جانب من آثار مير
جانب من آثار مير


حكايات| «مير».. من هنا حكم الفراعنة مصر

محمود مالك

السبت، 05 ديسمبر 2020 - 08:12 م

تغيرت العاصمة التي حكمت مصر عبر الأزمنة، ومن محافظة أسيوط حكم الفراعنة الدولة بالكامل في عصر الدولة الفرعونية خلال الأسرة السادسة حتى نهاية الأسرة الثانية عشرة.. هنا الإقليم الرابع عشر، في قرية بسيطة تسمي "مير"، حيث بني حكام هذا الاقليم معابدهم ومقابرهم ولاتزال هذه المقابر شاهداً على التاريخ، وقد ذكر الأثريون عن هذه المقابر بأن نقوش جدرانها تتميز بمحاكاة مدهشة للطبيعة وتفاصيل بالغة الدقة لجميع الأعمال اليومية التي كان يقوم بها المصري القديم.

 سجل حافل على جدران خمسة عشر مقبرة لجميع الألعاب الرياضية التي كانت تمارس في ذلك الوقت والعديد من الصناعات الهامة التي كانت تنتشر في مصر الفرعونية وكذلك العديد من احتفالات الأعياد والطقوس الدينية والأثاث الجنائزي ومناظر الصيد والمسابقات الترفيهية، ولا زالت جدرانها تتزين بألون جميلة تعكس المهارة رائعة للفنان المصري القديم.  

هنا قرية "مير" غرب مركز القوصية، تبعد 65 كم شمال غرب أسيوط، تضم مجموعة من المقابر المنحوتة في جسم الجبل، وهي جبانة عاصمة الإقليم القديم لأمراء وحكام المقاطعة الرابعة عشرة، التى عُرفت قديماً في العصر الفرعوني منذ مايقرب من 3 الأف سنة قبل الميلاد باسم "كيس"، وعُرفت فيما بعد و في العصور الرومانية باسم "كوساى " و كان معبودها الإله حتحور، آثار مير، والتي سُميت حالياً بأسم القوصية في العصر الحالي نسبتاً إلى الإقليم الرابع عشر.

اكتشفها المهندس الإنجليزي مستر "بلاكمان" سنة 1919 كان له الفضل في الكشف الأثري والنشر العلمى لتلك المجموعة من المقابر بدعم من أحد أعيان منطقة غرب القوصية سيد باشا خشبة والذي قرر التنقيب بمساعدة مستر بلاكمان، منذ عام 1910 وكان هذا المكان عبارة منطقة أختلطت فيها الزراعة مع الجبال الصخرية في مشهد غريب يدمج الحياة مع الموت، فضلاً عن أن الاسم الذي يحمله المركز هو بالاساس فرعوني ويعكس اهتمام ملوك الدولة القديمة بأهمية الأماكن التي تتواجد بها مقابر ملوكها وامرائها.

لوحة فنان

منذ 2420 ق.م كانت هذه المنطقة تبدو لوحة مرسومة من فنان بارع عندما كان ضفة النيل تحدها من جهة الشرق أثناء الفيضان لتظهر صورة الجبل بارزة كمارداً شاهقاً يقف حاجزاً لمنع مياه النيل من الوصول إلى المقابر، حسبما رسمها الفنان المصري القديم على جداريات الجبل ليترك خلفية عن مظهر هذه المقابر قبل ثلاثة ألاف عام، وقام حكام إقليم القوصية وكبار الموظفين بها بنحت مقابرهم في التلال التي تحف بوادي النيل شرقاً وغرباً والتي تزين جدرانها بنقوش وصور رائعة، كما تضم نصوصاً تاريخية هامة وكان ذلك خلال عصري الدولة القديمة والوسطي أي بداية من الأسرة السادسة وحتي نهاية الأسرة الثانية عشر 1778 ق.م.

سبعة عشر مقبرة من عصرين

وقد اكتشف سبعة عشر مقبرة في جبل مقاطعة الأقليم الرابع عشر لحكام القوصية وموظفيها، منها خمسة عشر في مير، واثنان في قصير العمارنة علي الشاطئ الشرقي للنيل تجاه "نزالي جانوب" ويرجع تاريخ هاتين المقبرتين الأخيرتين وتسعة من مقابر مير إلي عصر الدولة القديمة "الأسرة السادسة " أما الستة الباقية فترجع إلي عصر الدولة الوسطي " الأسرة السادسة"، وقد قسمها المهندس الإنجليزي بلاكمان  الذي نظف هذه المقابر ووصفها في نطاق المسح الأثري لجمعية التنقيب المصرية إلي خمس مجموعات.

وتقع قرية مير في  أقصي منطقة الغرب من مركز القوصية عند حافة الصحراء الغربية،  والأرض الزراعية  أسفلها تماماً، واسمها في المصادر المصرية القديمة  mryt-wrt  بمعني "الجسر العظيم" وتحول الاسم إلي "موراي" في اليونانية والمرجح أن الكلمة الحديثة ترجع لأصل قبطي يعني الشاطئ أو الجرف أو الجسر وربما كان الاصل القبطي مشتق من الكلمة mryt  والتي تعني نفس المعاني السابقة ، وعرفت الجبانة في عصر الدولة القديمة باسم " وعرت – نبت ماعت " والتي تعني مقاطعة سيدة العدالة وذكرت في العصر المتأخر باسم "ايات – نهت" وتعني تل الجميزة، مقبرتي قصير العمارنة وهما على الجبل الشرقي.

قصير العمارنة

أما المقبرتين والتي وضعا في الجهة الشرقية من النيل من أجمل و أبرز المقابر الأثرية التي اكتشفت حديثاً، و تتميزان بصغر حجمهما إلا أن جميع جدرانها قد غطت تماما بمناظر طبيعيه للحياة اليومية، والطقوس الدينية، ومن أجمل المناظر التى صورت بالمقبرة تمثل الأمير خوان مراخ و هو يمارس رياضته و يباشر حاملى القرابين و النفحات ومن حوله زوجته وابناؤه.

اقرأ أيضاً| حكايات| قرية «تونس».. طبيعة خلابة وصناعة عالمية

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة