أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

قمة الكبار

أسامة عجاج

السبت، 28 نوفمبر 2020 - 07:47 م

هل نجحت السعودية فى إدارة رئاسة قمة العشرين، التى استمرت منذ أوائل ديسمبر من العام الماضي، وحتى أيام قليلة؟ الإجابة نعم وبامتياز، ودعونا نعترف منذ البداية انها قمة الكبار بالفعل، فالأمر هنا لا يتعلق بمبالغة فى التوصيف، فالبيانات والأرقام تشير إلى أن هذه الدول تستحوذ على ٨٠ بالمائة من الناتج العالمى، كما تشكل أنشطتها نحو ٧٥ بالمائة من تجارة العالم، ويمثل سكانها ثلثى التعداد العالمي، ولان عام ٢٠٢٠ سيسجل فى التاريخ بعام كورونا، فقد استطاعت قمة الرياض مواجهة تلك الأزمة والتحدى غير المسبوق، التى تواجه البشرية جمعاء، فلم تستثن دولة غنية أو فقيرة، متقدمة أو من دول العالم الثالث، فأعلى معدلات الإصابة تعانى منها امريكا ودول اوربا، والتى أودت بحياة الملايين سواء من الوفيات أو الإصابات، وأغلقت العالم فى حد غير مسبوق لحركة النقل العالمية، وشلت اقتصاديات الدول، ووصلت الخسائر إلى تريليونات الدولارات، وقد فرضت الظروف على المملكة العربية السعودية أن تقود العالم بدول العشرين الأكبر فى العالم خلال هذا العام، من خلال تلك القمة الأهم تاريخيًا، فأحسنت القيادة من خلال الإعداد المتميز والترتيب الدقيق، والنتائج المهمة.
ومن الظلم والتصور القاصر، ان يعتقد البعض ان القمة هى أعمال يوم أو أكثر، فقد شهد العام الذى تولت فيه السعودية القمة، فى ديسمبر من العام الماضي، واستمرت حتى عقدها فى أوائل الأسبوع الماضي، حوالى مائة اجتماع ومؤتمر، على مستويات مختلفة، سواء اجتماعات ذات طابع رسمى، ووفود حكومية، بالإضافة إلى اجتماعات منظمات المجتمع المدنى، صحيح انها كانت فى جلها اجتماعات افتراضية، ولكن ذلك لم يمنع من جدول أعمال مزدحم، يتضمن كافة القضايا، ومنها الصحة والتجارة والاستثمار، والهيكل المالى العالمي، والاستثمار فى البنية التحتية، والاقتصاد الرقمى ومكافحة الفساد، والتنمية المستدامة والتوظيف، وتمكين المرأة والتعليم وتعزيز السياحة العالمية، والهجرة والنزوح القسرى.
التوافق كان واضحا فى توجهات القادة تجاه القضايا المطروحة، منها وجود نقاط ضعف فى الأنظمة الصحية على مستوى العالم، كشفتها جائحة كورونا، تستلزم التعاون والتضامن الدولى فى المواجهة، من خلال تعزيز الشراكة بين الدول الصناعية والدول النامية، وضرورة السعى إلى إيجاد سبيل لمعالجة الزيادة فى الإصابات، وضرورة السعى إلى انتعاش اقتصادى شامل، حتى لا يؤثر على اقتصاديات الدول، خاصة فى ظل ارقام صندوق النقد الدولى الذى اشارت فى الشهر الماضي، إلى توقعات لانكماش فى الاقتصاد العالمى هذا العام بنسبة ٤.٤ بالمائة، بعد ان كانت التوقعات فى يونيو الماضى ترفع النسبة إلى ٤.٩ بالمائة، الأمر الذى يستدعى التعاون والتضامن فى مكافحة وباء كورونا، باعتبارها ليست مجرد مهمة حكومات، ولكنها مسئولية المجتمع الدولي، من خلال التوقيع على ميثاق تضامن دولى لهذا الغرض.
وحقيقة الأمر، فإن دول مجموعة العشرين لها الدور الأبرز فى علاج تداعيات أزمة فيروس كورونا وتوابعها، من خلال ضخ أعضائها منذ مارس الماضي، موعد تفاقم الوضع، حوالى ٢١ تريليون دولار لدعم النظم الصحية، والبحث عن لقاحات للعلاج، وبالتوازى ضخت ١١ مليارا فى الاقتصاد العالمى و١٤ مليارا لتخفيف عبء الديون عن البلدان الأقل نموًا، كما شهدت القمة إقرار مبادرة السعودية بتعليق خدمة الديون للدول الأكثر فقرًا حتى يونيو القادم، القمة مثلت كما قال خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز رسالة اطمئنان وأمل لشعوب العالم، من خلال روح التعاون والتضامن، التى مثلت حجر الزاوية لنجاحات مجموعة العشرين.
وهكذا فإن نجاح السعودية فى إدارة أعمال القمة دفع ولى العهد السعودى محمد بن سلمان إلى تقديم اقتراح بعقد القمة مرتين فى العام: واحدة افتراضية فى منتصف السنة وأخرى حضوريا بمشاركة القادة فى نهايتها.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة