القطار القديم
القطار القديم


«عملية تجميل» في السكة الحديد.. قطارات جديدة في خدمة المواطنين

آخر ساعة

الخميس، 10 ديسمبر 2020 - 09:33 ص

سائق: حصلت على دورات فى أمريكا للتعامل مع الجرارات الحديثة

يُدرك ركاب القطارات الروسية الجديدة الفارق الكبير بينها وبين نظيرتها القديمة التى أصابها التهالك، وغابت عنها يد الصيانة لسنوات طويلة.

وبمناسبة تشغيل 6 قطارات جديدة «عربات روسية وجرارات أمريكية»، قامت «آخرساعة» بجولة داخل قطار ينطلق من القاهرة إلى أسوان للتعرف على آراء المواطنين بشأن مستوى الخدمات المتاحة فيه، حيث أكدوا جميعاً حدوث تغيُّرٍ ملموس، بما يؤكد نجاح ما يمكن تسميته بـ«عملية التجميل» التى خضعت لها سكك حديد مصر.

حالة نظام تشهدها «محطة مصر»، فمشهد الزحام عند الدخول من البوابة الرئيسية المطلة على ميدان رمسيس فى القاهرة لم يعد موجوداً، حيث جرى تخصيص بوابة للدخول وأخرى للخروج، فيما ينتشر رجال الشرطة على مداخل ومخارج البوابات ولا يسمحون بمخالفة هذا النظام مطلقاً، ويطبقون التعليمات بحذافيرها على الجميع، بمن فيهم موظفو هيئة السكة الحديد.


فى تمام الساعة الثامنة والنصف صباحاً تواجدنا داخل «محطة مصر». خضعنا لكافة الإجراءات الأمنية وتأكد رجال الشرطة من ارتدائنا الكمامة، وطلبوا وضع حقيبة مصوِّر المجلة على جهاز الـ«إكس راى»، المخصص للكشف عن المفرقعات، وعند دخولنا بهو المحطة لفت انتباهنا وجود عدد من الموظفين التابعين للهيئة يمسكون بكراسى متحركة لمساعدة كبار السن، وتوصيلهم إلى القطار أو إلى خارج المحطة.. على مدار الأشهر الماضية، كانت وزارة النقل تسلمت عدداً من القطارات الجديدة المصنعة فى روسيا إلى جانب جرارات أمريكية الصنع، ولذا توجهنا إلى رصيف رقم 9 للتعرف على آراء المواطنين بشأن هذه القطارات، وكان مقرراً وصول أول قطار من الدفعة الجديدة التى دخلت الخدمة أخيراً، فى تمام الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وهو القطار رقم 1004 (القاهرة ــ أسوان)، الذى وصل فى موعده بدقة.


قطار نظيف
يقول جاد عبدالله، ابن محافظة سوهاج: «الخدمة جيدة، ومستوى النظافة أكثر من رائع، وإن كانت المشكلة هى ضرورة أن أحجز تذكرة كاملة من القاهرة إلى أسوان رغم أنى سأنزل فى سوهاج، لذا أناشد وزير النقل الفريق كامل الوزير أن يحل هذه المشكلة لأننى أدفع تذكرة لمسافة أطول من التى استخدمها».


على مقربة منه، وقف مجموعة من الشباب يلتقطون صوراً تذكارية لهم داخل العربات الجديدة، وقالوا «إحنا أول مرة نشوف قطار بهذه النظافة، ونتمنى أن تكون كل القطارات جديدة وعلى نفس المستوى، حتى دورات المياه نظيفة».


فى السياق ذاته، قال مؤمن راضي، من محافظة المنيا: «أول مرة فى حياتى أركب قطاراً، لأنى واخد فكرة سيئة عن قطارات الصعيد، وكل ما أسمعه من أقاربى اللى بيسافروا دائماً بالقطار أنه زحام، ولا توجد به شبابيك أو أبواب، وإن وُجِدت فى بعض القطارات فهى متهالكة، ودائماً يتم تركها مفتوحة وتعرِّض حياة الركاب للخطر، لكن أقاربى شجعونى على أن أستقل القطار الروسى الجديد، وبالفعل وجدته مميزاً، ومستوى الخدمات به جيدة، وأنا متقدم لإحدى الكليات العسكرية، وأسافر أكثر من مرة أسبوعياً بين المنيا والقاهرة، وغيرت فكرتى السيئة عن القطارات.


مفيش تزويغ
سألنا سيدة عن مدى انتظام مواعيد القطارات، فقالت: «المواعيد انتظمت بشكل كبير، والمواطنون ملتزمون بحجز التذاكر، ففكرة التزويغ من الكمسارى لم تعد موجودة الآن، لأن الراكب لا يريد أن يعرِّض نفسه لدفع غرامة إضافة إلى ثمن التذكرة، خصوصاً أن هناك كمسارية يصعدون القطارات فجأة للتفتيش على التذاكر»، وأشادت السيدة الخمسينية بالإضاءة داخل العربات الجديدة، مقارنة بنظيرتها القديمة التى لم يكن بها إضاءة من الأساس، فضلاً عن شعورها بالأمان داخل القطار الجديد لأن أبوابه تكون مغلقة أثناء الرحلة».. بينما طالب محمود عبدالمعطي، ابن محافظة أسوان، بزيادة عدد القطارات الجديدة، حيث إن العدد الذى دخل الخدمة قليلٌ، ولا يوجد إلا موعد واحد أو اثنان للقطارات الجديدة، فى الصباح الباكر، أو نهاية اليوم قبل منتصف الليل، وباقى اليوم القطارات القديمة هى التى تعمل، وفى أحيان كثيرة يكون مضطراً للسفر ظهراً أو عصراً ولا يجد فرصة سوى الركوب فى القطار القديم الذى وصفه بأنه «متهالك».


شاشة الأعطال
خلال جولتنا التقينا سائق أحد القطارات الروسية الجديدة، والذى قال: اختيارى للعمل سائقاً لهذا القطار لم يكن سهلاً، حيث إننى خضعت للعديد من الاختبارات، وبعد اجتيازها حصلت على دورات تدريبية فى أمريكا أيضاً للتدريب على آلية التعامل مع التقنيات الحديثة الموجودة فى الجرارات الجديدة المستوردة من الولايات المتحدة، فهذا الجرار به إمكانيات هائلة، ووسائل الأمان فيه عالية، ونظامه حديث، وأفضل شيء أن أعطاله تكاد تكون منعدمة، ما يكون له أثر كبير فى تقليل الحوادث، حيث توجد شاشة رقمية تظهر الأعطال وتحددها بما يساعدنا على سرعة التعامل معها.
حالة الحمَّامات المزرية داخل القطارات كانت مشكلة مزمنة تواجه الركاب على مدار سنوات طويلة، لكنها أصبحت شيئاً من الماضى مع تطوير دورات المياه والاهتمام المكثف بنظافتها وتطهيرها باستمرار لتجنب تفشى الأمراض.


ولا يختلف الأمر كثيراً داخل كافيتريا القطار الروسى الجديد، فالشركة الوطنية التابعة للسكة الحديد تخصص مكاناً داخل القطار تشغل فيه أربعة كراسى، وتقدم للركاب المشروبات والعصائر والنواشف. وتمتاز الكافيتريا بنظافتها، كما أنها تقدم خدماتها بأسعار مناسبة.

وداعاً للأعطال والحوادث

مئة وثلاثة قطارات روسية جديدة وصلت إلى مصر من إجمالى صفقة كبيرة تضم 1300 عربة، ستصل تباعاً على مراحل خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى 100 جرار أمريكى الصنع ويبقى فقط 10 جرارات تنتظرها مصر لإتمام الصفقة مكتملة، فى إطار خطة تطوير شاملة لقطاع السكة الحديد.


ولم تكن النظافة فقط هى أبرز ما يميز هذه القطارات، إذ ثمة مزايا أخرى عديدة على المستوى التقنى وعنصر الأمان الذى لم يكن متحققاً بالدرجة الكافية فى العربات أو الجرارات القديمة.


خطة التطوير تضمنت أيضاً العمل على إعادة تأهيل القطارات القديمة، إذ جرى تأهيل 81 جراراً، وكذا توريد قطع غيارٍ طويلة الأجل لمدة 15 سنة شاملة الدعم الفني، والتى تبلغ تكلفتها الإجمالية 602.05 مليون دولار، وسبق ووقعتها هيئة سكك حديد مصر مع شركة GE Transportation.


وستشكل الجرارات الجديدة دعماً كبيراً لقوة الجر فى السكة الحديد، وستسهم أيضاً فى انتظام جداول تشغيل الرحلات وتحسين الخدمة المقدمة لجمهور الركاب، وتلبية طلبات مستخدمى السكك الحديدية، بما يواكب الحاجة المتزايدة لقطاع نقل قادر على إحداث التنمية.


وتعد صفقة العربات الجديدة الأضخم فى تاريخ سكك حديد مصر، وقد جرى توقيعها بين هيئة السكك الحديدية المصرية وشركة ترانسماش الروسية الممثل للتحالف الروسى المجرى بقيمة مليار و16 مليونا و50 ألف يورو، ديناميكية، وأن صفقة الـ1300 عربة جديدة للركاب تشمل 800 عربة مكيفة (500 درجة ثالثة مكيفة وهى خدمة جديدة تُقدم للركاب للمرة الأولى فى تاريخ سكك حديد مصر، و180 درجة ثانية فاخرة و90 عربة درجة أولى فاخرة و30 عربة بوفيه مكيفة)، و500 عربة درجة ثالثة بتهوية ديناميكية، يذكر أن إجمالى عدد العربات التى وصلت حتى الآن ١٥١عربة.


من جانبه، يقول وزير النقل الفريق مهندس كامل الوزير: «الجرارات الجديدة يجرى تركيبها مع العربات الجديدة التى تصل تباعاً، وذلك فى إطار خطة التشغيل الجديدة التى تعتمد على تشغيل قطارات مكوَّنة من جرارات وعربات كلها جديد للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للركاب، حيث يجرى تشغيل 3 قطارات جديدة شهرياً، لتحقيق عدة مزايا أبرزها تعظيم منظومة النقل لزيادة عوائد هيئة السكك الحديدية المالية وتوفير الوقود، وتقليل الازدحام على الطرق البرية التى تتكلف مبالغ باهظة لصيانتها نتيجة المرور الكثيف لسيارات نقل البضائع الثقيلة، علاوة على الأثر البيئى الجيد الذى ينجم عن تقليل حجم الملوثات، إضافة إلى تحسين مستوى الخدمات للركاب.

الغرامة والحبس فى انتظار المخالفين

الحفاظ على القطارات الجديدة مسألة مهمة وضرورية لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي، التى كانت سبباً فى سرعة تهالك عربات الركاب بسبب غياب الصيانة الدورية، وكذا سلوكيات بعض المسافرين. لكن خطة التطوير الشامل لمنظومة السكة الحديد وضعت ذلك فى اعتبارها، فقد أرسى القانون المنظم لعمل السكك الحديدية، عقوبات تتراوح ما بين الحبس والغرامة، للركاب المخالفين، وأعلنت الهيئة قائمة بهذه المخالفات لتعريف الركاب بها، منعا للوقوع تحت طائلة القانون.


وتصل غرامات السكة الحديد على ركاب القطار إلى 200 جنيه، حيث كانت هيئة السكة الحديد أعلنت تفعيل عقوبات جديدة على المخالفات التى يرتكبها بعض الركاب، وأكدت أن تفعيل العقوبات جاء حرصاً على سلامة الركاب، وتأتى أنواع وقيمة العقوبات الجديدة على النحو التالي: الانتقال بين الأرصفة من الأماكن غير المخصصة لذلك غرامة قدرها 70 جنيها، ودخول المحطات بدون لبس الكمامات الطبية (70 جنيها)، وعدم المحافظة على التباعد الاجتماعى (70 جنيها)، والعبث بالمعدات والأجهزة الخاصة بالقطارات أو تعطيل حركاتها على الخطوط (200 جنيه)، وحمل أى مواد قابلة للاشتعال (200 جنيه)، والنزول أو الصعود من وإلى القطارات أثناء مسيرها أو من الأماكن غير المخصصة لذلك (50 جنيها)، والتدخين داخل عربات القطارات أو بين طرقاتها (70 جنيها).


وتعد الصيانة الدورية للقطارات والجرارات ضرورية كجزء من عملية الحفاظ عليها. وفى هذا الإطار يناشد عبدالفتاح فكرى رئيس النقابة العامة للعاملين بالسكة الحديد، المواطنين بالحفاظ على مرفق السكة الحديد، لأن الدولة دفعت مليارات الجنيهات لتحسين الخدمة للمواطن، مشيراً إلى أنه لضمان الحفاظ أيضاً على الجرارات والعربات الجديدة من قبل الهيئة يتم إجراء الصيانات والعمرات فى وقتها المحدد، حيث يتم عمل عمرة خفيفة مرة كل 3 شهور وعمرة جسيمة كل عام، وكذلك اتباع الطرق الصحيحة للصيانة ويتم الإصلاح بقطع الغيار الأصلية.


ويشير رئيس النقابة إلى وجود ورش إنتاجية خاصة بإنتاج مهمات العربات مثل ورش أبوزعبل وورش العباسية وهى تصنع الشبابيك والأبواب والفرامل، كما توجد ورش صيانة مثل ورشة كوم أبوراضى فى محافظة بنى سويف، وهى أكبر ورشة عمرة لعربات ركاب، وهناك أيضاً ورش للفرز فى محافظة القاهرة ودورها صيانة العربات الفرنساوى والألمانى، وأيضاً ورش أبو غاطس للفرز، ومن ورش صيانة الجرارات توجد ورش عنابر بولاق فى السبتية وهى أكبر ورشة لصيانة وعمرة الجرارات.


وطالب فكرى بضرورة وجود برامج توعية للمواطنين بمختلف وسائل الإعلام تطالبهم بأهمية الحفاظ على مرفق السكة الحديد، وإبراز الغرامات والعقوبات التى نص عليها القانون، كما يجب تكثيف حملات الشرطة لمنع الباعة الجائلين من الصعود للقطارات حفاظاً على نظافتها.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة