رفعت سلام
رفعت سلام


البحث عن المصرى المفقود

أخبار الأدب

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020 - 05:37 م

 

أحمد بلبولة

هذه هى قصيدة سلام الفريدة الموقع عليها باسمه فى تاريخ الشعرية العربية؛ فالفكرة المركزية فى مشروع سلام الشعرى هى ضياع الهوية المصرية، وهى فكرة كانت سائدة فى الوقت الذى بدأ فيه سلام مشروعه، سائدة فى ديوان «بلوتولاند» للويس عوض، وفى كتابات سلامة موسى، وما تردد بعد ذلك فى الأروقة الأكاديمية تأسيسيًّا على فكر أمين الخولى من ضرورة رصد أدب المصريين، الأمر الذى لقى تجاوبا من حسين نصار فكتب كتابا عن ذلك، والفكرة قديمة رفدتها دوائر الاهتزاز الثقافية لثورة 1919 واستجابات الكتاب والمفكرين كما أشار لذلك أحمد هيكل فى سيرته الذاتية أثناء تقييمه لكتاب «فى الشعر الجاهلي» لطه حسين، إذ رصد من مظاهر تأثر المثقفين بهذه الثورة إلى جانب هذا الكتاب كتاب «الإسلام وأصول الحكم» لعلى عبد الرازق، و«الأدب المصرى» لمحمد حسين هيكل.
 ومع نضوج الوعى يقدم سلام نفسه، وبخاصة فى دواوينه الأخيرة، مسكونًا بأشباح هذه القضية ويعبر عنها بطريقة أقرب إلى الهلوسة أو الاعتراف السيكولوجى لدى المرضى النفسيين على حد تعبير محمد عبد المطلب الناقد الكبير، أو كما أسميها أنا جريًا وراء دريدا حمى الأرشيف؛ فاللاوعى الحضارى يهذى والوعى الذاتى ينزف، وهما يعملان معا ويختلطان ببعضهما البعض: فى ديوان «حجر يطفو على الماء» يقاوم سلام التطرف الدينى بالأيقونات الفرعونية، يهذى وينزف حضاريًّا، ويرصع صفحات الديوان بهذه الأيقونات التعاويذ، وفى ديوان «أرعى الشياه على المياه» يتحدث عن ثورة يناير ويحاول الإجابة عن سر ضياعها وتبددها ويختلط الواقعى بغير الواقعى والتاريخى بالمعيش والمقدس بالأسطورى فى درس فريد من دروسه الفنية الخالدة فى كتابة المناسبة؛ وإجمالا فإن قانون عمل أرشيف سلام يعمل وفق مبادئ ثلاث هى: ذاكرة تستعيد لتتذكر وذاكرة تستعيد لتنسى، والحركة التدميرية فى التعامل مع التراث، والمبدأ الأرخونى أو التخلص من سلطة الأب.
إن سلام فيما اختطه لنفسه من منحى رفضى فريد فى تاريخ الشعرية العربية متأثرا فى ذلك بلويس عوض وصلاح عبد الصبور يمثل بما قدمه قفزة خارج السياق حاولت ونجحت فى تأسيس قصيدة جديدة بإيقاعها وطريقة كتابتها وعرضها، ضاربًا بذلك المثل فى كيف يكون العمل الجاد، واضعًا بسلوكه وممارسته شروط الاجتهاد، ومموقعًا ذاته كمثقف قدوة يرشد أمته زهدًا ونبلًا وترفعًا حتى يستطيع أن يقول ما يريد وما يؤمن به بعيدا عن التوازنات وأخلاق المحاصصة.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة