د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

العنف ضد الرجل

د.محمود عطية

الخميس، 10 ديسمبر 2020 - 07:11 م

رغم تعالى الأصوات والمؤتمرات المتوالية التى تجأر وبشدة لنجدة المرأة وإنقاذها من هذا العنف الرجالى المتزايد.. لا أظن أن إحدى هوايات الرجل هى العنف ضد المرأة..وعامة العنف ضد المرأة لا ننكره.. لكن ما ننكره وما نتعجب منه تلك النظرة الضيقة للمشكلة ورؤيتها من زاوية واحدة.. زاوية تتعامل مع الظاهر وهى الولولة من عنف الرجل وتناميه دون النظر للأسباب الحقيقية التى تساهم فى صنع هذا العنف بل وتربط بين العنف والرجولة.
وبداهة، النظر لجبل الجليد يحجب عنا الرؤية كاملة..ولا أحسب أن هناك كائنا من كان يستطيع أن يرى من كل الزوايا.. فنحن كبشر محكومون برؤية محددة تجعلنا فى حاجة ماسة لرؤى أخرى.. أى نحتاج لرؤية الآخرين للمشكلة لتتضح الصورة وتظهر جوانبها كاملة والمخفية علينا بطبيعتنا البشرية التى لا تدرك الصورة كاملة.
بداية بات معلوما أن السلوك الإنسانى جزء لا يستهان به مُكتسب من البيئة..من هنا نرى أن عنف الرجل ضد المرأة طبيعى ومبرر وليس شاذا عن ثقافة تربى عليها صنعت سلوكه وشكلته.. فهو نتاج طبيعى لثقافة تربت وترعرت عبر آلاف السنين ووضعت المرأة فى منزلة أقل بكثير من الرجل لمجرد أنه ذكر..وفسرت العديد من المأثورات والأقوال لصالح الرجل ووحدانيته فى الكون..وتصل الجرأة بهذه الثقافة بأن تجعل المرأة أحد متاع الدنيا وآلة جنسية للرجل وليست النصف الآخر المكمل للحياة.. وعبر الإعلام يتم المناداة بالعنف ضدها فيتقول أحدهم عبر وسائل الإعلام قائلا:( إن ضربَ الزوجةِ أمرَ الله به لشجبها وتأديبها، هو أحنا حا نكون أحن على النساء من الله)..حتى الأمثال الشعبية تشجع على العنف ضد المرأة (اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24).
ومن الزاوية النفسية يرى علماء النفس ان عنف الرجل غالبا ما يرجع لما يتعرض له فى مراحل تنشئته فى الأسرة والبيئة المحيطة..كما يمكن أن عنفه قد ينتج عن الشعور بالغضب الذى يُسبّبه الإحباط واليأس الذى يتعرّض له علاوة على عدّة عوامل نفسية أخرى، كالشعور بالقهر والإحساس بالدونية والعجز الذى قد يتعرّض له فى مكان عمله أو غيره وعدم قدرته على الردّ على مصدر إحباطه..!
كما يمكن أن تكون المرأة سببا فى تزايد العنف ضدها مثلا حين تخاف من الرجل نفسه ومن المجتمع ونظرته لها فتضطر للسكوت عن العنف الممارس ضدها..وأحيانا تسكت لإيمانها لعدم وجود من يدافع عنها أو يحميها.. كما أن خوف معظم النساء من اللجوء للمحاكم وتقديم شكاوى بسبب قناعتهنّ بعدم وجود قوانين رادعة للعنف، إضافةً للضغط العائلى الذى قد تتعرّض له المرأة فى حال تقديم شكوى ضد الرجل، وأحياناً قد يُجبرها الزوج على التنازل عن كامل حقوقها سواءً القانونية أو الشرعية.
العنف الحقيقى هو وصم الرجل بالعنف ضد المرأة دون التعامل مع الأسباب التى تجعله مضطربا يحتاج لعلاج نفسى غير عنفه ضد المرأة.. والعنف هو تجاهل الأسباب وعدم محاولة إزالتها حتى يمكن إكساب الرجل سلوكيات متوازنة ترفض العنف كأحد الحلول للتعامل مع المرأة..ونكسب المرأة قوة برفضها العنف الممارس ضدها وكأنه أمر طبيعى لابد من قبوله..عنف الرجل يا سادة هو نتيجة لابد من التعامل مع أسبابها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة