ميراث الدم والنار
ميراث الدم والنار


«ميراث الدم والنار»

أخبار اليوم

الجمعة، 11 ديسمبر 2020 - 09:05 م

كتبت/ فاطمة عبدالوهاب

لم تشفع صلة الدم التي تجمعهما في إثنائه عما يخطط له.. سيطرت عليه أفكار زينها له شيطانه ولم تفلح حتى جلسات الصلح التي عقدتها العائلة في حل الخلاف الواقع بينه وبين ابن عمه حول قطعة أرض كانت ضمن تقسيم الميراث الذي تم بين أفراد العائلة.

كانت قطعة الأرض محل الخلاف ملكاً لكبير العائلة وعندما توفي تم التقسيم بالتساوي بين الأبناء فوقعت هذه الأرض في نصيب «حمدى» بينما أخذ ما يقابلها «خيري» ابن عمه لكنه رأى أنه أحق بها لأن والده عمل طوال عمره في فلاحة هذه الأرض كما أنها تجاور إحدى الأراضي التي يملكها فأراد أن يضمها إليه.

 لم يوافق «حمدي» على ذلك مما أثار حفيظة «خيري» وتشاجر معه مدعيا أن هذه الأرض حق والده الذي قضي سنوات عمره في خدمتها كما أنها أكبر مساحة من تلك التى خصصت له وبما أنه الأكبر سناً فمن حقه أن يأخذها.

لم يرغب حمدي فى التخلي عن هذه الأرض ورأى أنها نصيبه الذي يستحقه وفقا لقسمة العدل، ولكنه ذهب لترضية ابن عمه «خيرى» في منزله وابلغه أنه غير غاضب منه لأنهما إخوة من الصغر، وأخذ يذكره بطفولتهما معا وذكرياتهما ودراستهما معا.. وكيف أنهما لم يفترقا ولم يكونا أبدا أعداء.. وعرض عليه أن يزرع عنده فى أرضه المحصول الذي يريد وقتما يشاء لكن بشرط أن تظل الأرض باسمه وأن هذا أقصى ما يستطيع تقديمه له ليشعر أنهما شخص واحد وانه لا يعز شيئا عنه لكن الحق أحق أن يتبع.


أنهى كلماته وعرضه الكريم لكنه فوجئ «بخيرى» يثور ويصف عرضه بأنه يتفضل عليه من خيره وماله مؤكدا أن هذه الأرض ملكه هو ووالده وطلب منه أن يبادله الأرض بما يملك أو يكون هذا آخر ما بينهما الى الأبد.. حاول «حمدى» تهدئته دون جدوى وفوجئ به يطرده من بيته وهو يوسعه ضربا.. دافع «حمدى» عن نفسه خرج حزينا إلى الطرقات وذهب الى أحد أصدقائه وقص عليه ماحدث وأبلغه كيف كان خيرى بالنسبة له صديقا ثمينا وليس مجرد ابن عم وانه بمثابة الملاذ الآمن له وأن معه مفاتيح طفولته ويعلم كل ما يبهجه ويحزنه بل وانه أصطفاه واستودعه كل أسراره وكشف امامه كل الثقوب والجراح التى خلفها فيه الآخرون.. وتساءل كيف يمكن ان ينسى كل هذا من اجل إرث وفروق مادية لا تذكر؟!..


واساه صديقه بأنه لا بد وأن خيري سيهدأ ويعرف خطأه وانه حتما ستعود المياه لمجراها.. دعا حمدى بذلك وانصرف مهموما.
فى هذه الليلة بات حمدى يتمنى أن ينتهى هذا الخلاف على خير بينما بات خيرى يضم الشر.


ضلله تفكيره الى انتقام لعين من ابن عمه ونادى ابنه الأكبر وابلغه بالتخطيط الذى أعده وبأنه عليه الطاعة لأن الأرض كالعرض والشرف الذى لا يمكن التفريط فيه ولو لأقرب المقربين.. وافقه ابنه تربصا بحمدى ووضعاه تحت المراقبة لعدة أيام حتى علموا أنه فى هذه الليلة المشئومة سيعود مساءا فى ساعة متأخرة من احدى الزيارات العائلية وبالفعل تربصا به واثناء عودته مع زوجته وطفلته الصغيرة ظهر أمامه خيرى وولده من وسط الزراعات شاهرين أسلحتهما ذهل حمدى ولم يصدق ممن يصوب ضده السلاح وعاتب خيرى بأنه شقيقه الأكبر وان ما يفعله هو ضربا من الجنون وطلب منه أن يتناقشا فى الأمر فى وقت لاحق يكونان فيه بمفردهما حتى لا تخاف زوجته وطفلته وهم بالانصراف إلا أن الطلقات التى خرجت متلاحقة لم تمهله سقط حمدى وزوجته وابنته جثثاً هامدة وهرب الأب وابنه.

 وفي الصباح اكتشف الأهالي الجريمة وبدأت الشرطة في التحريات وكان خيرى يدعى الحزن على ابن عمه بل وأوهم الجميع أن القاتل هو من إحدى العائلات التى كان بينها وبينهم ثأر قديم انتهى بالتصالح منذ سنوات وبالفعل ذهبت الشكوك تجاههم إلا أنه أثناء التحقيقات شهد صديق حمدى الذى قص عليه الأمر يوم خرج المجنى عليه مطرودا من بيت خيرى.

 ومن هنا التقطت الشرطة طرف الخيط وبالضغط على خيري اعترف وتم إلقاء القبض عليه هو وولده وأحيلا إلى محكمة جنايات سوهاج التى قضت بمعاقبة الأب بالإعدام وبمعاقبة الابن بالمؤبد صدر الحكم برئاسة المستشار عماد النجدى وبعضوية المستشارين أحمد عبدالتواب وروميل شحاته. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة