عشرات الآلاف من الإثيوبيين الفارين من الحرب فى تيجراى
عشرات الآلاف من الإثيوبيين الفارين من الحرب فى تيجراى


جرائم حرب في تيجراي.. هل يوقفها العالم؟!

الأخبار

السبت، 28 نوفمبر 2020 - 10:43 م

مروى حسن حسين

مع انتهاء مهلة الأيام الثلاثة التى منحتها الحكومة الإثيوبية لاستسلام قوات تيجراى، يشتد التوتر فى البلاد، وتقرع طبول الحرب بقوة مع إعطاء رئيس الحكومة أبى أحمد، الضوء الأخضر للجيش للتحرك نحو عاصمة إقليم تيجراى، واصراره رفض الدعوات الدولية للحوار ووقف القتال الدامى فى تيجراى، ووصفه بالتدخل غير المرحب به.

وفى ظل احتدام القتال فى منطقة تيجراى، دعت مجلة إيكونوميست البريطانية العالم إلى ضرورة التدخل لوقف جرائم الحرب فى إثيوبيا، مشيرة إلى أن الفظائع تزداد فى منطقة تيجراى، وأكدت أن العالم الخارجى فى حاجة إلى الضغط على طرفى النزاع لإجراء محادثات، فالحرب الأهلية فى إثيوبيا عمرها أقل من شهر، إلا أن أهوالها تتضاعف بسرعة.

وحذرت إيكونوميست من أن التعامل مع مدينة بأكملها وسكانها على أنهم هدف سيكون جريمة حرب. وفى بلد تمزقه التوترات العرقية مثل إثيوبيا، يمكن أن يؤدى أيضا إلى إراقة دماء أكبر.

وتحدثت المجلة عن اعتقال المئات فى العاصمة أديس أبابا ونزع سلاح التيجرايين فى الجيش أو اعتقالهم، وإخبار العاملين فى الخدمة المدنية بعدم الحضور إلى العمل، كما أن مواطنى تيجراى الذين حاولوا مغادرة البلاد تمت إعادتهم من المطار.

وذهبت المجلة إلى القول بأن كلا الجانبين قد بدد فرصا للحد من التوترات قبل إطلاق الطلقات الأولى فى هذا الصراع فى الرابع من نوفمبر.

والآن، يبدو أن كلا منهما يعتقد أن له يد العليا. فيبدو أن أبى أحمد يحاول الإطاحة بجبهة تحرير الشعب فى تيجراى قبل أن يتولى جو بايدن الرئاسة فى أمريكا، ويبدو أن قادة الجبهة، يعتقدون أنهم بإمكانهم الفوز بتنازلات من خلال القتال من التلال وإطالة أمد الحرب كما أن كلا الجانبين يتصرف كما لو أنهما سيكسبان من القتل أكثر من الحديث.

ودعت إيكونوميست الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى إلى ضرورة التدخل وتوضيح أن أولئك الذين يرتكبون جرائم الحرب سيخضعون للمساءلة، كما طالبت بضرورة السماح لمحققين مستقلين بالتدخل لتحديد ما حدث فى ماى كادرا. وترى إيكونوميست أنه إذا ارتكبت إثيوبيا جرائم حرب جسيمة، فيجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى أيضا فرض حظر على الأسلحة.

وطالبت الصحيفة المانحين أن يعيدوا التفكير فى دعمهم لإثيوبيا التى تعتمد على المساعدات.

وقالت إن القوى الغربية تتردد خوفا أن يتم اتهامها بالاستعمار الجديد، فى حين أن الاتحاد الأفريقى متردد بسبب سياسته المتمثلة فى عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأعضائه، لكن لو لم يتم فعل ذلك، فسوف تنزلق إثيوبيا أكثر فى الأزمة ويمكن أن تتفكك مثلما حدث مع يوجوسلافيا فى التسعينيات.

تبدو الأزمة التى تعيشها إثيوبيا حاليا صراعا سياسيا على خلفية الحكم الذاتي، لكن الواقع أن النزاع بين أديس أبابا وإقليم تيجراى أعمق بكثير مما يبدو عليه.

وبحسب تحليل لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، فإن الصراع الإثيوبى فى الأساس يتمحور حول الموارد الاقتصادية فى المقام الأول، ثم النفوذ السياسى فى البلاد ككل.

فالصراع الحالى لا يدور حول من سيحكم الإقليم الشمالي، بل حول الإجراءات الاقتصادية والسياسية التى يقوم بها ابى أحمد بلا هوادة، وهى خطوات يرى قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى أنها تهدد بشكل غير مقبول الهيمنة التى تمتعوا بها منذ فترة طويلة..

ورغم رفع آبى أحمد شعار (التجمع معاً)... لكن بعض المحللين يرون، أن الإصلاحات الهادفة لتوحيد إثيوبيا تؤدى فى واقع الأمر إلى إشعال النار فى رماد الانقسامات العرقية والسياسية، وتهدد بتمزيق أوصال ثانى أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.

وتخوض الجبهة الصراع على أنه معركة لانتزاع الحقوق لمناطق إثيوبيا العشر من رئيس وزراء مصمم على مركزية السلطة، وتقول إن آبى متحامل على أبناء تيجراى منذ توليه السلطة، وتصف حكمه بأنه «ديكتاتورية وحدوية غير مشروعة تحركها أهواء شخصية». وتنفى الحكومة سعيها لمركزية السلطة.

وأشعلت ثلاثة قرارات نيران الغضب فى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التى ظلت تهيمن على الائتلاف الحاكم لما يقرب من ثلاثة عقود حتى وصول آبى إلى السلطة عام 2018 : تقارب آبى مع إريتريا عدوهم اللدود، وتشكيل حزب وطنى جديد ليحل محل ائتلاف يقوم على أساس عرقي، وتأجيل الانتخابات العامة.

وأثار كل قرار من الثلاثة اتهامات مريرة من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وتفجّر بعدها صراع هزّ المنطقة. وتقول الحكومة، إن قوات تيجراى هى التى أشعلت فتيل الصراع عندما هاجمت قوات اتحادية متمركزة فى الإقليم. ووصفت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى الهجوم بأنه ضربة استباقية.

ووراء النزاع السياسى تكمن صراعات ومنافسات قائمة منذ زمن بين أكثر من 80 مجموعة عرقية فى إثيوبيا.

ويرى كثير من زعماء المناطق فى إصلاحات آبى المزعومة فرصة للاستحواذ على نصيب أكبر من السلطة لصالح جماعاتهم.

ولم تعرف أى حصيلة محددة للمعارك حتى الآن لكنها أسفرت عن مئات القتلى على الأقل. ونزح أكثر من 40 ألف إثيوبى بسبب النزاع، إلى السودان المجاور وعدد غير محدد إلى داخل تيجراى وإثيوبيا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة