في تغيير قدرهم فلكل بداية نهاية ولكل حياة موت .


هكذا كانت حياة الكاتب الراحل أحمد سالم الذي تعرض للكثير من الأزمات سواء صحية او اجتماعية جعلت المحيطين به يتخيلون أنها النهاية ، ولكنها لم تكن.

فشخصيته القوية جعلته يصارع الموت ويتحداه أكثر من مرة ولكن عندما أيقن أنه أجله اقترب أراد أن ينتصر على موته ولا ينتظره بل يذهب إليه.

وروى تلك المرحلة من صراع سالم الراحل "علي أمين " حيث بدأت النهاية في منتصف ليلة الأربعاء 21 أغسطس عندما أحسّ أحمد سالم بآلام شديدة فى معدته عقب خروجه من رواية سينمائية ذهب لمشاهدتها ،واستدعى صديقه الكاتب والجراح دكتور إسماعيل السباعي فقال أنه "المصران الأعور".

وتم نقله إلى عيادة السباعي ليقوم بعملية استئصال ما يسمى " المصران الأعور"ولكن كانت هناك مشكلة في التخدير فيرى الطبيب أنه لابد من التخدير الموضعي لوجود رصاصة مستقرة في رئة سالم منذ حادث وفاة أسمهان كانت قد توشك بحياته ولكنه نجا وظلت الرصاصة مستقرة برئته.

ويخشى إذا خدر تخديراً كليا أن يصاب بالتهاب رئوي، ولكن أحمد سالم قال إنه إذا لم يخدر كليا فسيموت.. وواثق من أنه إذا خدر موضعياً فسيصاب بصدمة أثناء العملية يموت بعدها.

وبالفعل خدر تخديرًا كاملًا وأجرى عملية إزالة المصران فى عشر دقائق، واتخذ السباعي جميع الاحتياطات لمنع اصابته بالالتهاب الرئوى فحقنه بالبنسلين والستربتومايسين..ولكن كان هناك احتمال واحد فى المليون أن يكون هناك ميكروب لا يشفيه البنسلين والستربتومايسين.

وشاء القدر أن يتسرب هذا الميكروب إلى رئته وظل شبح الموت.. يذهب ويعود! ، وعقب ذلك أصيب بجراح فى الرئة، وسهر الكاتب وإسماعيل السباعي الليالي الطوال يطاردون شبح الموت من فراش أحمد سالم.. ولكنه كان يذهب ساعة ليعود من جديد! وكان أحمد سالم يرى هذا الشبح.

ومن هنا أيقن أن النهاية اقتربت وعلى فراش موته كان يردد اسمًا واحدًا هو أسم "علي أمين ".

كان يطلب "على أمين" باستمرار ويصر على استدعائه، لانه يريد أن يقول له خبراً مهماً.. خبراً يريد أن تسبق به أخبار اليوم وآخر ساعة باقي الصحف ، وكان الخبر هو أن" أحمد سالم يموت"! وفى هذا المقال يروى على أمين قصة الخبر وصاحب الخبر:-

استدعانى أحمد سالم إلى فراش موته وهمس فى أذني:- إننى أريد أن تسبق"اخبار اليوم"بخبر موتي! أريد أن تنقلنى الآن إلى بيتي لأموت فيه ثم تكتب الخبر!

كان يبتسم وهو يروى لي هذا الخبر المحزن.. فضحكت وقلت له:
- هذا خبر كاذب ونحن لا ننشر الاخبار الكاذبة! فقال:
- لا تظننى مجنونا.. إنه أهم"أخبار الغد"!
وفى ليلة الجمعة قام ليلقي بنفسه من نافذة المستشفى فأمسك به التمرجي وأعاده إلى فراشه.
وراح أحمد سالم يصيح:
- أريد علي أمين.. أريد محمد حسنين هيكل ليكتب عني ريبورتاج.. سيكون هذا أهم ريبورتاج..
كيف مات احمد سالم!!
لقد أراد أحمد سالم أن ينتحر ليسبق الموعد الذي حدده الموت!
والآن وقد تحقق الخبر.. الخبر الذي كذبته لما سمعته من أحمد سالم، أجد القلم يتعثر فى يدي!
يتعثر لانه لا يصدق أن الحياة يمكن أن توصف بالموت!
فلقد كان أحمد سالم كتلة من الحياة والحيوية والحركة، كان كقطعة الفلين اذا دفعتها فى قاع الماء عادت لتطفو على السطح!

لما خرج من محطة الاذاعة، قال الناس انه انتهى ولكنه عاد ولمع من جديد.

ولما خرج من بنك مصر اجمع الناس على انه انتهى ولكنه اصبح اكثر لمعانا..

ولما خرج من السجن بعد قضية الخوذات قال الناس: لن تقوم له قائمة.. ولكنه قاوم الحوادث ونجح ولمع وسطع، ولما اصيب بالرصاص فى حادث أسمهان قال الاطباء: انه قد مات!

ولكنه قاوم الموت وعاش.ولما فشلت إحدى رواياته قيل أن أحمد سالم قد انتهى.. ثم ظهر أنه قد بدأ يلمع ويسطع من جديد..

وهكذا كانت قطعة الفلين تطفو دائما على سطح الماء!

ولكن شبح الموت فى هذه المرة استطاع ان يقنع احمد سالم بانه سيموت.. فاستسلم لأول مرة فى حياته للقدر!


ولكن اذا كان جسم احمد سالم قد مات، فان اسمه لا يمكن ان يموت!

أن اسمه سيطفو دائما على سطح الماء ليثبت للشباب ان الفشل ليس نهاية الشاب ولكنه بداية النجاح.


ان اخطاء احمد سالم كثيرة.. ولكن مزاياه اكثر.. ولولا هذه الاخطاء لكان اليوم مليونيراً او وزيراً.. ولولا هذه المزايا لعاش حياته كغيره من الشبان ضحية الفشل الاول.


ان وفاة احمد سالم مأساة عادية قد ينساها الناس، ولكن حياته ستبقى رواية خالدة سيسجلها الشعراء والكتّاب فى يوم من الايام!

 

اقرأ ايضا || فريد شوقي يسقط ضحية «نصاب» كوميدي

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة