كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

سمات الشخصية المصرية

كرم جبر

الثلاثاء، 01 ديسمبر 2020 - 07:15 م

مصر مهد الاعتدال والوسطية، وشعبها عاشق بفطرته للأديان، ويشهد تاريخه أنه كان سباقاً إلى استقبال الرسالات السماوية والانضواء تحت تعاليمها النبيلة.
والمصريون أصحاب العبارة الخالدة «الدين لله والوطن للجميع»، وتعلموا منذ نعومة أظافرهم أن حب الأوطان لا يتعارض مع الأديان، فصار الدين والوطن من علامات الإيمان.
مصر التى نعرفها عظيمة وكريمة وأم الأمم، قد تضعف ولكن ينقلب ضعفها قوة وعزيمة.. لأنها مصر.
وانصهرت الرقائق المتتالية للحضارات المتعاقبة فى الهوية المصرية، فأفرزت شخصية منفردة لها ميزات أصيلة، من خبرات الحضارات والثقافات.
الشخصية المصرية هى رمز لمكونات الإبداع الفنى والثقافى، وأخذت العلوم والفنون منهجاً للرقى والوعى، وسطعت أنوارها فى سماء المنطقة كلها.
كنا نحترم الاختلاف ولا نحتكم للخلاف، ونعتبر الآخر جزءا من حيوية المجتمع وتفاعله، وعاش على أرض مصر بشر من كل الأجناس والديانات، دون تفرقة فى المعاملة.
نعم تغيرنا، وهبت على الشخصية المصرية رياح أثرت فى معالمها، وحجبت محاسنها وأبرزت مساوئها، وتراجعت السمات الإيجابية التى كانت تميز المصريين.
كان عنواننا «التعايش السلمى الآمن بين أبناء كل الديانات، المسلم يذهب إلى المسجد، والمسيحى إلى الكنيسة، ولا فرق، الشكل والملامح والزى واللكنة واللسان واحد، بنكهة مصرية».
لم يكن الفقر عيباً، أو دافعاً للجريمة والسرقة والرشوة والحرام، وإنما كان حافزاً على العمل والكسب الحلال والغنى المشروع من عرق جبين الشرفاء.
كانت أمهاتنا بمئة رجل، وتخرج على أيدى الأمهات غير المتعلمات أعظم الرجال، وكانت ثقافتهن الحياتية أعظم من كل الشهادات، وأهم بنودها الأصول والاحترام.
وكان شيوخ مساجدنا رموزاً للطيبة والسماحة، وعلى وجوههم يشع نور خفى يعكس حلاوة الإيمان، والآن بعضهم «أعوذ بالله»، وأحدهم يسير على السجادة الحمراء فى مهرجانات الأفلام.
لم يكن «أولاد الحتة» بهذا السوء ويترصدون بنات جيرانهم، بل كانوا فى منتهى الشهامة، يعرفون العيب، ولا يتلصصون ولا يتحرشون، ولا يساومون على الشرف والعفة.
تغيرت الشخصية المصرية وهبت عليها رياح حجبت سماتها، المشهورة بالمروءة والرجولة والشهامة، وأصبحنا نرى أصنافاً غريبة من البشر.
لم يكن المصريون يعرفون الكذب، حتى جاء يوم يقف فيه شهود الزور المأجورون أمام المحاكم «شاهد يا بيه»، ويوزعون «بيزنس كارت» للاستعانة بهم عند الحاجة.
لم نكن نرى أو نسمع جرائم شاذة مثل ذلك البلطجى الحقير، الذى ربط مهندسا ومحاسبا بالأحبال، وظل يضربهما بالأحذية، لمجرد اختلاف بسيط، فأراد أن يؤدبهما، حتى يخاف بقية أهل الشارع.
ولم يصادفنا بلطجى فتوة يسوق سيارة، ثم ينزل ويحطم سيارة ووجه آخر، لمجرد الاختلاف على أولوية المرور، ولسانه يقول «هو مش عارف أنا مين».. الله يلعنك.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة