يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

وصف مصر

يوسف القعيد

الخميس، 10 ديسمبر 2020 - 06:25 م

الماضى الحى لا يسكن صفحات التاريخ. لكنه يعيش معنا. وعلى مدى الأسبوع الماضى عشت وقائع مصر وفرنسا. من تلك العلاقات الباهرة التى ربما تجولت فى نتاج العقل الإنسانى. لكن لا يقول لى أحد إنها توقفت أمام الحملة الفرنسية على مصر.
أى احتلال مرفوض. حتى بالنسبة لمن يقومون به. وأفضل من كونه مرفوضا غير مبرر ولا يمكن الدفاع عنه. ومن قاموا به عليهم أن يخجلوا من ذلك الفعل الذى قام أجدادهم بإتيانه قبل سنوات طويلة. الحملة الفرنسية على مصر. لكنه حدث له بعد ثقافى نادر. وقد ترك لنا حتى اللحظة التى أكتب فيها هذا الكلام مجلدات وصف مصر التى تتحدث عن كل مكان فى مصر فى تلك الأيام.
هذه الحملة قام بها المغامر نابليون بونابارت. الحملة الفرنسية 1798 - 1801، رغم وصفها بكلمة حملة، ورغم البعد العسكرى الموجود فيها والذى شمل التخطيط لها وفكرتها والهدف منها. إلا أننا إذا اعتبرنا أن الأمور بخواتيمها تحسب وليس بالنوايا. فإن هذه الحملة تركت لنا مجلدات مهمة عنوانها: وصف مصر.
لا يزايد علىَّ أحد. فإحساسى ببلدى بتاريخه وحاضره ومستقبله مسألة لا تقبل لا الجدل ولا النقاش ولا أى شىء. ولكن من يستطيع أن يقول إننا يمكن أن نطوى صفحات الماضى ونعتبرها كأنها لم تكن. ونعتذر لما جرى فيها بيننا وبين أنفسنا. وهذا الاعتذار - حتى لو تم - لا يقدم ولا يؤخر. فالتاريخ ملىء بالأحداث الجِسام والويلات التى لم تستطع صفحاته أن تخفى ما فيها. ولا أن تصرف النظر عما وقع للناس من مظالم فى تلك الفترات البعيدة من تاريخنا.
تخيل معى لو لم يأتِ نابليون بونابرت إلى مصر حتى لو قلت غازياً. وأنا أقول لك فاتحاً وصديقاً ومُحباً للشعب المصرى. ويكفى أن تقرأ ما كتبه نابليون عن المصريين فيما بعد. وعن محاولاته رؤية أجمل ما فيها والتعامل مع ما يمكن أن نفخر به حتى الآن.
على الرغم من أن البعض سيقول لى إنه غازٍ ومحتل. وأنا سأقول له نعم غازٍ ومحتل. ولكن الأهمية ماذا فعل لنا وبنا ومن أجلنا هذا الغازى المحتل فى السنوات التى قضاها بيننا؟.
من الصعب عندما تتعامل مع التاريخ أن تضع مشاعرك بينك وبينه. وأن ترفض أو تقبل. مع تسليمى أن الرفض والقبول يقوم على أسباب وطنية صرفة. ولا بد منهما. ولكنى كثيراً جداً ما سألت نفسى لو لم تأتِ هذه الحملة الفرنسية إلى مصر كيف كان سيكون حالنا وتقدمنا وقدرتنا على العمل والاعتماد على أنفسنا؟.
يجب ألا ننسى أن المحتل يشكل تحدياً للشخصية الوطنية المصرية. حدث هذا فى كل التاريخ. وعبَّر عن نفسه بأكثر من صورة وأكثر من شكل. لكن ما قاله تويمبى بتعبير التحدى والاستجابة يلخص ما تعبت كثيراً جداً وصولاً إلى ما أريد قوله.
كان هناك تحدٍ فيما قام به المحتل. وكانت هناك استجابة فيما أبدعه المصريون. وهكذا وجدنا أنفسنا أمام تجربة فريدة فى تاريخنا. لا أبرر الاحتلال. ولا أدافع عنه. ولكن هذه كلمة حق كان لا بد أن تقال.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة