الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية
الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية


المفتي: علينا مواجهة ما تروجه الجماعات المتطرفة.. والتكاتف للتغلب على كورونا

إسراء كارم

الخميس، 10 ديسمبر 2020 - 11:52 ص

قال فضيلة الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن من الأمور المهمة اللازمة للصناعة الإفتائية إدراك الواقع بعوالمه المختلفة؛ عالم الأشخاص، وعالم الأشياء، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار والنظم، وعلى القائمين بشأن الإفتاء أن يدركوا مدى أهمية معرفة التغيير الشديد والسريع الذي يحدث ويؤثر على واقع الناس وحياتهم، وما يقع للناس من حوادث ونوازل متجددة.

 
وأضاف فضيلته أن ما حل بالعالم الآن من الوباء المعروف بفيروس كوفيد 19 المشتهر باسم كورونا هو مصاب جلل يهدد واقع البشرية وأمنها وسلامتها واستقرارها ومستقبلها، ولا بد للخروج من هذه الأزمة أن نتكاتف جميعا حكومات وشعوبا ومؤسسات على مستوى العالم حتى نتجاوز هذه الأزمة بسلام.


جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في أعمال الدورة الـ 16 للمنتدى الإسلامي العالمي عبر تقنية الاتصال المرئي، والتي تقام تحت عنوان" "ثقافة اللقاء: الأخلاق الدينية في فترة الجائحة"، الذي ينظمه مجلس شورى المفتين لروسيا، بروسيا الاتحادية، وذلك بمشاركة عدد كبير من كبار العلماء ورجال الدين والشخصيات الثقافية من عدد كبير من دول العالم.


أما عن دور المؤسسات الإفتائية، أوضح فضيلة المفتي أنه يقع عليها عبء كبير جدا في ترسيخ ونشر القيم الإسلامية العريقة في التراحم والتكافل الاجتماعي، فلا ينبغي أن يقنع السادة القائمون على شأن الإفتاء ببيان الحكم الشرعي بوجوب الأخذ بالإجراءات الصحية الاحترازية التي تحد من انتشار العدوى، أو أن توضح الحكم الشرعي في تعليق الجمع والجماعات عند اشتداد انتشار الوباء، بل يجب أيضا أن نهتم جميعا بالجانب القيمي والاجتماعي على المستوى الإنساني وليس على المستوى الإسلامي فقط، لأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين، بل ما أرسل إلا رحمة للعالمين، فنشر قيم التراحم والتكافل ومد يد العون والمساعدة ودعم الأبحاث العلمية والتجارب الطبية التي تسهم في محاصرة هذا الوباء والقضاء عليه، هو وظيفة أساسية من وظائف السادة العلماء والمفتين؛ وهذا تحقيقا لقول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2]، وتحقيقا لمضمون قوله تعالى: {ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} [الحجرات: 13].
 


وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن التراحم قيمة إنسانية وإسلامية عظيمة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لا يرحم لا يرحم)، وروى الترمذي وأبو داود في سننيهما عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى؛ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله ﷺ يقول: جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه).


وأوضح أن هذه الأحاديث الشريفة التي قالها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في صفة الرحمة، ترشدنا إلى ضرورة أن تكون الرحمة صفة عامة بين جميع الخلائق، لا بين جنس وجنس، ولا بين أبناء دين واحد، ولا بين أبناء عرق واحد أو بلد واحد، وبشمول الرحمة يكون التعاون صادقا ومثمرا وعائدا بالنفع والخير على الإنسانية جمعاء.


وأكد مفتي الجمهورية أنه لا بد كذلك أن نعي ضرورة مواجهة ما تروجه الجماعات المتطرفة الإرهابية من أن التكافل والتراحم ينبغي أن يكون صلة بين المسلم والمسلم فقط، بناء على عقيدة الولاء والبراء الفاسدة التي نشروها بين أتباعهم، فهذه الجماعات الإرهابية ترفض المبدأ القراني الكريم، وهو مبدأ التعايش السلمي الامن بين جميع أبناء الإنسانية، وتجعل الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي الصدام والحرب، ويشجعون أتباعهم على الإرهاب والصراع الدموي تحت دعوى الجهاد، ومن ثم فهم يحرمون أي نوع من التعاون أو التراحم أو التعايش أو التكافل بين المسلم وغير المسلم، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى أن تتحد الإنسانية وتظهر بمظهر الصف الواحد، وأن يقف أبناء الجنس البشري كله بإخلاص صفا واحدا لمواجهة هذا الوباء القاتل الذي لم يترك دولة إلا دخلها، وأصاب وقتل الأعداد الهائلة من المواطنين فيها، وسبب إرباكا لأقوى الأنظمة الطبية على مستوى العالم، ومن ثم فإنها وإن كانت أزمة شديدة حلت بنا جميعا فكان من الممكن أن تكون فرصة ذهبية لشعوب العالم أجمع من أجل مد جسور الثقة والتعاون والمحبة في كافة المجالات التي تساعدنا على الخروج من خطر هذا الوباء الفتاك.

 

وتوجه فضيلة المفتي في ختام كلمته بالشكر إلى الشيخ راوي عين الدين رئيس مجلس شورى المفتين في روسيا، وإلى السادة العلماء المشاركين في هذا المؤتمر، داعيا الله تعالى أن يكلل جهودهم جميعا في هذا المؤتمر وغيره من الاجتماعات الرامية لصالح البشرية بالتوفيق والنجاح، وأن يرفع عن العالم كله هذا الوباء المهلك، وأن يرزق الناس جميعا الصحة والعافية، وأن يعيننا على نشر قيم التراحم والتكافل والتعايش والأمن والسلام بين أبناء البشرية جميعا في مشارق الأرض ومغاربها.

 

اقرأ أيضا|

تعقيم الترام وأتوبيسات النقل العام بالإسكندرية ضد كورونا| صور

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة