الأحد، 29 نوفمبر 2020 - 10:08 ص

تصلح نظرية تأثير الفراشة The Butterfly Effect لتفسير الكثير من الظواهر الطبيعية والسلوكية، تقول النظرية  ان الحركة البسيطة لجناح فراشة في مكان ما قد تكون السبب في حدوث إعصار على بعد ألاف الأميال بعد فترة من الزمن.
نتيجة التأثير التراكمي لتلك الحركة البسيطة من جناح الفراشة.  عبقرية النظرية تكمن في كونها قادرة على إيجاد  الرابط  المنطقي بين السلوكيات التي تبدو عشوائية وربما غير مفهومة وبين والنتائج المترتبة على  تلك السلوكيات . 
انسانيا على سبيل المثال قد تستيقظ يوما تكتشف  أن مشاعرك تجاة شخص ما قد تبدلت، دون ان يصدر موقف حاد من هذا الشخص تجاهك يفسر هذا التغير في المشاعر!، وفق نظرية تأثير الفراشة، هناك سلوكيات صغيره سيئة صدرت من هذا الشخص تجاهك ظلت تتراكم إلى أن تسببت في تغير وتبدل  مشاعرك تجاهه على المدى البعيد. 
هذة النظرية جزء من نظرية اكبر وهي نظرية الفوضى او Chaos Theory ، تزعم تلك النظرية ان صنع فوضى مدمرة لا يحتاج اكثر من تراكم  تغيرات شديدة البساطة والصغر  تكاد تكون غير ملموسة.
علماء السياسة والاجتماع في مستودعات صنع القرار التابعة لأجهزة الاستخبارات طوروا نموذج للتغيير و تفكيك الدول مبني على نظرية الفوضى ، اتبعوا فيه تكنيك تأثير الفراشة،يتم في هذا النموذج  رصد و حشد اخطاء انظمة الحكم المستهدفة  حتى لو كانت صغيرة او متناهية الصغر  و تجميعها  بشكل تراكمي ، ثم تسليط الضوء عليها بشكل متكرر ومركز ، فتهتز صورة نظام الحكم في نظر الشعوب  حتى تصل تدريجيا للسقوط الكلي لتلك الصورة ، وبعدها  تسهل إشاعة الفوضى و تصبح  تلك الدول مسرح عمليات مثالي  لتدمير طويل  الأجل.( العراق-سوريا-ليبيا  نموذجا)
 
يتساءل البعص لماذا يهتم الإعلام الموجه مثل  BBC و غيرها او الإعلام المعادي بشكل صريح مثل قنوات الاخوان المدعومة تركياً وقطرياً، بنشر أخبار صغيرة وتضخيمها عن فشل ما في معالجة  اي مشكلة ولو  سطحية في بلادنا ، حادث صغير على طريق سريع او حريق في مبني او سقوط لشبكة انترنت اثناء امتحان او رشوة لموظف أو حادثة ارهابية او حتى تلميع شخصيات سياسية بعينها ، أحداث كلها روتينية تحدث في كل بلدان العالم  يتم اظهارها في شكل كوارث.
تجميع و تركيب الأحداث البسيطة السابقة والتركيز عليها اعلاميا بتكنيك تأثير الفراشة، لابد ان يترك في اللاوعي انطباع ما عن فشل الدولة في معالجة تلك المشاكل، تراكم انطباعات الفشل هو اللحظة المثالية  لإطلاق اعصار التدمير بعد ان تم تهيئة الوعي الجمعي لمرحلة السقوط. 
 صعوبة مواجهة هذا النوع من تكتيكات الفوضى انه يحتاج مرونة وديناميكية عالية  تضع الدولة واجهزتها و شعبها في حالة استنفار دائم و مرهق قد يصل لمرحلة من حالات الاستنزاف. هنا تكمن اهميةالوعي بتلك التكتيكات و الخطط كجزء من استراتيجية مواجهتها  و القضاء على معظمها في المهد. 
الإعلام له النصيب الأكبر في خطة المواجهة لذلك لابد من تطوير أدوات اعلامية متعددة بشكل احترافي نقدر من خلالها أن نمتلك المبادرة و النفاذية Accessibility و القدرة على المناورة و الحشد و السيطرة، مع توفر آليه لمعالجة الاخطاء بشكل ديناميكي وسريع قبل ان يستثمرها الخصم ويخلق منها حالة سخط شعبي عام.
تحدي عظيم ومرهق على المستوى الرسمي و الشعبي في ظل تراكم كم هائل من المشاكل،  بقايا سنوات التراخي ، لكننا لا نملك رفاهية التخلي عن السير في خطوط متوازية في مواجهة هذا التحدي ، إصلاح الصورة الذهنية للدولة بشكل فوري و متزامن  مع  ظهور أي حملات إعلامية موجهة وبالتوازي  معالجة التراكمات والأخطاء و المشاكل بشكل يجدد تلقائيا رصيد الإنتماء، ويدعم الحبل السري الواصل بين عقل الدولة و  وعي المواطن .
التراخي او تجاهل تلك التهديدات يعني اننا  نستسلم في انتظار  سقوط و موت بطيء حتمي لا محالة!

اقرأ أيضا:
◄ شرائح الديمقراطية المقلية بالنكهة «البايدينية»
◄ مستنقنع النفايات.. كان وأصبح
◄ تدوير المظالم والوعي المرتبك