أشبال التوك توك
أشبال التوك توك


أشبال الـ«توك توك».. طفولة محفوفة بالمخاطر

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 04 ديسمبر 2020 - 07:02 م

 

شاهندة أبوالعز

أجبرتهم الظروف على التخلى عن طفولتهم والانغماس فى عالم الشقاء والعمل فمنهم من يحاول مساعدة أسرته فى مواجهة صعوبات الحياة وتلبية احتياجاتها،والبعض الآخر قرر أن يبحث عن مهنة «صنايعي» لجلب المال الذي يحقق الأمنيات، ومع وجع تلك المهن الشاقة، جمعتهم مهنة أخرى «سائق توك توك»، اختارتها لهم الأقدار بعد تجربة أكثر من وظيفة، بحثاً عن أرزاقهم آملين فى توفير بضعة جنيهات، تساعدهم وتساعد أسرهم على مواجهة الحياة التي حكمت على طفولتهم بالإعدام، «الأخبار المسائي» ترصد قصص أطفال امتهنوا قيادة «توك توك» في شوارع مصر المختلفة.

 

رحمة تُنفق على أمها المريضة


فى عام 2018 قررت الطفلة رحمة وليد، 12 عاما، النزول إلى مجال العمل بحثاً عن مصدر دخل تستطيع من خلاله مساعدة والدتها في مصاريف المنزل وعلاجها بعد إصابتها بكيس دهنى كبير على الرقبة والغدة الدرقية جعلها طريحة الفراش.

فقد توفى والدها منذ عدة سنوات، ولكي توفر طلبات أبنائها قررت الأم العمل سائقة- توك توك- وتعليم «رحمة» أساسيات القيادة، ولكن بعد أن تمكن المرض من والدتها وجعلها طريحة الفراش عملت الطفلة على التوك توك، لم تأبه حينها لصغر سنها حينئذ الذي لا يتجاوز الـ10 سنوات وما سوف تتعرض له بالشارع، خصوصاً أنها تعمل في محيط منطقتها بـ روض الفرج بحى شبرا، ومعرفة جيرانها وأهالي المنطقة بها. 


تحاول الصغيرة التوفيق بين دراستها كطالبة في الصف السادس الابتدائي، وبين عملها الجديد حيث تعمل على «توك توك» بالإجازات، وتتوقف عن العمل في أوقات الدراسة لتبدأ يومها في الـ6 صباحاً متجهة إلى المدرسة وتعاود 1 ظهراً تذاكر دروسها وتحلم بأن تكون دكتورة.

يومية «رحمة» لا تتعدى 80 جنيهاً في اليوم الواحد، ولا تحلم بشىء سوى حصول والدتها على معاش تستطع منه فتح مشروع صغير، وتلبية احتياجات المعيشة.

 

همام يُجهز شقيقته العروس


نشأ «همام.م» اسم مستعار (18) عاماً في بيت تحت خط الفقر بمنطقة الوراق بمحافظة القاهرة، جعلته يتخلى عن طفولته مبكراً والبحث عن «لقمة عيش» لمساندة أخته الكبرى ذات (21) عاماً في الزواج وتجهيزها بما تريد حتي لا ينقصها شيئً مثل باقي بنات منطقتها، يعمل والد «همام» بإحدى ورش الحدادة بالوراق، يتقاضى يومية 100 جنيه، لكنها لم تلبِ احتياجات أبنائه الثلاثة ذوي الأعمار المختلفة لذا كان قرار الطفل «همام» هو ترك الدراسة بالصف الأول الثانوية الصناعي، والبحث عن مهنة تدر له دخلاً مناسباً. 

اقرأ أيضا|بعد 10 سنوات من الاستلام بأكتوبر.. «ابنى بيتك» أحياء «مهجورة» من الخدمات


بين العمل في ورشة الحدادة وبين تجربة ورشة النجارة، لم يجد «همام» ما يرتاح له، فالتعامل السيئ من ضرب وإهانة من قبل أصحاب تلك الورش، جعلته يفر هارباً، حتى قرر العمل سائق- توك توك- متجهًا إلى أحد الأصدقاء المقربين بالمنطقة والذي يملك «توك توك» ليتعلم كيف يقوده.. ليعمل عليه بعد ذلك. 


الآن يعمل «همام» 12 ساعة متواصلة، في قيادة التوك توك في أكثر من منطقة محاولاً خلق فرص لكسب أكبر قدر من الزبائن، لينتهي آخر اليوم بحصيلة رزق نحو 70 جنيهاً، بعد توريد الإيراد لصاحب التوك توك.

 ويروى الطفل قصته مع القيادة قائلاً: «لجأت إلى تلك المهنة، بسبب ظروف المعيشة وعدم إيجاد فرصة عمل مناسبة، بحثاً عن ورش ومحلات لكن تعامل ملاك الأماكن سيئ ومهين، وآخر ما غلبت فكرت أتعلم سواقة التوك توك لكى أستطيع أن أصرف على نفسي وأساعد والدى في تجهيز أختي الكبيرة ونسترها».

وتابع: «أنا كان نفسي أتعلم وأبقى حاجة كبيرة، لكن ده حكم الأيام عليا، كل واحد بيتولد بياخد من المكان اللي اتربى فيه وكبر، وأنا كبرت في بيت بنوفر فيه مصاريف الأكل والشرب بالعافية»..

محمد خفف العبء عن أخيه الأكبر


بعد إنهاء « محمد ناصر» امتحانات الصف السادس الابتدائي، قرر الاتجاه للعمل لتوفير مصاريفه الشخصية وتخفيف العبء عن أخيه الأكبر (36) عاماً والذي يتحمل مسؤولية المنزل بعد وفاة أبيه. 


في سن الـ 12 عاماً عمل «محمد» بإحدى ورش الحدادة ومع حصوله على أول راتب له، خيرته والدته بين العمل أو الاستمرار في الدراسة، ليقرر ترك المدرسة نهائياً، والبحث عن الأموال ليظل يعمل بورشة الحدادة أكثر من عامين. وفي (عام 2015) فكر «محمد» في البحث عن عمل آخر بعيداً عن المهن الشاقة، وكان اختياره لقيادة توك توك وهو لم يبلغ سن 14 عاماً. 


 يحكي محمد قائلاً: "أهلي خيروني بين الشغل والمدرسة، وأنا قررت اسيب المدرسة لأني محبتش التعليم ومفيهوش فلوس، ويتابع دلوقتى بشتغل على توك توك وربنا بيكرم اليوم إيراد اليوم الواحد ممكن يوصل لـ 200 جنيه، الناس بتستسهل تركب التوك توك عشان أسرع". 


وفقا للإحصائية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء شهر مارس عام 2018، يوجد 3 ملايين «توك توك» يعمل في مصر، منها 260 ألف مركبة مرخصة. 


وبحسب دراسة أعدتها شركة N Gage Consulting للاستشارات الاقتصادية الحكومية لعام 2015، يوجد 30 مليون مواطن يعتمدون على «التوك توك» كوسيلة مواصلات يومية، ويعتبر 6 ملايين مواطن توك توك مصدر دخل لهم بين ملاك وسائقين وفنيين ومستوردين وبائعين، ويوجد 3 ملايين فرصة عمل لسائقي «التوك التوك».


وبحسب الدراسة، 100 جنيه متوسط صافي الدخل اليومي لـ « التوك توك»، أي بمعدل 9 مليارات جنيه دخل شهري لإجمالي أصحاب « التكاتك»، و500 مليون جنيه إيراداً سنوياً للدولة من جمارك وضرائب.

 

رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين: الأرباح المالية سبب تركهم للتعليم


المحامي بالنقض ورئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين «أحمد مصيلحي»، يقول لـ«الأخبار المسائي»، إن السبب وراء تسريب الأطفال من تعليم وامتهان سواقة التوك توك لتحقيق أرباح مادية من وراء هذا العمل حيث لا يوجد تراخيص لتلك المركبات فيتم استسهال العمل عليها.

وأشار «مصيلحي» إلى نص المادة (80) من قانون الطفل التي تنص على حظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه إتمام سن التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر، وتم حساب سن التعليم الأساسي على أساس أن نص المادة 15 من قانون التعليم يحدد بدء سن التعليم لكل من بلغ السادسة من عمره وباضافة سنوات التعليم الأساسي طبقاً للمادة رقم 19 من الدستور 2014 والتي تنص على أن التعليم الأساسي حتى المرحلة الثانوية.

وأوضح أن العمل في قيادة «التوكتوك» بالأخص، ليس عملاً، وبه مخاطرة كبيرة، حيث لا يجوز أن يقود الأطفال دون سن 18 عاماً أي «مركبة»، فنصت المادة 50 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 على، لا يجوز منح الطفل ترخيص بقيادة أى مركبة آلية مع عدم الإخلال بحكم المادة (101) من هذا القانون، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 جنيهًا ولا تزيد على100 جنيه أو بأحدى هاتين العقوبتين كل طفل قاد مركبة آلية بغير ترخيص.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة