عبلة الروينى
عبلة الروينى


نهار

الصورة الخطرة!

عبلة الرويني

الإثنين، 07 ديسمبر 2020 - 07:56 م

حين سألته عن قصيدته (محمد الدرة) كيف استبعد منها طلقات الرصاص، ومشهد القتل والاغتيال، وكل أدوات الجريمة؟..
... حدثنى محمود درويش عن تأثير الصورة التليفزيونية على بنية القصيدة.... "الكاميرا حملت أعباء كثيرة عن القصيدة والشاعر.. فلم أكن بحاجة لوصف المشهد.. وأتساءل لو كانت هناك c.n.n فى عصر هوميروس، هل كان يكتب (الإلياذة)؟.... المؤكد أنه سيكتب (الأوديسا) لأنها رحلة داخلية.. أما حرب طروادة والمعركة كلها فربما لا...... فى حرب الخليج، استطاعت نشرات الأخبار أن تحول الحرب إلى ألعاب نارية.. قنابل برتقالية على خلفية دخانية سوداء... ولأننا لا نرى الموت.. فإن ما يبقى فى الصورة، جماليات خطرة جدا تقتل الضمير، وتخدر الإحساس بالغضب"!!...
إشارة درويش قبل عشرين عاما، لخطورة الصورة، وخطورة تأثيرها على الوعى والضمير، أدت فى كثير من الأحيان إلى تذويب الحدود بين التجارة والفن والسياسة والثقافة والعنف والترفيه... يوما بعد يوم تزداد خطورة الصورة، ويزداد توظيفها لإعادة صياغة الحقائق بحسب إيديولوجية ورؤى صانعيها... ومشهد (تعذيب الثعالب) فى حلقة (صيد الحيوانات البرية) على قناة النهار، ليس آخر أشكال توظيف الصورة بشكل تجارى وعنيف.... صورة طفل الليمون (بائع الليمون المتجول) الذى تعفف عن قبول مساعدة المذيع... ثم تحول من فرط ضغط الصورة واستغلالها، إلى صورة جارحة، توظف الفقر فى مشهد تجارى مبتذل!!.. تماما كصور الأطفال المرضى فى إعلانات التبرع للمستشفيات، دون أدنى مشاعر إنسانية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة