صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


الخروج دون اتفاق «الهاجس الأكبر».. خسائر البريطانيين من وداع الاتحاد الأوروبي

أحمد نزيه

الخميس، 17 ديسمبر 2020 - 03:37 م

الأيام تمضي، ولا جديد تحت شمس بريكست المظلمة إلى حد اللحظة، ما ينذر بسيناريو مجهولٍ غير مأمون العواقب لسكان المملكة المتحدة، الذين سيجدون أنفسهم خارج الاتحاد الأوروبي بصورةٍ رسميةٍ بعد أسبوعين من الآن.

وانقضت أشهر الفترة الانتقالية الأحد عشر لخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي سريعًا، وبات الجميع يترقب أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية الجديدة بشيءٍ من الحيطة، المصحوبة بالريبة من مضي الأمور بسلامٍ مع بداية العام الجديد.

وحينما تدق ساعة "بج بين" في عاصمة الضباب لندن، أجراس الساعة الثانية عشر ليلأ من مساء الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر الجاري، لن يكون هذا إيذانًا ببدء العام الجديد في بريطانيا فحسب، بل سيصبح الأجل المؤجل منذ سنتين بانفصال المملكة المتحدة عن التكتل الأكبر في القاترة العجوز.

ولا يلوح في الأفق خروجٌ سلسٌ لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فمباحثات اتفاق "بريكست" لا تزال معلقةً، وسط حالة من التشاؤم البائن حول إبرام اتفاق اللحظات الأخيرة بين الطرفين، حتى وإن حاول زعماء الجانبين إخفاء ذلك.

مباحثات غير مجدية

واجتمع الزعماء الأوروبيون في العاشر والحادي عشر من شهر ديسمبر الجاري، في قمة بروكسل، التي أرداوا من خلالها التوصل لاتفاقٍ نهائيٍ حول بريكست قبل أيامٍ من حلول موعد مغادرة بريطانيا التكتل.

لكن المباحثات لم تفضِ جديدًا، واستمرت المباحثات إلى يوم الأحد الماضي، الذي اعتُبر حاسمًا، لكن رئيس الوزراء البريطانية بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اتفقا على منح فرصة جديدة للمفاوضات في الأيام التالية.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس الأربعاء، إن مفاوضات بريكست تشهد تقدمًا، مشيرةً إلى أن إبرام اتفاق تجاري بين الجانبين لمرحلة ما بعد الخروج البريطاني، مفتوحة أمام كل الاحتمالات.

وينتظر بريطانيا الآن سيناريوهان لا ثالث لهما، إما الخروج من الاتحاد الأوروبي باتفاقٍ أو وداع بروكسل من غير اتفاقٍ.

مميزات مفقودة

وفي كلا الحالتين سيفقد البريطانيون بعض المميزات، إلا أن الخروج من دون اتفاقٍ سيكون محفوف المخاطر بدرجةٍ كبيرةٍ.

ومع حلول الأول من يناير المقبل، لن يكون بوسع المواطنين في بريطانيا حرية التنقل بين بلدان الاتحاد الأوروبي السبعة وعشرين، سواء تم الخروج أو بدون اتفاق.

ومن المقرر أن تطبق بريطانيا نظام هجرة قائمًا على النقاط لمواطني الاتحاد الأوروبي.

وبالنسبة للمكالمات الهاتفية، لا يُمسح لشركات خدمة الهواتف المحمول بفرض رسوم إضافية على العملاء، عند إجرائهم مكالمات بين دول الاتحاد الأوروبي، وذلك بموجب قوانين الاتحاد الأوروبي.

فعلى سبيل المثال، عند إجراء مكالمة هاتفية من إسبانيا لشخص آخر يُقيم في ألمانيا، تكون تكلفة المكالمة هي نفسها عند القيام بالاتصال بين شخصين يقيمان في إسبانيا أو ألمانيا.

كان هذا الأمر ينطبق على بريطانيا، لكن مع خروج بريطانيا بصورةٍ رسميةٍ، فإن البريطانيين سيواجهون تكلفة أكبر بكثير عند الاتصال بأشخاص في دول التكتل الأوروبي، إلا إذا توصلت شركات خدمات الهواتف المحمولة في دول الاتحاد الأوروبي لاتفاقٍ مع نظيراتها في بريطانيا.

وبالنسبة لتلقي البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي العلاج بصفتهم مواطنين عاديين، فهذا لن يكون متاحًا بدءًا من الأول من يناير.

وحاليًا يجب على أي شخص بريطاني يُقيم في أحد بلدان الاتحاد الأوروبي الحصول على بطاقة تأمين صحي أوروبية مؤقتة من الحكومة البريطانية، وستنتهي صلاحية هذه البطاقات اعتبارًا من بداية العام المقبل.

هواجس الخروج من دون اتفاق

أما حال الخروج من دون اتفاق، فإن الوضع سيكون معقدًا للغاية، خاصةً أن ذلك بدأ يؤثر على العملة المحلية في بريطانيا "الجنيه الإسترليني"، الذي بدأ يهوي أمام كلٍ من اليورو والدولار الأمريكي.

وحسب وكالة فرانس برس، سجل الجنيه الإسترليني، الجمعة الماضية، مزيدا من الخسائر وتراجع بأكثر من 1% مقابل الدولار بعد تصريحات جونسون عن أن فرص عدم التوصل لاتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكست "مرجحة جدًا".

كما توقع بنك إنجلترا المركزي، حدوث "اضطرابات" في الخدمات المالية بعد الفترة الانتقالية، خاصة وأن تداولات يومية بنحو 200 مليار دولار في عقود مبادلة لأسعار الفائدة في لندن، ستتأثر بالتزامات بشأن المكان الذي يمكن أن تتم فيه التداولات.

وحال لم يتم التوصل لاتفاقٍ أيضًا، سيتعين على الشركات البريطانية البدء في دفع الرسوم الجمركية على السلع، التي يتم شراؤها وبيعها عبر حدود الاتحاد الأوروبي، كما تفعل الدول الأخرى التي لا تربطها اتفاقيات تجارية مع الكتلة، وبالتالي العمل بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية.

هذا الأمر ينذر بأزمةٍ داخليةٍ في الأسواق البريطانية، نتيجة عجز عدد من الشركات عن الحصول على السلع والمواد الغذائية في التوقيتات المناسبة، مما يسبب أزمة نقص في الإمدادات الغذائية والعلاجية في المملكة المتحدة.

وفي غضون ذلك، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز"، يوم الأحد الماضي،  أن وزراء بريطانيين نصحوا المتاجر الكبرى بتخزين المواد الغذائية وسط احتمالات لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق وسط مخاوف من حدوث نقص في الإمدادات الغذائية على وجه التحديد.

وأضافت الصحيفة أن الوزراء طلبوا من شركات توريد الأدوية والأجهزة الطبية واللقاحات تخزين ما يعادل استهلاك ستة أسابيع في مواقع آمنة في بريطانيا.

ولا يزال البريطانيون يأملون في تلافي كل هذه السيناريوهات حال الخروج من دون اتفاق، وذلك من خلال تصول لندن وبروكسل لاتفاقٍ يُنهي ثلاثة سنوات من الجمود في المباحثات.

اقرأ أيضًا: بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. أيام تدارك الفرص الضائعة بشأن «بريكست»

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة