أحمد سامح
أحمد سامح


الكلام المباح‫!‬

بهلول المجنون وهارون!

أحمد سامح

الجمعة، 11 ديسمبر 2020 - 06:57 م

جنازة كبيرة لصديق عزيز دخلنا بها المقابر والكل فى صمت مهيب لوداع الصديق الغالى ولكنى لاحظت شيئاً اثار اعجابى فقد وجدت كل المقابر كتب على شواهد جدرانها عبارة واحدة وهى: «دار البقاء» وهو اعتراف بحقيقة ازلية يعرفها الجميع ويحاولون ان يتناسوها ولا تخطر على بالهم إلا فى وداع احد الأحبة وكأن ما قاله المطرب الشعبى عمرو سعد فى أغنية كلماتها غاية فى الروعة اسمها «بصرة» والتى قال فيها: «عيان بيشيل فى ميت « فكلنا هذا الشخص أموات تشيع أمواتاً وهنا حضرتنى هذه القصة الطريفة بين بهلول والسلطان هارون الرشيد:
يحكى أن بهلول كان رجلا مجنونا فى عهد الخليفة العباسى هارون الرشيد.
ومن طرائف بهلول أنه مر عليه الرشيد يوما وهو جالس على احدى المقابر.
فقال له هارون معنفا: يا بهلول يا مجنون متى تعقل؟
فركض بهلول وصعد إلى أعلى شجرة، ثم نادى على هارون بأعلى صوته: «يا هارون يا مجنون متى تعقل»؟
فأتى هارون تحت الشجرة وهو على صهوة حصانه وقال له: أنا المجنون أم أنت الذى يجلس على المقابر؟
فقال له بهلول: بل أنا عاقل!
قال هارون: وكيف ذلك؟
قال بهلول: لأنى عرفت أن هذا زائل وأشار إلى قصر هارون.. وأن هذا باق وأشار إلى القبر، فعمرت هذا قبل هذا، وأما أنت فإنك قد عمرت هذا «يقصد قصره» وخربت هذا «يعنى القبر» فتكره أن تنتقل من العمران إلى الخراب مع أنك تعلم أنه مصيرك لا محالة، وأردف قائلا: فقل لى أينا المجنون؟
فرجف قلب هارون الرشيد من كلمات بهلول وبكى حتى بلل لحيته وهو يقول: «والله إنك لصادق»!
ثم قال هارون: زدنى يا بهلول فقال بهلول: يكفيك كتاب الله فالزمه.
قال هارون: «ألك حاجة فاقضيها»؟
قال بهلول: نعم ثلاث حاجات إن قضيتها شكرتك!
قال هارون: فاطلب.
قال بهلول: أن تزيد فى عمرك قال هارون: لا أقدر قال بهلول: أن تحمينى من ملك الموت.
قال هارون: لا أقدر.
قال بهلول: أن تدخلنى الجنة وتبعدنى عن النار قال هارون: لا أقدر.
قال بهلول: فاعلم أنت مملوك ولست ملك ولا حاجة لى عندك.
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التى كانت قبل الموت بانيها فإن بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها.
اللهم احسن ختامنا جميعا.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة