الأربعاء، 02 ديسمبر 2020 - 07:31 م

لم أكن أرغب فى تناول موضوع الفتاة (الموديل) وجلسة تصويرها فى منطقة أثرية بزى فرعونى.. وصف بأنه (غير لائق)!!.... لم أرغب فى تناول الموضوع لأنه تافه وصغير.. ‏لولا أن التفاهة صارت أسلوباً، وسلوكاً سائداً يعكس قيما متناقضة، وطريقة تفكير هشة متخبطة، تتجاهل فى الأغلب القضايا المهمة والحقيقية، وتتمسك بصغائر الأمور وأكثرها سطحية... فلا مانع من أن تقام الدنيا بدعوى إهانة الآثار، أو إهانة الرموز، أو خدش الحياء أو الازدراء (رغم غموض التهمة واتساعها)... ‏بينما سرقة وتهريب الآثار، أو عرضها فى صالات مزادات العالم... أمر متاح ومسكوت عنه دائما!!
قبل يومين تم إلقاء القبض على فتاة تعمل عارضة أزياء (موديل).. والقبض على المصور الذى قام بتصويرها فى منطقة سقارة الأثرية، بدعوى أنها لم تحصل على إذن تصوير، ولأنها ارتدت ملابس غير لائقة، أظهرت تضاريس جسدها!!... وتقدم أحد المحامين فى حملة تطهير المجتمع، ببلاغ إليكترونى للنائب العام، باعتبار ما قامت به الموديل إهانة للدولة المصرية، وتهكما على الحضارة المصرية، يستوجب المساءلة القانونية!!
والمسألة فى رأيى ليست قبحا أو جمال صور الفتاة، ولا حجم ما تغطيه الملابس من الجسد، ولا حجم ما تكشفه.. المسألة ليست بدانة جسد الفتاة، أو نحافته... فلا يوجد قانون فى العالم يعاقب على امتلاء الجسد، ولا على عرى الملابس، ولا حتى ابتذالها!!... لا توجد معايير واحدة للذوق ولا للرأى والتعبير عنه... وما أراه أنا مسيئا، قد يراه غيرى مقبولا.. لكن المشكلة التى تحولت إلى هواء خانق... تلك الحالات من التنمر والعدوان والتعصب، ومحاولات البعض لاحتكار الصواب، واحتكار الذوق، واحتكار القيم.... جماعات الأمر بالمعروف باتت تجلس فى رءوسنا، تفرغها تماما، من كل سؤال جاد وحقيقى، لتلاحق كلمة فى أغنية، أو رقصة فى اليوتيوب، أو ضحكة فى التيك توك، أو صورة فى منطقة أثرية!!.