يوسف ندا - ابراهيم منير
يوسف ندا - ابراهيم منير


الإخوان.. في بئر الخيانة «٣-٤»

أبناء «المرشد» وإيران.. يد واحدة!

د. أسامة السعيد

الأحد، 06 ديسمبر 2020 - 08:45 م

لا فرق كبير بين مرشد الإخوان ومرشد الثورة الإيرانية، فكل المرشدين لا يقبل سوى بالسمع والطاعة المطلقين، وكلاهما مثل نموذجا لفكرة التوظيف السياسي للدين.. بل إن العلاقات الوطيدة بين جماعة الإخوان وبين نظام الملالي في إيران يكشف بكل وضوح حجم التأثير المتبادل بين الطرفين، وهو ما حافظت عليه جماعة الإخوان طوال العقود الماضية، الأمر الذي يكشف بما لايدع مجالا للشك حجم التآمر الإخواني والتحالف مع أية قوة غير عربية، والانسجام مع كل مشاريع الهيمنة على المنطقة!..

 

وجاء اللقاء التنسيقي الذي عقده إبراهيم منير المرشد الحالي للجماعة الإرهابية والأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة قبل ثلاث سنوات في العاصمة البريطانية لندن مع عدد من القيادات الشيعية البارزة المقربين من مرشد الثورة الإيرانية، ليسلط الأضواء من جديد على العلاقات بين «الإخوان» والنظام الإيراني، بل وبالعديد من المرجعيات الشيعية التي ارتبطت بعلاقات وثيقة مع جماعة الإخوان.

 

طالبوا بمبايعة الخمينى خليفة للمسلمين.. وخامنئى ترجم كتب سيد قطب للفارسية

 تقارير أمنية تكشف دور مكتب «المعزول» فى تسريب معلومات للحرس الثورى الإيرانى

زيارة سرية من الخميني للبنا وضعت أول بذور العلاقة بين الإخوان والملالي

وثائق استخباراتية تكشف استضافة تركيا لاجتماع بين قيادات الإرهابية وفيلق القدس

 

يعود تاريخ تلك العلاقة إلى السنوات الأولى لتأسيس الجماعة في مصر عام ١٩٢٨، حيث يتجاوز الارتباط الإخواني بالشيعة وبإيران حدود العلاقات السياسية، ويصل إلى الاعجاب الفكري والتنظيمي، بل وحتى العقائدي، فولاية الفقيه تتشابه في العديد من الجوانب مع مرجعية «المرشد» في فكر الإخوان، ويكفي أن تعبير «المرشد» نفسه الذي يعتبر أعلى منصب في الجماعة، مستوحى من الفكر الشيعي بالأساس، فمرشد الإخوان، يقابله في التنظيم السياسي لحكم الملالى منصب «المرشد الأعلى».

 

ويكشف المفكر ثروت الخرباوي، القيادي المنشق عن جماعة «الإخوان» فى كتابه «أئمة الشر» الكثير من كواليس تلك العلاقة المشبوهة، فيشير إلى أن علاقة الإخوان مع الشيعة ممتدة منذ عام ١٩٣٨وحتى الآن، وقد بدأت بزيارة ظلت سرية لسنوات طويلة، قام بها سيد روح الله مصطفى الموسوى الخمينى في ذلك العام أي بعد تأسيس الجماعة بعشر سنوات فقط، وهو الشخص الذى أصبح فيما بعد الإمام آية الله الخمينى مفجر الثورة الإيرانية، حيث عقد الخمينى لقاءً خاصا مع المرشد الأول للجماعة حسن البنا.

 

وفى خمسينيات القرن الماضى قام «مجتبى نواب صفوي» بزيارة القاهرة والالتقاء بقادة الإخوان حينذاك، وكان صفوى قد أسس فى عام ١٩٤١ تنظيماً شيعياً مسلحاً يدعى «فدائيان إسلام»، والذى أخذ على عاتقه تنفيذ العديد من الاغتيالات السياسية الكبرى فى إيران، وبخاصة لشخصيات سياسية وفكرية تنويرية بارزة كانت تتصدى للفكر الشيعى المتطرف.

 

كما قام على أكبر خامنئى المرشد الأعلى فى إيران بنفسه بترجمة كتابين لـ«سيد قطب» إلى اللغة الفارسية عام ١٩٧٩، وعندما تولى خامنئي، منصب مرشد الثورة الإيرانية أصبحت كتب وأفكار سيد قطب تدرس فى مدارس الإعداد العقائدى لـ «الحرس الثورى الايرانى».

 

مبايعة إخوانية للخمينى
وتجسد المساندة الإخوانية للثورة الإيرانية حجم العلاقات القوية مع إيران، فبعد وصول الخمينى للسلطة فى إيران بيوم واحد فقط، كانت من أوائل الطائرات التى وصلت مطار طهران طائرة خاصة تحمل وفداً يمثل قيادة التنظيم العالمى للإخوان، وتذكر بعض المصادر أن الوفد طرح على الخمينى مبايعته خليفة للمسلمين، خاصة أن الإخوان اعتبروا الثورة الإيرانية نصرا لرؤيتهم، وأول حكومة إسلامية منذ انهيار الخلافة العثمانية، واستمروا فى دعمها منذ اندلاعها وحتى الآن.

 

وتكشف المعلومات أن يوسف ندا، المفوض العام للعلاقات الخارجية فى جماعة الإخوان اتفق مع الخمينى على تنفيذ شركات الإخوان لمخطط تطوير المدن الإيرانية مقابل مليار دولار، حصلت عليها شركاته التي هي في الأساس شركات الجماعة.

 

وتعددت اللقاءات بين الإيرانيين وقيادات جماعة الإخوان تحت مسميات متعددة، كان أبرزها مسمى التقريب بين المذاهب، وعقدت اجتماعات ومؤتمرات تحت هذا المسمى فى طهران، ومدن أوروبية منها لندن وإسطنبول، وحضرها مقربون من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية وقيادات التنظيم الدولى للجماعة، ومنها مؤتمر عقد فى لندن خلال عام ٢٠٠٩، ومؤتمر فى عام ٢٠١٧ فى لندن أيضا، وقبلها كانت هناك اتصالات ومشاورات مستمرة بين الطرفين للتنسيق حول بعض القضايا.

 

ونتيجة للعلاقات الوطيدة بين النظام الإيراني، وبين الإخوان، فقد سمحت السلطات الإيرانية بتأسيس حزب سني، فى خطوة نادرة، وكان هذا الحزب هو جماعة الدعوة والإصلاح فى إيران والتى تمثل الإخوان فى إيران، والتى تأسست فى بداية انتصار الثورة فى ١٩٧٩، وارتبط هذا الحزب بعلاقات وطيدة مع السلطات الإيرانية حتى الآن، رغم كل تجاوزاتها وممارساتها ضد السنة الإيرانيين، إلا أن هذه الجماعة وحزبها يحظيان برعاية ومعاملة مختلفة!.

 

غرام متبادل
حالة الغرام والاعجاب المتبادل بين الإخوان وإيران استمرت طيلة العقود الماضية، ولم تقتصر على الجوانب التاريخية، فقد عبر مرشدوا الجماعة الإرهابية فى أكثر من مناسبة عن دعمهم المطلق لإيران وأذرعها فى المنطقة، ففى عام ٢٠٠٨ أعلن مهدى عاكف المرشد الأسبق للجماعة الإرهابية، تأييده للمد الشيعي في المنطقة، قائلا: «أرى أنه لا مانع فى ذلك، فعندنا ٥٦ دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي سنية، فلماذا التخوف من إيران وهي الدولة الوحيدة في العالم الشيعية».


وفي معرض تعليقه على كشف السلطات الأمنية لما عرف بـ «خلية حزب الله» فى ذلك الوقت قال عاكف: «من حق مصر أن تشكر حزب الله، لا أن تحقق معه» وأضاف أن «من حق إيران أن تفعل أى شيء»!، وأعلن أن جماعة الإخوان «على استعداد لإرسال ١٠ آلاف مقاتل للحرب بجوار حزب الله»!!.

 

وفي عام ٢٠١١ زار وفد إخوانى يقوده كمال الهلباوي، المتحدث السابق باسم التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وأدلى وقتها بتصريحات أثارت العديد من ردود الفعل على الساحة المصرية، حيث سرد إنجازات حكومة الملالي، واصفا الخمينى بأنه الأستاذ الذى يتعلم منه طلابه، وأنهم «أي جماعة الإخوان» تعلمت منه كما تعلموا من مؤسس جماعتهم.

 

ووصف الهلباوي خامنئى بـ «القائد الصابر»، متمنيا أن تكون إيران نموذجا يحتذى به فى كل شيء، فى العدل وفى جمع السنة والشيعة، وفى حقوق الإنسان.

 

الدعم الإخوانى لإيران لم يكن من طرف واحد، فقد حرص المسئولون الإيرانيون على دعم حكم «الإخوان» عقب ثورة ٢٥ يناير، وقبل أسبوع من سقوط مبارك، ألقى المرشد الإيرانى علي خامنئي خطبة يوم ٤ فبراير ٢٠١١ شبه فيه ما يجرى فى مصر بالثورة الإيرانية ضد شاه إيران، وعندما تم إعلان فوز محمد مرسى بانتخابات الرئاسة كانت إيران من أوائل المسارعين بتهنئة الجماعة، وزار «المعزول» مرسي إيران، ومن هناك دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لزيارة مصر، ولبى الأخير الدعوة، وكان نجاد بالفعل من اوائل الرؤساء الأجانب الذين بادروا بزيارة مصر لدعم حكم الإخوان، وزار الرئيس الإيراني خلال تلك الزيارة الأزهر الشريف، وأشار بعلامة النصر، فى علامة لها الكثير من الدلائل والمعاني.

 

وفي سنة حكم الإخوان تم توقيع اتفاقية السياحة بين مصر وإيران، والتى بموجبها كان سيتم استضافة آلاف الإيرانيين فى رحلات حج شيعية إلى مساجد وقبور آل البيت فى مصر، إلا أن الاتفاقية لم تنفذ بسبب ما أثارته من أزمات مع جموع السلفيين. وقد طلب الرئيس المعزول من الحكومة دخول 200 ألف سائح إيراني إلى مصر لتنشيط السياحة، ورفضت الأجهزة الأمنية المصرية ذلك خوفا من وقوع اضطرابات أمنية.

 

كما كشف العديد من المسئولين الإيرانيين عن الصلات الوثيقة التى تجمعهم بالإخوان، ومنهم على أكبر ولايتي، وزير الخارجية الإيراني الأسبق والمستشار الأعلى للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية الذي أكد في ندوة عن «الحوزة الدينية والصحوة الإسلامية» عقدت فى مدينة مشهد الإيرانية عام ٢٠١٣ «أنّ الإخوان المسلمين هم الأقرب إلى طهران بين كافة المجموعات الإسلامية».

 

وهناك تصريح مشهور لنائب وزير الخارجية الإيراني للشئون العربية، حسين أمير عبد اللهيان، أكد فيه أن طهران «تشعر بالارتياح لوصول الإخوان إلى أماكن متقدمة فى قيادة بعض الدول العربية، بعد اكتساحهم نتائج الانتخابات البرلمانية، كما حدث فى مصر وتونس والمغرب».

 

حرس ثورى إخواني!!
وخلال فترة تولي الجماعة الإرهابية للحكم في مصر تجاوزت العلاقة بين الإخوان والإيرانيين حدود العلاقات السياسية والتجارية، فمن بين ما تم كشفه عقب الإطاحة بحكم الإخوان وأعلنه المستشار عزت خميس، رئيس لجنة إدارة أموال الإخوان فى ٢٤ يناير ٢٠١٦ أن إيران وبموافقة الجماعة حاولت التقارب مع مصر خلال عهد الإخوان عن طريق ضخ نحو 10 مليارات دولار كوديعة، وإمداد حكومة مرسى بالمواد البترولية، لكن من أخطر ما أعلنه رئيس لجنة إدارة أموال الإخوان أنه تم العثور على مستندات بمقر الجماعة فى المقطم تفيد بإنشاء جهاز أمنى إخوانى تابع لرئاسة الجمهورية وبمساعدة إيرانية..

هذه الحقيقة الخطيرة تكشف عن عمق العلاقة بين الإخوان والنظام الإيراني، بما يهدد المصالح الوطنية المصرية، فما يهم الجماعة هو مصلحتها فقط حتى لو كان ذلك على حساب الأمن القومى المصرى والمصالح الوطنية الاستراتيجية، فقد سعت الجماعة -وبحسب العديد من الحقائق التى كشفتها المحاكمات التى تمت للعديد من قيادات جماعة الإخوان أم مكتب الإرشاد - بكل قوة لبناء حرس ثورى إخوانى على غرار الحرس الثورى الإيراني، بحيث يكون هذا الحرس تابعا فقط لسلطة الرئيس الاخواني، وتتجاوز سلطاته وصلاحياته جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للدولة، وهو ما يمثل خرقا خطيرا للمصالح الوطنية أمنيا وعسكريا.

 

وقد رصدت الأجهزة الأمنية بالفعل عدة لقاءات بين عناصر وقادة الإخوان وقيادات إيرانية وقيادات من الحرس الثوري، وكشفت تقارير أمنية قُدمت للنيابة التى تولت التحقيقات فى قضية التخابر مع حماس التى اتهم فيها قيادات الإخوان والمعزول محمد مرسي، أنه تم رصد تواصل عناصر من جماعة الإخوان مع الحرس الثورى الإيرانى وحزب الله، كما تم رصد والتأكد من أن طاقما كبيرا فى مكتب الرئيس المعزول قام بتسريب العديد من المعلومات للحرس الثورى وبعلم ومباركة مرسي.

 

ورصدت الأجهزة الأمنية وفق تقاريرها سفر القيادى بجماعة الإخوان، خالد عبدالمعطي، لبيروت بناء على تكليف من عناصر حزب الله، والتقائه هناك بعناصر إيرانية..وقد دخل الأمر بالفعل حيز التنفيذ بعد زيارة عناصر من الحرس الثورى الإيرانى مصر خلال فترة حكم المعزول محمد مرسي، لتدريب عناصر من الإخوان على إنشاء الحرس الثوري، كان معظمهم من عناصر الجماعة ومن شباب الإسلاميين.. وبعد قيام ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ فى مصر سمحت السلطات الإيرانية لأنصار تلك الجماعة من الإخوان الإيرانيين بتنظيم مسيرات فى أحد أشهر ميادين طهران، رافعين شعار رابعة، ومندّدين بثورة المصريين ضد حكم المرشد.

 

 

تآمر إقليمي
ولم يكن التآمر الاخواني الإيراني مقصورا فقط على الساحة المصرية، بل إن الجماعة الإرهابية قدمت نفسها للإيرانيين كأداة مفيدة فى مشروعهم للهيمنة على المنطقة، والتآمر على أطراف عربية وإسلامية أخرى هى المملكة العربية السعودية، فقد كشفت تسريبات لوثائق إيرانية استخباراتية، نشرها موقع «The Intercept» الأمريكى معلومات عن استضافة تركيا لاجتماع بين قيادات فى الحرس الثورى الإيراني، وتحديدا قيادات فيلق القدس، وبين جماعة الإخوان للعمل ضد السعودية فى اليمن فى العام ٢٠١٤.


وأوضحت التسريبات أن وفد تنظيم الإخوان ضم 3 من أبرز قيادييه المصريين فى المنفى، وهم إبراهيم منير ومحمود الإبيارى ويوسف ندا، ولم تستطع القيادات الإخوانية إنكار هذا الاجتماع، بل اكتفت بأنها ترحب دائما بعقد أية اجتماعات مع المسئولين الإيرانيين!!.وأوضحت الوثائق المسربة أن ممثل الإخوان طالب الحرس الثورى الإيرانى بالعمل ضد المملكة باليمن من خلال توحيد صفوفهما، فى ظل «تشاركهما فى كراهية السعودية».. وتضمنت الوثائق الإيرانية المسربة الإشارة إلى رغبة تنظيم الإخوان والمسئولين الإيرانيين للحفاظ على الاتصال، وتحديد ما إذا كان لا يزال بإمكانهم العمل معا، بعدما تم إقالة محمد مرسى من السلطة.. وتكشف تلك الوثائق الدامغة حجم السقوط الذى باتت تعيشه جماعة «اخوان»، وعمالتها مع أى مشروع أو قوة غير عربية.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة