إيهاب فتحي
إيهاب فتحي


الدبابة الأمريكية لا ترى الجماعة 

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 09 ديسمبر 2020 - 05:24 م

بقلم: إيهاب فتحي

منذ أيام تقدم السناتور تيد كروز عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى بمشروع قانون للكونجرس من أجل تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية ويطالب مشروع كروز وزارة الخارجية الأمريكية باستخدام سلطتها القانونية لاعتبار الإخوان منظمة إرهابية أجنبية حسب الإجراءات الأمريكية, فعلى  وزارة الخارجية تقديم تقرير للكونجرس حول ما إذا كانت جماعة الإخوان تفي بالمعايير القانونية للتصنيف من عدمه. 

لم تكن تلك المرة الأولى التى يتقدم بها أحد أعضاء الكونجرس بطلب تصنيف جماعة الإخوان الفاشية كجماعة إرهابية خلال السنوات القليلة الماضية بل إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أعلن أنه سيطالب الكونجرس بتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض, وصل ترامب للبيت الأبيض وبقيت أيام ليخرج منه ولم يفعل شيئًا مثله مثل أعضاء الكونجرس. 

يبدو أن عدم الفعل الأمريكى راجع إلى أن وزارتى الخارجية والعدل الأمريكيتين و17 وكالة استخبارية أمريكية عجزوا عن جمع معلومات عن أنشطة الإخوان فى الشرق الأوسط والعالم ولا يستطيعون مد أعضاء الكونجرس والرئيس بالتقرير المنتظر الذى يجيب عن السؤال الحائر والساذج فى الأوساط السياسية الأمريكية هل الإخوان إرهابيون أم لا؟ 

بالتأكيد عجز الوزارتين وال 17 وكالة استخبارية فى الإجابة عن السؤال الحائر والساذج غير منطقى بالمرة فأجهزة الاستخبارات الأمريكية التى تراقب العالم بالتكنولوجيا المتقدمة والعناصر البشرية تعلم جيدًا حقيقة جماعة الإخوان الإرهابية ودبلوماسي الخارجية الأمريكية المنتشرين فى كل الدول والذين يدسون أنوفهم فيما يعنيهم ولايعنيهم عندهم أيضًا حقيقة وقائع إرهاب الجماعة الفاشية. 

يقودنا هذا الفرض غير المنطقى عن عجز الإدارة الأمريكية بوزاراتها ووكالاتها الاستخبارية إلى البحث عن  أمر آخر وراء تقديم مشروعات هذه القوانين للكونجرس أو تلويح ترامب بتصنيف الإخوان كإرهابيين و الذى يعلم الجميع أنهم إرهابيين، فالجميع فى واشنطن يعلمون حقيقة العصابة الإخوانية وإجرامها ولا يحتاجون إلى أى معلومات لإثبات إرهاب الجماعة لكن هذه المشروعات والتلويحات ماهى إلا أوراق ضغط تخدم أهدافًا سياسية أمريكية داخلية بين الأطراف المتصارعة فى واشنطن من أجل تحقيق مكاسب معينة. 

يعلم الداخل الأمريكى جيدًا أن جماعة الإخوان الفاشية تستخدم سياسيًا من قبل تيار العولمة الذى كان يقوده الرئيس السابق باراك أوباما ووزيرته هيلارى كلينتون وحاليًا يقوده الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس المنتمين للحزب الديمقراطى. 

عندما يتم التلويح بهذه المشروعات التى لن تتم فيجب أن نعلم أن الطرف الجمهورى يضغط  على خصومه الديمقراطيين للدخول فى تفاوض حول صفقة ما لأن الجميع جمهوريين وديمقراطيين يعلمون إجرام العصابة الإخوانية ولولا تفانى العصابة فى تنفيذ المخططات الإجرامية ما تعاونوا معها.

بعد أن يجلس الطرفان المتنافسان على طاولة المفاوضات ويصلان إلى حلول ترضيهما،تختفى مشاريع القوانين والتلويحات التى تريد تصنيف الجماعة الإرهابية كإرهابية ، وهناك سبب آخر يدفع هذه المشروعات للظهور فى أروقة الكونجرس يعود إلى حسابات المجتمع المخابراتى الأمريكى الذى يدفع أحدهم لتقديم مثل هذه المشروعات الوهمية من أجل تنبيه الخادم الإخوانى بأنه فى أى لحظة قد يطرد من جنة الخدمة الأمريكية أو فى بعض الأحيان يتصور الخادم الإخوانى أنه يستطيع  تحقيق مصالح من وراء سيده فيخرج السيد الأمريكى " كرباج" المشروعات الوهمية فتعود الجماعة الإرهابية إلى عملها صاغرة فى تنفيذ المخططات الشريرة خائفة من غضب واشنطن وأجهزتها الاستخباراتية. 

هذا حال واشنطن مع جماعتها الإرهابية المدللة التى تنفذ لها بخنجر الإرهاب ماتعجزعن تنفيذه السياسات الطبيعة والمباشرة، لكن هل الدولة الأمريكية تتعامل مع فكرة إرهاب الجماعات المتمسحة بالدين بشكل عام بهذه الطريقة ؟ يقول التاريخ الأمريكى أمرًا آخر فعندما يظهر هذا الإرهاب المتمسح بالدين على الأرض الأمريكية لا تنتظر الدولة فى الولايات المتحدة أى تصنيف أو إجراءات وتنزع عن وجهها قناع الديمقراطية وتلجأ فورًا إلى الدبابة لتسحق هذه الجماعات وإرهابها فوق الأرض الأمريكية .

فى عام 1981 وصل إلى الولايات المتحدة وتحديدًا إلى ولاية أريجون ما يسمى برجل دين قادم من الهند اسمه باجوان راجنيش " أوشو "ليبدأ فى نشر أفكاره الغريبة مدعيًا أنها تؤدى إلى سعادة الإنسان ، أصبح لباجوان آلاف الأتباع من الأمريكين الذين صدقوا مايقوله ولم يكتف باجوان بالأتباع بل اشترى مزرعة مهولة ليحولها إلى مدينة كاملة تدار بالكامل من قبل أتباعه بل واستولوا على مدينة أخرى صغيرة اسمها "أنتيلوب" بجوار مزرعته عن طريق الدخول إلى مجلس المدينة لأن أتباعه يمتلكون حق التصويت ويزيد عددهم عن عدد سكان المدينة. 

حتى هذه اللحظة ظلت الإدارة الأمريكية تراقب مايحدث بواقع أنهم مجموعة من المهوسيين وسينتهى الأمر لكن باجوان وأتباعه لم يكتفوا بما حققوه فقرروا الاستيلاء على مجلس المقاطعة بنفس الطريقة , هنا اختفى الوجه المبتسم للديمقراطية وبدأت الدبابة تستعد، صدر قرار من حكومة الولاية بمنع أتباع باجوان من التصويت وبدأت تحقيقات أجهزة الأمن الأمريكية حول هذا الباجوان وجماعته لتكتشف أن أتباعه يحملون أسلحة وخططوا لتسميم سكان الولاية بيلوجيا بوضع بكتيريا فى مصادر المياه وأن هناك حالات تسمم غامضة تعرض لها بعض سكان الولاية بعد تناولهم وجبات فى عدد من سلاسل المطاعم، تم إخبار الرئيس الأمريكى وقتها رونالد ريجان بتطور الموقف حيث اعتبرت الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة تتعرض لهجوم بأسلحة بيلوجية من قبل جماعة إرهابية على أرضها.

قبل أن تكتمل التحقيقات أو يتم التأكد بأن هؤلاء الناس مسئولين بالفعل عن حالات التسمم انطلقت قوات الحرس الوطنى الأمريكى بمعداتها العسكرية ومدرعاتها والمباحث الفيدرالية وعشرات من الوكالات الأخرى ليقتحموا هذه المدينة ويتم تسويتها بالأرض ويلقون القبض على باجوان ومساعديه فيدخل المساعدون السجن ويفرقون أتباعه ويمنعون وجود هذه الجماعة.

يتم ترحيل باجوان إلى الهند التى جاء منها وبعد فترة قليلة يموت باجوان فى ظروف غامضة ويصر أتباعه المتبقون على  أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية اغتالته مسمومًا ليدفع ثمن ما فعله على الأراضى الأمريكية ويكون عبرة لكل مدعى يحاول الدخول إلى الولايات المتحدة ونشر هذه الأفكار المتمسحة بالدين. 

فى هذه المرة لم تكن الجماعة المتمسحة بالدين يرأسها رجل قادم من الهند بل هو أمريكى تمامًا أطلق على نفسه اسم ديفيد كورش ليشكل جماعة دينية باسم الداوديين فى مدينة واكو بولاية تكساس وسكن هو وأتباعه مزرعة بهذه المدينة يمارسون فيها طقوسهم وكان بالمزرعة مئات من الأطفال والسيدات غير الرجال. 

وصلت معلومات إلى المباحث الفيدرالية أن كورش اشترى أسلحة ويضعها فى مزرعته ، على الفور ذهبوا إليه لكنه أطلق النار من مسدس على الفيدراليين الذين جاءوا للتحقيق لم يتحرك هنا الحرس الوطنى بل الجيش الأمريكى بنفسه وبعشرات من الدبابات التى حاصرت المزرعة فى عام 1993لتجبر كورش وأتباعه على الاستسلام، اتصلت القوة العسكرية المحاصرة لكورش وأتباعه بالبيت الأبيض ورئيسه وقتها بيل كلينتون مبتكر فكرة العولمة والتى راعتها من بعده زوجته هيلارى و تلميذهما باراك أوباما.

 أعطى كلينتون الإذن باقتحام المزرعة بالدبابات وهنا لن تجد فرقًا بين ريجان المنتمي للحزب الجمهورى وكلينتون المنتمي للحزب الديمقراطى عندما تهدد هيبة الدولة فى الولايات المتحدة من قبل جماعات متمسحة بالدين ورأت الإدارة الأمريكية أنها تمارس الإرهاب. 
قصفت الدبابات الأمريكية المزرعة وألقت الطائرات قنابل غاز على كل من فى المكان لتحترق المزرعة بالكامل وتكون نتيجة هذه المجزرة مقتل 82 من الداوديين وزعيمهم كورش وكان من بين القتلى 12 طفلا دون  سن الخامسة. 

أغلقت إدارة كلينتون التحقيقات فى هذه القضية واعتبرت أن الأمر منتهيًا وجاءت الجرافات ومعدات الرصف لتزيل كل أثر للمزرعة وللمجزرة .  

الغريب أن المنظمات الأمريكية المسماة بالحقوقية التى تتدخل فى أى شأن خارج الولايات المتحدة لزمت الصمت ولم يفتح نشطائها أفواههم وهم يرون الدبابات تدهس الأطفال والنساء.

سيمر مشروع تيد كروز حول الجماعة الإخوانية الفاشية كما مر غيره ويظل سؤال واشنطن الساذج السخيف المعروف إجابته للجميع  يتردد حول إرهاب الإخوان. 

لن تقترب القوانين الأمريكية من الجماعة الفاشية  مادام عملاء الجماعة ينفذون المخططات المتفق عليها ولايقتربون بإرهابهم من أراضيها أما إذا أصيب الفاشيست الإخوان بالجنون وعارضوا مصالح أسيادهم فى الولايات المتحدة فالدبابة الأمريكية ستراهم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة