سقارة
سقارة


حكايات| «سقارة».. من هنا بدأت مصارعة الثيران

حسن سليم

الأحد، 29 نوفمبر 2020 - 12:14 ص

حين تسمع عن "مصارعة الثيران" يأخذك عقلك إلى إسبانيا ظناً أنها أصل تلك الرياضة العنيفة والخطرة، حيث التفاف الجماهير حول الحلبة الرملية  وارتفاع الرايات الحمراء المثيرة للثور والأخرى البنفسجية التي تهدئه، مع وجود المصارع المخاطر بحياته في مواجهة الثور مباشرة دون أي سبل حماية من قرونه القاتله.

الأمر المثير للدهشة هو أن أول تحدي في التاريخ بين الإنسان والثور حدث ببلاد الشرق  وتحديدًا في مصر، بمنطقة سقارة، حيث تحدى  الملك زوسر أمام الهرم المسمى باسم الثور، ولكن بشكل يختلف عن المتعارف عليه حاليا ليثبت جدارته بتجديد حكمه لفترة ثانية، فيما كان يعرف بطقس "حب سد"، لتنطلق من هناك فكرة تحدي الثيران ومصارعتهم.

وكان تحدي الثور أحد طقوس احتفال الـ "حِب- سد"، الذي كان عادة ما يقيمه الملوك" احتفالا بمرور 30 عاماً على الحكم، وبعض الملوك احتفلوا به قبل العام الثلاثين مثل الملكة حتشبسوت التى احتفلت به فى العام السادس عشر من حكمها، حسب ما يؤكد د. محمد حمزة، عميد كلية الأثار بجامعة القاهرة، والذي شرح طقوس "الحب – سد" التي كانت تبدأ بوضع تمثال الملك بالمقصورة، ثم إقامة عمود الجد، وهو طقس رمزي يعبر عن تجديد حياة الملك،  وبعد ذلك الجري والهرولة حول سور البلاط الملكي أو ببهو المعابد، والتي خلالها يتحدى الملك الثور بالجري خلفه حتى إمساك ذيله، ليدلل على أنه لا يزال في ريعان شبابه ويتمتع بالقوة التي تمكنه من الجري وراء حيوان قوي مثل الثور. 

ومن أشهر الساحات الاحتفال الموجودة إلى الآن ساحة هرم زوسر المدرج بسقارة، فبعد أن تطأ قدمك رمال منطقة سقارة  المفحمة بروح التاريخ، تمر من خلال بهو الأعمدة لتنتهي واقفًا عند أول حبات الرمال بالفناء الواسع أو قاعة "حب سد" حيث الساحة المخصصة "لهرولة"  الملك زوسر خلف الثور.

 تنظر حولك فتجد مساحة رملية شاسعة، في أقصى يمينها بالترتيب غرفة تغيير ملابس الملك الرسمية بغيرها الخاصة بطقس الهرولة والتي كانت عبارة نقبة صغيرة - ما يشبه الجييبة حاليًا-، وبعد الغرفة يقف في شموخ شاهدًا على كل أحداثها، أقدم بناء ضخم في التاريخ، هرم زوسر  المرتفع لحوالي 60 متر، والمكون من "6 مصاطب" وتبلغ مساحته الداخلية حوالي 84 متر، وبمقابلته  بئرالدفن الذي يبلغ عمقه  27 متر، وفي المسافة بين الهرم والبئر  تدور معركة الملك والثور.  

ويوضح عميد كلية الأثار أن الهدف من تلك المعركة ليس إظهار قوة الحاكم وقدرته فقط، ولكن كانت تمتمد إلى ما هو أبعد ، باستغلال الملك  الطقس للتأكد من خضوع حكام الوجه القبلي والبحري له بحضورهم الطقوس  ومشاهدتهم لصراعه مع الثور، وكذلك الواعظ الديني باعتبار أن الملك هو ممثل  الإله حورس فيتقدم الأهالي بالقرابين، ويرمي  الملك  في ختام الاحتفاليات أربع سهام في  الاتجاهات الرئيسية  الاربعة كإثبات أنه ملك الأرض بأكملها وأنه مسيطر.

اقرأ أيضاً| حكايات| الشيخ الحصري «أبو الكرم».. حين تبنى مقرئ القرآن الجديد «أبو بدلة»

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة