امال عثمان
امال عثمان


أوراق شخصية

غزة مونامور .. والحب تحت الحصار

آمال عثمان

الجمعة، 11 ديسمبر 2020 - 06:50 م

لم يكن يخطر على ذهنى أن الحدود المصرية الفلسطينية، التى ظلت مصدرا لرياح التطرف والإرهاب، يمكن أن تحمل لنا عملا سينمائيا شديد البساطة والعمق والذكاء، وأن قطاع غزة معقل منظمة حماس، يمكن أن تخرج من بين أشواكه وقروحه، حالة إبداعية تسطع فوق شاشات المهرجانات السينمائية، لكن فيلم «غزة مونامور» للتوأم الفلسطينى «طرزان وعرب ناصر» تجاوز كل توقعاتى وخالف ظنوني، واستحق أن يحصد جائزة أفضل فيلم عربى مناصفة فى مهرجان القاهرة السينمائي.
ورغم بساطة العمل الذى يدور فى إطار اجتماعى رومانسى يحتفى بالحب، ويجعل منه حالة وجودية بدونها تصبح الحياة جحيما لا يطاق، إلا أن الفيلم يعكس صورة واقعية عميقة للمعاناة اليومية التى يعيشها سكان غزة، ويجسد حلم الشباب فى الهروب من جحيم هذا السجن الذى بات يفتقد لأبسط مقومات الحياة الإنسانية، ويصور الأوضاع المتردية بسبب الفقر والقهر، وانتهاك حقوق وكرامة المواطن، من سلطات حماس الأصولية المتشددة فى الداخل، والحصار الاسرائيلى المفروض عليه من الخارج، فلم تغب السياسة عن أحداث الفيلم المرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، لكنها جاءت متوارية خلف سخرية لاذعة، ومواقف كوميدية جريئة، تكشف ما وراء الشعارات الاستعراضية، والأغانى الحماسية التى تستخدمها السلطة لخداع أنصارها.
والتوأم الفلسطينى وجدا ضالتهما فى واقعة حقيقية حدثت قبل 6 سنوات، حينما عثر أحد الصيادين على تمثال من البرونز لـ «أبوللو» إله الشمس عند الإغريق، أمام شاطئ دير البلح فى غزة، لكنه اختفى فى ظروف غامضة بعد قيام السلطات الأمنية بمصادرته، ومن تلك الواقعة نسج المخرجان سيناريومحبوكا يسرد قصة «صياد» أعزب بوهيمي، فى العقد السادس، يقتحم قلبه الحب دون استئذان، لكنه يخجل أن يبوح للأرملة التى أحبها ويراها فى أحلامه بمكنون فؤاده، وخلال المحاولات العديدة الفاشلة للاعتراف بحبه لها، يعثر على تمثال «أبوللو» داخل الأميال البحرية المحدودة، وأثناء انشغال الجنود بإعداد الطعام، يقوم بتهريبه عبر نقطة الحدود واخفائه بمنزله، لكن السلطات الأمنية تصادر التمثال وتتهمه بسرقته، وهنا تبدأ مجموعة  مفارقات كوميدية وإسقاطات سياسية، صنعها المخرجان بخفة ظل وذكاء، وساهم الأداء البارع للممثل سليم الضووالفنانة هيام عباس، فى إضفاء عمق  وصدق على الشخصيات، كما لعبت الموسيقى دورا مميزا فى مراحل الفيلم المختلفة.   
ضاع حلم الرجل فى الاحتفاظ بالصيد الثمين الذى منحه البحر إياه، لكنه ظل ممسكا بحلم الزواج من المرأة التى أهدت قلبه الحب والأمل، ووهبت فؤاده معنى مختلفا للوجود.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة