ارتفاع نسب الانتحار «تعبيرية»
ارتفاع نسب الانتحار «تعبيرية»


الدول العربية على خط الانتحار.. مؤشر قتل النفس يتجه للأعلى

ميادة عمر

الأربعاء، 09 ديسمبر 2020 - 03:30 م


◄ المنتحر.. برئ قانونا .. مُدان شرعًا
◄ «الوعي والإيمان» طوق النجاة من الانتحار 
◄ إحصائيات: 8% مصابون باضطرابات نفسية.. و60 % مقبلون علي الانتحار


خبر صغير يمر على القارئ عن انتحار شاب أو فتاة، يتابع سطوره بحزن، ثم يتركه وينسى، بينما هناك أسرة تحطمت، وعاشت تفاصيل لم تدرك خطرها إلا بعد وقوع «الفاس في الراس»، ليدخلوا في كابوس باقي حياتهم بانتحار أحد أفراد الأسرة.


أسباب وقوع الانتحار، الذي بات ظاهرة دون شك، كثيرة ومتداخلة، إذ تشير التقارير والدراسات إلى أن ظاهرة في تزايد مستمر، وبدأت تظهر في كل المجتمعات حتى المجتمعات العربية التي كانت لا تعاني من هذه الظاهرة، ولكنها من الظواهِر التي تحاوِل الحكومات إيجاد الحلول لمنعها، والانتحار هو إقدام الشخص على إيذاء نفسه للقضاء على حياته، ويكون السبب إما اضطرابات نفسية يعاني منها الشخص أو حالة نفسية إصابته بسبب شيء ما يجعله يقدم على ذلك.


وفي إحصائية رسمية أشارت إلى نسبة المرضى النفسيين في مصر تصل أعدادهم إلى أكثر من 8 ملايين مصري ومصرية مصابون باضطرابات نفسية ما قد تدفعهم لارتكاب جرائم بسبب الضغوط الحياتية والظروف الاجتماعية والسياسية، حيث وصلت إلى 14% بين البالغين، لافتة إلى أن 60% من المصابين بالأمراض النفسية مقبلون على الانتحار.


وانتشرت أيضا في الآونة الأخيرة العاب إلكترونية في ثوبها الرقمي الجديد تحث علي الانتحار مثل الحوت الأزرق وغيرها وأيضا ظهر مؤخرا حالات انتحار لايف علي مواقع السوشيال ميديا .

بوابة أخبار اليوم رصدت في هذا التحقيق بعضا من القصص المأساوية وتحدثت الي الخبراء والمتخصصين لمعرفة أبعاد هذه الظاهرة وكيفية القضاء عليها .

البداية من قصة "ف.خ" والتي تعمل حارسه عقار ولديها الكثير من الأبناء في مراحل مختلفة من التعليم ،ووالدهم متوفي  فهي بمثابة الأم والأب لهم ،أرادت أن تصمد أمام الظروف المجتمعية والاقتصادية التي تواجهها لكي ترعي أولادها وان تجعلهم أفضل الأشخاص في المجتمع ،ظلت تواجه بمفردها وفجأة شعرت أنها مجرد جبلا وانهدم لا تقدر علي تلبية مطالبهم.

فقام الشيطان بلعبته الخبيثة وجعلها أن تفكر في التخلص من حياتها بمجرد أن تقطع شرايين يدها وان ترمي العبء من علي أكتافها ،فكرت كثيرا وأنها لن تفعل شئ تغضب الله به ،وانها لن تترك أبناءها لأحد آخر لكن في بعض اللحظات قل إيمانها واستحوذ عليها الشيطان وقامت بقطع شراينها،ولكن أراد الله أن يعطي لها فرصة آخري لتبني العمار بينهما وان تبقي في الدنيا لكي تحافظ علي أولادها الذين لا يملكون غيرها .


ومن جانبها تحكي والدة منار أنها دائما كانت منشغله هي وزوجها عن ابنتهم فكانوا دائما يسافرون لقضاء عملهم ويتركونها بمفردها باستمرار وفي يوم طلبت  منار من والديها بأن لا يسافروا مرة آخري وأنها بأمس الحاجة لهم وأنها تعاني من فقدانها لهم ،لن تبالي لها والدتها واستمرت بأعمالها وبسفرها وبعد عدة شهور ظهرت علي ابنتها شحوب علي وجهها وأعراض هزلان علي جسدها وأنها فقدت وزنها فقاموا بعرضها علي الطبيب وكشف أمرها أن تتعاطي المخدرات وعند علمهم بهذا قاموا بضربها وتعنيفها وبدأوا بعلاجها ولكنهم تأخروا كثيرا  ،فقامت منار بخنق نفسها ولن يلحقوا بها .

وفى واقعة أخري يحكي "م.ع"  أنه كان لديه أخ ولكنهم كانوا من عائلة فقيرة لن يكفي دخل والدهم تلبية مطالبهم ،فكان أخيه دائما يخجل من حالنا وكان يكذب باستمرار علي زملائه أنه من عائلة ميسورة ولكن في إحدي الايام عرفوا زملائه كذبته وظلوا يعايرونه علي خجله من عائلته وأنه ليس رجل علي فعلته ولذلك قام بحبس نفسه ل ٣ شهور في المنزل و لن يتكلم مع أحد وقليلا ما يتناول الطعام والشراب بدأ جسمه يضعف كثيرا ،فقام والدهم بإقتراض أموال من الأخرين لكي يشتري له ما يريده وان يعطيه المال بيده ليفعل ما يريد لكي  يخرجه من الحاله  التي سيطرت عليه ولكن الابن لن يستجيب لوالده ،فكان كثير البكاء ،وفي ذات  يوم دخل الاب علي الابن غرفته لكي يطمئن عليه وجده غارقا في دمه قاطعا شرايين يده فاقدا لحياته .

قلة الإيمان

تقول الدكتورة هالة منصور استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس  أن هناك نوعان من  الانتحار اولهما مصحوب بحالة مرضية وقد يكون سببه الإكتتاب المزمن الذي يجعل الشخص يقدم علي هذه الخطوة، اما الحالة الثانية وجود ضغوط وظروف حياتية معقدة لدي الشخص ويشعر ان اللجوء الي الانتحار أسهل طريقة للتخلص من هذه القيود.

وأضافت أن دور الدولة في هذه الظاهرة  أن تعمل علي دعم و رفع معنويات كلا من يعمل بها ومساندته ماديا واجتماعيا ،ولابد من رفع حالة الايمان والوعي الديني لانه يكون السبب الرئيسي لهذه الظاهرة المتفشية ،وان الشخص من الضروري أن يثق بنفسه ويتحداها لفعل الأفضل دائما .


الخوف المرضي

ومن جانبها تحدثت الدكتورة دينا ناعوم استشاري الطب النفسي موضحة أعراض للأنتحار منها الإكتتاب الشديد ولابد من معالجتها بأسرع وقت وغير مسموح التهاون بها لأنها تشكل خطراً علي المريض وعلي من حوله وفي هذه الحالة يتم حجز المريض بالمستشفي إجباريا رغما عن إرادته، ويتم التعامل مع الأشخاص الذي يعانون من اكتئاب حاد بالإجبار علي معالجته ولابد من تلقي العلاج لانه إذا تأخر في علاجه قد يضطر معه علاج بالجلسات الكهربائية ،وتنصح ناعوم الأهالي بمراقبة أبنائهم باستمرار وملاحظة أي أعراض تظهر عليهم كالوحدة والبعد عن الآخرين أو الأكل الكثير أوفقدان الشهية وعدم الذهاب للمدرسة وان المستوي التعليمي له انخفض ومن الممكن أن يبدأ بالعنف معهم ،فإذا اجتمعت هذه الأعراض سويا فقد يؤدي هذا لإكتئاب حاد يؤدي للانتحار .

الاكتئاب الشديد

من جانبها قالت الدكتورة ماريان عازر عضو مجلس النواب، ورئيسة لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان الدولي للتسامح، أن الأهم في ظاهرة الانتحار هو البحث عن اسبابه والعمل علي التخلص منها أو الحد منها بقدر الإمكان بالأخص أن معظم المنتحرين يكونون من الفئة الشبابية ،والشباب هما المستقبل الواعد .


وأوضحت "عازر" أن الأسباب قد تكون مرض عقلي ويتخذ معظم الناس قرارً بمحاولة الانتحار قبل وقت قصير من القيام بذلك باندفاع بدلاً من التخطيط له على نطاق واسع،في حين أن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على قرار الشخص بالانتحار ، إلا أن أكثرها شيوعًا هو الاكتئاب الشديد.

واكدت عازر ان الدولة ممثلة في البرلمان و الحكومة وضعت سياسات لمنع و الحد من هذه الظاهرة وخاصة أن القيادة السياسية تهتم بالشباب وتحثهم علي تحمل المسؤلية وتولي مناصب قيادية ،  وتقترح تعيين وزير للوقاية من الانتحار في وزارة الصحة او الرعاية الاجتماعية او مسئول عن قيادة "جهد وطني للوقاية من الانتحار" وتتناول الورقة فى كل مجال من مجالات السياسة التي تتطرق لخطط الوقاية من الانتحار بشكل فردي مثل الخدمات الصحية مع تفاصيل تدابير الوقاية من الانتحار ودعم الصحة العقلية كما يغطي الخطط المحلية لمنع الانتحار .

والتعليم و تحديد تدابير الوقاية من الانتحار التي تتخذها المؤسسات التعليمية ، بما في ذلك المدارس وخدمات الصحة العقلية التي تقدمها ، وكذلك مؤسسات التعليم العالي والتعليم الإضافي التي لديها واجب قانوني بموجب قانون المساواة لعام ٢٠١٠ لدعم طلابها ، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من مرض عقلي 'والتوظيف وتحديد السياسات المصممة لإبقاء الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية في العمل ، بما في ذلك تنفيذ استراتيجية حكومية لدعم الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية في مكان العمل تسمى "تحسين الحياة " ، بالإضافة إلى استشارة حديثة حول المقترحات للحد من مرض فقدان الوظيفة المرتبط بالصحة .


وأيضا الضمان الاجتماعي و تحديد الدعم للمطالبين بالمزايا الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية ،ووزارة النقل توضح بالتفصيل إجراءات منع الانتحار علي السكك الحديديه والطرق ،وان الإعلام له دور كبير في  حالات الانتحار، وكذلك دور الإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي .

وتنهي عازر حديثها علي اهمية وجود هذه السياسات و دور الاسرة و المجتمع و المؤسسات الدينية و التربية و التعليم في الاهتمام بالمواطن و رفع درجة الوعي عنده و الالتفات الي مشاكله و حالته النفسية اولا باول.  و الجدير بالذكر ان بعض الشركات خاصة المعنية بمواقع التواصل الاجتماعي كانت تحاول رصد بعض ما ينشره رواد المواقع من جمل تدل علي الإحباط و اليأس، و هي مؤشرات للرغبة في الانتحار في بعض الوقت و تقوم بعمل نوع من التوعية.


تجريم  الانتحار
ومن جانبها أوضح الخبير القانوني  شعبان سعيد ان الإنتحار غير مجرم في القانون المصري وانما قد يكون مجرما في قوانين الدول الأخري ،ولكن المشرع رأي أن الإنسان الذي يقدم علي الانتحار هو شخص بائس وحياته ليست غالية عليه فبالتالي أي عقوبة لا تؤثر فيه  ،ولذلك يقول المشرعين أن حق الحياة حق خاص به وأنه لديه الحق في التفريط بها أو الحفاظ عليها ولكن الشرع والدين يحرم الانتحار.

أزمات وظروف
أوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الانتحار جريمة محرمة ومجرمة في التشريع الإسلامي وأنه تفريط في أمانة الحياة التي وهبها الله تعالي للإنسان حيث قال إن السمع والبصر والفؤاد كان عنه مسؤلا ،والواجب علي الإنسان مهما كان الأزمات والظروف والأحوال لابد من التحلي بالصبر .


وأوضح أن الإنسان الصابر الراضي بما كتبه الله له يعجل الله له الفرج وان هناك معالجات ومداوات حكيمة في المستقبل بشأن جريمة الانتحار وتداعياتها السلبية علي الأمن العام للمجتمع ،ولابد من وجود مكون تعليمي في المؤسسات التعليمية واشتراك الأجهزة الإعلامية في بيان خطورة هذه الجريمة المطروحة ،وان بفضل الله هذه الظاهرة توجد بنسب قليله في الدول الإسلامية علي خلاف الدول الغربية ،وتتضافر الجهود للتصدي لهذه الجريمة ولكن لابد أن الجميع يعرف أن المنتحر هو مسلم فاسق عاصي وليس بكافر ولذلك يغسل ويكفن ويصلي عليه صلاة الجنازة ويدفن في مقابر المسلمين.

اقرأ ايضا: أموات على قيد الحياة بـ«شهادة حكومية».. قصص من التلاعب في شهادات الوفاة  

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة